طباعة هذه الصفحة

بعد “الملك” خالد.. الحكم على “الأمير” مامي بالسرقة الأدبية

“الشاب رابح” .. المغمور الذي زعزع عرش “مملكة الراي”

أسامة إفراح

 

حكم القضاء الفرنسي على الشاب مامي بثبوت السرقة الأدبية في عدد من الأغاني التي عُرف بها، حيث حكمت المحكمة الابتدائية في باريس على مامي وشركة “إي أم آي” للإنتاج الموسيقي بدفع 200 ألف يورو، على خلفية تهمة سرقة جزء على الأقل من كلمات أغنيات عدة ألفها رابح زهر الدين المعروف فنيا باسم “الشاب رابح”.. وهو الإسم الذي عرفناه من خلال قضية مشابهة مع الشاب خالد.
واعتبرت المحكمة أنه يجب رد الإعتبار للشاب رابح المؤلف الوحيد لأربع أغنيات أداها الشاب مامي، ويتعلق الأمر بـ: “لو راي سي شيك” و«ما ظنيت” و«ما في دو فوا” و«قلبي قلبي”، كما أنه مشارك في كتابة كلمات أغنية “ديزرت روز” أي وردة الصحراء التي أداها مامي مع الفنان العالمي البريطاني ستينغ.
ويضيف ذات المصدر الإعلامي بأن “مقارنة تحليلية” بين النصوص “المترجمة من العربية إلى الفرنسية” خلصت إلى وجود “تشابه كبير”، بعدما لاحظ خبير على سبيل المثال “أربعة من أصل خمسة” مقاطع في أغنية “ما ظنيت” للشاب مامي مستوحاة من نص أغنية “عمري” للشاب رابح، كذلك الأمر بالنسبة لأغنية “أنت دركي أنت دوا” التي أصبحت “ما في دو فوا” (حياتي مرتين) للشاب مامي. وجاء في نص الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في باريس أنه “لا جدال في أن زهر الدين خسر فرصة تحقيق شهرة كبيرة بفعل نجاح الأغنيات التي كتبها في الواقع”.
هذه المقارنات أدت بالمحكمة إلى الحكم على الشاب مامي وشركة “إي أم آي” بدفع 100 ألف يورو للشاب رابح زهر الدين بالتكافل والتضامن كتعويض للضرر المعنوي الذي لحق به، وبدفع مبلغ 100 ألف يورو كتعويض لانتهاك حقوق الشاب رابح المعنوية كمؤلف.

في البدء كان الكينغ خالد
ونحن نقرأ برقية وكالة الأنباء الفرنسية، حول الحكم على مامي، أثار انتباهنا تكرار اسم “رابح زهر الدين” في هذه القضية، وهو الذي ورد اسمه في قضية مشابهة منذ أشهر، كان بطلها خالد حاج براهيم المعروف بالشاب خالد، وأغنيته “دي دي” التي حققت هي الأخرى نجاحا وشهرة عالميين.
أدانت محكمة باريس العليا، “ملك الراي” الجزائري “الشاب خالد” بتهمة سرقة أغنية “ديدي” التي حققت نجاحاً عالمياً مطلع التسعينيات، وجاء ذلك بعد اتهام مغنٍّ يُدعى “الشاب الرابح” للشاب خالد، بسرقة ألحان أغنية ديدي الشهيرة من أغنية له، حسب ما أوردته وسائل إعلام فرنسية.
حيث حكمت المحكمة على “الشاب خالد” بردّ كل حقوق النشر الخاصة بلحن الأغنية لـ«الشاب رابح”، اعتباراً من جويلية 2003، بالرغم من أن تسويق الأغنية بدأ منذ 1991، نظراً لأن هذه المخالفة قد سقطت بالتقادم جزئياً. كما حكم على “الكينغ” بدفع تعويضات تقدر بـ200 ألف يورو، مقابل الضرر المعنوي، حيث اعتبرت المحكمة أن “الشاب رابح” الملحن الأصلي لأغنية “ديدي”، قد “فقد فرصة في تحقيق شهرة كبيرة ربما كانت تنتظره”، وهي نفس الخلاصة التي خرجت بها المحكمة في قضية الشاب مامي، خاصة وأن “دي دي” حققت رواجا واسعا، واحتلت مراتب متقدمة في سباق الأغاني في كل من فرنسا، بلجيكا وإسبانيا، إضافة إلى الدول الآسيوية، وقد تمّ إعادة غنائها بأكثر من لغة في مختلف بقاع العالم، وكانت “ديدي” من ضمن الأغاني المشاركة في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم 2010 بجنوب أفريقيا.

