سلطت “الشعب” الضوء على أبرز المدارس القرآنية بولاية قالمة، وهي « مدرسة الفتح القرآني» التي تعرف إقبالا كبيرا من الأولياء من أجل تسجيل أبنائهم فيها. في هذا الصدد، قالت صباح غموشي، رئيسة فرع الصنوبر، التابع لمدرسة فتح للتعليم القرآني، في حديثها لـ “الشعب”، إن المدرسة فتحت أبوابها منذ عامين، في سبتمبر 2013، ليضاف لها مؤخرا فرع في الصنوبر وكذا قسم النور التابع في الفوجرول الذي فتح أبوابه في الفترة الأخيرة بدراسة مكثفة تجمع كل الأعمار من 6 سنوات فما فوق.
وواصلت غموشي حديثها عن أهداف المدرسة قائلة: “طبعا الهدف الأول يكمن في نشر التعليم القرآني في قالمة وتحبيب الأطفال والنشء في حفظه وتعلم علومه والتأدب بآدابه وبأخلاقه وهذا ما نصبو إليه، أن ننشئ جيلا قرآنيا مطلعا على القرآن ومطبقا لما جاء به من أحكام”.
كما تكمن الأهداف التربوية للمدرسة القرآنية في تربية جيل مسلم على القرآن، تلاوة وأخلاقا ومنهجا، وكذا تنمية روح الاعتزاز لدى الطفل بإسلامه وهويته وشغله بمعالي الأمور، ما يساهم في تجنيبه الاهتمام بالعادات المشينة وتربيته على الأخلاق الحميدة، وأيضا تحصين المسلمين، لاسيما الصغار، من التيارات الفكرية المنحرفة. كما تفتح المدرسة القرآنية آفاقا جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن وحفظ ما تيسر منه.
و«من خلال المدرسة يستفيد الطلبة من دروس في القرآن تقدم بطريقة مشوقة وبإشراف أساتذة يتولون تقديم الدروس والحكم وتعليم العلم الشرعي، وكذا تقويم ألسنة الطلاب والعمل على إجادة النطق الصحيح للأحرف العربية، بما في ذلك حسن تلاوة القرآن الكريم وإحكام التأدية لحروفه من المنازل الرفيعة، والمواهب السَّنية التي ينبغي لقراء القرآن أن يرغبوا في الوصول إليها، فإذا سمع الطفل النطق الصحيح لحروف القرآن وكلماته من أستاذه ومعلِّمه حاكى ذلك وقلَّده، فيستقيم لسانه.
من ناحية الإقبال على المدرسة القرآنية، قالت صباح غموشي: “هناك إقبال كبير من طرف الأطفال منذ بداية العطلة الصيفية، لدرجة أنه تم تقسيمهم إلى أفواج حتى تستوعب الأقسام أعدادهم، وهناك مواظبة من طرف الكبار والصغار على دروس الحفظ، خاصة في الأحياء التي تشهد تواجد عدد كبير من الأطفال، فأصبحنا نرى هناك وعيا من طرف الأولياء، حيث يوجهون أبناأهم إلى المدارس القرآنية بدل اللعب في الشوارع طوال النهار تحت أشعة الشمس”.
وأضافت صباح: “مقارنة بباقي أيام السنة، نجد هناك تذبذبا، حيث يتركز الإقبال في العطل فقط، بالإضافة إلى تخصيص أفواج للمتفرغين والمتفرغات على مدار أيام الأسبوع، والهدف حفظ القرآن في مدة لا تتجاوز 3 سنوات”.
تكريم 40 طالبا بالمدرسة اليوم بالمركز الإسلامي
مدرسة الفتح في عامها الثاني، أضافت عدة مواد، إضافة لحفظ القرآن، مادة التفسير، ودورات أخرى موسمية، كدورة في شرح المتن الجزري للشيخ موفق العيون سورية، وكذا دورة في الأربعين النووية قدمها الأستاذ عمار رقبة شرقي مدير معهد إقرأ لتحفيظ القرآن وعلومه بالعاصمة.
كما نظمت مدرسة الفتح مسابقة قرآنية موزعة على مستويات مختلفة، لاقت إقبالا جيدا ونتائجها تعلن وتوزع الجوائز في الحفل الختامي لمدارس الجمعية الذي سيقام ليلة 28 رمضان الموافق لـ15 جويلية 2015 في المركز الإسلامي بجانب مسجد القدس بعد صلاة العشاء لتكريم 40 طالبا بالمدرسة.
وهي عبارة عن مسابقة علمية في الفقه الإسلامي، والسيرة النبوية، علوم القرآن وعلوم الحديث، أشرف عليها أساتذة ومختصون، وتشمل مستويين: مستوى أول وثاني وزعت على كل الراغبين في الاشتراك بالمسابقة والمنتسبين لمدرسة الفتح بكل فروعها.
كما أشارت المتحدثة صباح غموشي إلى أن أهم هدف حقق لحد الآن، حيث وجد التعليم القرآني صدى في أغلب المساجد وأخذ بعدا كبيرا في كل المساجد والجمعيات التي تقوم بالدور الرائد، كما أن المدرسة توسعت على أمل فتح فروع في كل البلديات.
