هل تقتنع الشعوب والدول التي تساند الإرهاب بشتى أشكاله، عن طريق التمويل والدعم ودفع الفدية، بأنه سرطان خبيث ينمو ويكبر في جغرافية الأوطان، يهدد تاريخها وأمنها ومستقبلها، يفكك منظومتها ويخلخل وحدتها الترابية، الإرهاب الذي أخذ يكبر بشكل مثير على جسد الدول، لم تعد تكفيه المضادات الحيوية كالإدانات والتنديد فكبر الورم إلى أن أصبح أوراما متعددة، كداعش، بوكو حرام، القاعدة، حركة الجهاد والتبليغ، وغيرها من الأورام الداعشية الدموية التي استطاعت أن تتكاثر بالمؤيدين والأتباع والمغرر بهم، والباحثين عن المال، والمغسلة عقولهم بالجنة والحور عين، هذه الأورام التي عاثت في الأرض فسادا لم يغنها في تماديها الإجرامي، الدين ولا العرق ولا الجنس ولا الوطن الواحد، بل تمادت في دماثتها تقربا إلى الله زلفى حسب زعمهم.
إن تفكيك الوحدة الترابية للدول من شأنه أن يساعد على تكاثرها، فهي تجد في اللااستقرار مناخها المفضل، للولوج إلى عقول الشباب ومنحهم صكوك الغفران، ووثائق الشهادة المسبقة نحو جنة الخلد والتاريخ يروي لنا أحداثا حية سواء في العراق وسوريا وحتى في الشقيقة ليبيا التي استطاع فيها الإرهاب أن يسيطر على مدن بأكملها، ويغير خارطتها السياسية والأمنية، وهنا يجدر بنا طرح السؤال، بل الأسئلة الكثيرة عن هذه الحركات الإرهابية، من أين جاءت؟ لماذا يزداد حجمها وتعدادها؟ أمام كل الوسائل المسخرة لمحاربتها؟ وإدانتها عبر المنابر الأممية والدولية وتجريم الفدية وغيرها، وفي هذا المقام، من باب التذكير أن المقاربة الجزائرية في محاربة هذه الآفة كانت وستظل مرجعا يجب الوقوف عندها، والعودة إليها عندما تظل السبل، ولا أظنها سوف تتوه بعيدا، فهي حتما ستعود إلى الأطروحات التي قدمتها الجزائر في هذا الشأن بحكم التجربة والخبرة في التصدي ومحاربة الإرهاب إلى تجريم الفدية وصولا إلى ميثاق السلم والمصالحة الذي غير مجرى الحياة وكان نموذجا في تحقيق السلام والاستقرار.
الإرهاب الذي ضرب شواطئ البحر في تونس.. وقتل قوات حفظ السلام في الصومال.. وأجهض بلد الحريات بفرنسا.. وأقام دولته الافتراضية في مدن العراق.. وهدم حضارة زنوبيا بالشام.. وفجر المنتجعات بمصر.. وقصف المساجد بالكويت والسعودية.. وقضى على أحلام الأمم للعيش في أمن وسلام.. هو نفسه الإرهاب الذي ضرب الجزائر في تسعينيات القرن الماضي محاولا دحرها… لكن بسالة جيشنا الوطني الشعبي وشجاعة المخلصين من أبناء الوطن قاوموا هذا الفصيل السرطاني مدركين أنه داء لا يحتاج لعلاج بقدر ما يحتاج إلى استئصال نهائي.
ما يحدث اليوم من تراجيديا الإرهاب في دول الجوار وفي العالم، تتطلب عملا كبيرا بتكاثف الجهود وتحديد المسؤوليات وقطع الأيادي، التي تحاول المساس بأمن الشعوب واستقرارها، ولو قيد أنملة، ومادون ذلك فستظل دموع الحيارى والثكالى تذرف إلى أجل مسمى!