هل سُلب الشاب رابح فرصة العالمية؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نعرف من هو الشاب رابح: رابح زهر الدين مغني راي، تردد على قاعات العرض في وهران منذ الثمانينيات، وربما قد يكون هو وخالد قد التقيا هناك في تلك الفترة، وحوالي 1986 – 1987 أصدر أول شريط كاسيت، وحفظ حقوقه في ديوان حقوق المؤلف بالجزائر، حسب قول محاميه الفرنسي.
أكد نصّا الحكمين الصادرين في صالح الشاب رابح، على أنه “خسر فرصة تحقيق شهرة كبيرة بفعل نجاح الأغنيات التي كتبها في الواقع”.. فهل فوّت رابح زهر الدين فعلا هذه الفرصة؟ ربما هو كذلك، ولكننا استمعنا إلى النسخة الأصلية لأغنية “دي دي”، التي ألفها الشاب رابح، ولاحظنا بالفعل التطابق الكبير في الموسيقى بين نسخته ونسخة خالد حاج براهيم، ولكننا استهجنا كلمات الأغنية الأصلية، كلمات أقل ما يقال عنها إنها غير لائقة، ناهيك عن الفرق الكبير في مستوى التوزيع الموسيقي بين النسختين (إذ لا يكفي اللحن وإنما يلعب التوزيع الموسيقي دورا كبيرا) وفهمنا، إلى حد بعيد، سبب نجاح “دي دي” خالد وبقاء أغنية الشاب رابح مغمورة، كما تساءلنا: كيف قبل ديوان حقوق المؤلف حينها كلمات مثل هذه؟ وإن كنا نؤكد على أن هذا الأمر ليس مبررا يسوّغ السرقة الأدبية.
هنالك أيضا دور الشركات المنتجة، ففي الوقت الذي بقي الشاب رابح يغني في الملاهي، سواء الجزائرية أو الفرنسية، تعاقد خالد ومامي مع كبريات شركات الإنتاج، التي وفرت كذلك أفضل العازفين وأوسع شبكات التوزيع، وهو ما ساهم إلى حد كبير في وصولهما إلى العالمية.

لماذا هذا التوقيت؟
يقول محامي رابح زهر الدين، أ.جون ماري غييو، إن موكله عانى على مدى 23 سنة، وهو يرى أعماله التي ألّفها تعرف رواجا كبيرا دون أن يكون له نصيب من هذا النجاح. وعن سبب انتظار كل هذا الوقت قبل اللجوء إلى القضاء، قال المحامي إن زهر الدين لم يسكت عن حقه، وتوجه إلى الصحافة الجزائرية (ذكر صحيفة لوماتان)، ولكن لم يستمع إليه أحد. ولما هاجر إلى فرنسا وجد نفسه في وضعية غير قانونية ودون وثائق، وهو ما منعه من اللجوء إلى المحاكم. وأكد المحامي أنه وموكله حظيا بأحسن استقبال من طرف الديوان الوطني لحقوق المؤلف، وسهل الحصول على الوثائق اللازمة للقضية. وأكد ذات المتحدث بأنه ما يزال يجهل القيمة المادية التي سيسترجعها زهر الدين من الشاب خالد، والتي تتعلق بحقوق تأليف الموسيقى فقط، وليس الكلمات كما هي الحال في قضية الشاب مامي.