تحدثت السيدة معلم رشيدة التي تملك شهادة لتحضير الإجازة برواية ورش عن عملها مع الأطفال، فقالت: “لا أرى سنّ الطفل يشكل صعوبة في فهم القرآن، فرغم صغر أعمارهم أرى فيهم الانضباط، ووميض أمل للمستقبل، يحتاجون فقط للرعاية الأبوية، فلابد أن يكون لهما دور فعال في ذلك، ونحن نقدم مجهوداتنا ونتبع نظاما صارما في الحفظ والمتابعة اليومية، حيث نتبع التلقين والرواية المعتمدة رواية ورش بصفتها شائعة، والطريقة التي نستعملها طريقة التلقين، كونهم غير مطلعين على دروس الأحكام التي نتطرق اليها في وقت لاحق.
كما دعت الأستاذة معلم رشيدة، إلى ضرورة تفعيل دور الأسرة المسلمة في نجاح التعليم القرآني للصغار، كون اهتمام الوالدين بالطفل وتربيته التربية الإسلامية الصحيحة سبب لتحقيق السعادة لهما وللمجتمع في الدنيا والآخرة؛ كما أنه ينشأ فردا صالحا ويعوّد ابنه الأدب والأفعال الحميدة، بتخصيص وقتهم لتلاوة القرآن الكريم وحفظه وتسميع، أو يختارون له معلما كفؤ يدرسهم القران أو يلحقونه بمدارس تعليم القران حتى ينشأ ببيئة تهتم بحفظ القرآن وتطبيقه.
وركزت على الحوافز الإيجابية، حيث قالت: “الأسرة هي الأرضية لتكوين الطفل لتجعل منه إنسانا وهي القاعدة لكل بناء مستقبلي... فبها يتحدد مسار الطفل من خلال التربية والتنشئة التي يقومان بها، وعلى الأسرة أن تعمل على تحفيز ابنها من خلال المكافأة واللعب والابتسامة بتدعيم سلوكه، كما على الأساتذة أيضا تدعيم دروسهم بالمسابقات التنافسية بين الأطفال.
طموح الطلبة في ختم حفظ القرآن الكريم
أما الأستاذة زدادرة لامية، أستاذة علوم شرعية بثانوية صويلح، عضو بالجمعية، تحدثت لـ “الشعب” عن نشاطها في الجمعية: “قمنا بتحضير أسئلة المسابقة وتصحيح إجابتها خلال هذا الشهر الفضيل. كما شاركنا بالندوات الفقهية وتفعيلها. ومن ناحية مستوى الطلبة تقول: معظم الأوراق نقاطها فوق 16، كما لا يغفل عن الجميع الآن المعلومة في متناول الجميع، لكن ما يهمنا على الأقل، التلميذ والطالب يقرأ ليرسخ في ذهنه حديث فقهي وهنا نقول حققنا الهدف وهو الاطلاع على المعلومة والقراءة.
كما اقتربت “الشعب” من الطلبة بالأقسام، حيث قالت الطالبة “أسماء غجاتي” بذات المدرسة: “شجعني والدي للانضمام إلى المدرسة القرآنية، حفظت 10 أحزاب وأطمح إلى ختمه”، في حين عبّرت “مشارى هبة” عن رغبتها في حفظ القرآن منذ الصغر وبعد فتح المدرسة القرآنية قررت أن تنضم إليها وتواصل تعلمها بعدما كانت من رواد المسجد للحفظ. كما قالت “للشعب” إن الرفقاء الصالحين يساهمون في المثابرة ومواصلة الحفظ والمنافسة الإيجابية.
كما عبّر أهالي الأطفال عن رغبتهم وحبهم لما يقدم بالمدرسة، أين قالت والدة الطالب محمد: “تعمل المدرسة على توعية النشء ليحملوا كتاب الله، فقد أشار العلامة ابن خلدون إلى أهمية تعليم القرآن الكريم للأطفال بقوله: والقرآن هو أول العلوم التي يتعلمها الصبي؛ لأنَّ تعليم الولد القرآن يكون سببا في رسوخ الإيمان، والقرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل من الملكات”.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه”.
...وختاما
وتبعا لهذا يصبح الطفل كلما سمع كلمة قرآن ومدرسة ومعلم قرآن، إلا تراءت له فكرة الحفظ، كما أنه يستفيد من الوسط الاجتماعي الذي يقوم بتكوين الوعي لدى الناشئة، ويغرس في أنفسهم ضرورة التطلع إلى المثل العليا، فلابد من العناية بحفّاظ القرآن الكريم بالمسابقات والتكريمات.
وطبعا هذا ما يعمل عليه الجميع، حيث يولي الجميع بالمدرسة اهتمامهم نحو تشجيع التنافس على حفظ القرآن الكريم بين الطلاب والطالبات في مسابقات على أساس اختيار المتميزين ليحملوا الكتاب الله الكريم في صدورهم، ومكافأتهم بالجوائز في الحفل الختامي.