تعمل الجماعات الإرهابية ومن يقف وراءها على إجهاض اتفاق السلم والمصالحة في مالي، الذي تم التوقيع عليه نهائيا شهر جوان الماضي بالعاصمة المالية بماكو، بكل الوسائل والطرق وذلك من خلال هجمات دموية تستهدف كلّ من ساهم في إنضاج هذا المسار السلمي أو في متابعة وضمان تطبيق بنوده على الأرض وذلك على غرار بعثة «مينوسما» التي قتل خمسة من أفرادها، الخميس، في هجوم إرهابي تبنّاه تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
هذا وقد قضى الجنود الخمسة التابعون لقوة حفظ السلام الأممية في مالي في هذا الهجوم الإرهابي بعد وقوعهم في كمين على الطريق الرابط بين غوندامم وتمبوكتو. وبحسب ما أوردت وسائل إعلام، فإن الجماعة الإرهابية التي نفذت الاعتداء، استغلت عبور قافلة من قوات حفظ السلام من جنسية بوركينابية كانت تقل جنود البعثة إلى مدينة تمبوكتو بغرض الاسترخاء والاسترجاع نهاية الأسبوع، لتباغتهم بهجوم بالقذائف والأسلحة الثقيلة ما خلف ستة قتلى و9 جرحى في صفوف أفراد البعثة الأممية كلهم من جنسية بوركينابية. كما أسفر الهجوم عن تدمير عدد من العربات التابعة للبعثة ليصل عدد أفراد بعثة «مينوسما» الذين قضوا منذ بداية مهمتها في مالي إلى 43 قتيلا و163 جريح.
هذا ويأتي هذا الهجوم الإرهابي بعد أقل من أسبوع على إصدار مجلس الأمن الأممي لللائحة 27/22 القاضية بتمديد مهمة «مينوسما» إلى غاية جوان 2016 وذلك بمصادقة أعضائه بالإجماع.
كما جاءت هذه الهجمات وسط تحذيرات أطلقها المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي لمالي ومنطقة الساحل بيار بويويا من تدهور الوضع الأمني في مالي، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت مدنيين في ماسينا ونارا...إلخ.
المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي، أشاد كذلك بالتوقيع على اتفاق السلم والمصالحة في مالي، داعيا جميع الأطراف إلى الإسراع في تطبيق بنوده على الأرض. في الأثناء شرعت لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق التي ترأسها الجزائر وأوكلت أمانتها العامة إلى بعثة «مينوسما» عملها، حيث قامت هذه الهيئة بتنصيب بعض اللجان، من بينها لجنة تحرير وكتابة مشروع يتعلق بالقانون الداخلي ولجنة ثانية مهمتها متابعة آليات تنفيذ الاتفاق، وثالثة مهمتها توفير الوسائل اللوجيستية والإمكانات اللازمة لسير هذه الهيئة التي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في استكمال مسار السلم والمصالحة من خلال السهر على تنفيذ بنود الاتفاق وهي مهمة لا تقل صعوبة وتعقيدا عن المراحل التي سبقت التوصل إلى هذا الإنجاز التاريخي.
الأكيد، أن اتفاق السلم والمصالحة في مالي أزعج الكثيرين، خاصة أولئك الذين يريدون ويعملون لكي تبقى مالي ومنطقة الساحل عموما في حالة فوضى مزمنة وبقاء المناطق الرمادية التي تفلت من رقابة الدول والحكومات التي توفر حاضنة للجماعات الإرهابية التي تنفذ مخططات، تتقاطع فيها مصالح حكومات تنشط مخابراتها في المنطقة مع الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة لتنفيذ أهداف سياسية وجيو استراتيجية لا تجني منها المنطقة إلا الفوضى والدمار.