غداة الهجوم الدموي الذي ضرب قطاع السياحة التونسي وخلّف مصرع 39 شخصا أغلبهم سيّاح أجانب، تحركت السلطات التونسية بحزمة إجراءات إستعجالية قصد تعزيز الأمن وتطويق أي تهديد إرهابي محتمل.
حيث دعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد عقب إجتماع خلية التنسيق الأمني والمتابعة التي عقدت، في ساعة متأخرة من ليل الجمعة إلى السبت بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل والخارجية والشؤون الدينية، جيش الإحتياط لدعم المؤسستين العسكرية والأمنية في حربهما على الإرهاب، وأمر بفتح تحقيق وإجراء تقييم شامل للواقعة وتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وهذه المرة الثالثة التي تدعو فيها تونس جيش الإحتياط حيث كانت المرة الأولى في العام 2011 والثانية في العام 2014 لتأمين الإنتخابات التشريعية والرئاسية.
كما قررت اللجنة - حسب الصيد- وضع مخطط استثنائي لتأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية ونشر وحدات من الأمن السياحى على كامل الشريط الساحلي وداخل الفنادق بداية من جويلية المقبل.
وتقرر إعلان جبال «سمامة» و»مغيرة» و»ليلة عيشة» و»ورغة» مناطق «عسكرية مغلقة بما يسهل عمليات التدخل وملاحقة الإرهابيين» مع تكثيف الحملات والمداهمات لتتبع الخلايا النائمة والعناصر المشبوهة بالتنسيق مع النيابة العمومية ووفق القانون.
كما تمت الدعوة لتنظيم مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب خلال شهر سبتمبر 2015 بمشاركة كافة مكونات المجتمع المدنى والأحزاب والمنظمات مع رصد مكافات مالية لكل من يدلى بمعلومات تمكن من القبض على عناصر إرهابية.
وتشمل قرارات خلية التنسيق الأمني والمتابعة غلق كل الجوامع والمساجد الخارجة عن القانون وعددها 80 جامعا وذلك خلال أسبوع واحد والشروع في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأحزاب والجمعيات المخالفة للدستور بما في ذلك إجراءات الحل بالإضافة إلى إعادة النظر فى المرسوم المنظم للجمعيات خاصة في ما يتعلق بالتمويل واخضاعها لرقابة الدولة نفاديا لأي شكل من أشكال تمويل الإرهاب.
هذا وانعقد مجلس الأمن القومى التونسي للنظر في إجراءات إضافية مع اعتبار خلية التنسيق الأمني والمتابعة في حالة انعقاد مستمر.
وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي قد دعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات «موجعة» لمكافحة الإرهاب، حاثا التونسيين على ضرورة التوحد للوقوف في وجه هذه الظاهرة. وأضاف أن تونس تعرضت لضربة في الصميم، وإنها ستواصل حربها على الإرهاب.
وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي الهجوم الذي نفذه أبو يحيى القيرواني، وهو طالب متخرج من الجامعة من محافظة سليانة شمال غربي تونس، تمكن من الوصول إلى الهدف رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
إدانة واسعة
كردّ فعل على ما أصاب تونس، نظمت جمعيات أهلية مسيرات رفع المتظاهرون خلالها شعارات ضد الإرهاب، ودعوا للوحدة الوطنية، كما عبر المجتمع الدولي عن صدمته للهجوم الغادر وأعرب عن مساندته للشعب التونسي في حربه ضد الإرهاب.
وفي هذا الإطار أدان الإتحاد الإفريقي الإعتداء الشنيع في سوسة،وأعرب على لسان رئيسة مفوضية الإتحاد نكوسازانا دلاميني زوما عن دعمه الكامل لجهود الحكومة التونسية في مكافحتها للإرهاب.
وبعد أن ذكرت «برفض» الإتحاد الإفريقي لكل الأعمال الإرهابية والتطرف العنيف جددت عزم إفريقيا على بذل كل الجهود لوضع حد لهذا التهديد، ودعت إلى التطبيق الفعلي للقرارات المصادق عليها والآليات الإفريقية والدولية المتعلقة بهذا الشأن.
بدوره أدان أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي العمل الارهابي»الخسيس» الذي استهدف أحد الفنادق السياحية بمدينة سوسة الساحلية، كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي قال أنها لن تضعف تصميم المجتمع الدولي على مكافحة الإرهاب وأنه لن يكون لها أثر إلا تقوية عمل الأمم المتحدة في مكافحة أولئك الذين لا يريدون غير القتل والتدمير وإبادة التطور الإنساني والحضارة الإنسانية.
وأعربت بدورها سبانيا والنرويج والمكسيك وبنما وواشنطن والاتحاد الأوروبي والكثير من الدول عن وسخطها عقب هجوم سوسة، مؤكدة أنها تشاطر أسر الضحايا وسلطات وشعب تونس وجميع البلدان التي كان مواطنوها ضحايا هذه الأفعال الهمجية الإجرامية حزنهم العميق مجددة تضامنها الكامل مع السلطات التونسية في كفاحها ضد الإرهاب.
الهجوم على فندق «إمبريال مرحبا» لم يصب الضحايا فقط وجلّهم سيّاح بريطانيون، وإنّما أصاب القطاع الاقتصادي التونسي في مفصل والدّليل أن السياح بدأوا يحملون حقائبهم ويغادروا ما يعني أن مداخيل البلاد أصبحت على المحك والوضع الاجتماعي سيتضرّر أكثر، الأمر الذي يتطلّب دعما دوليا وتكاثفا لدعم تونس في معركتها الصعبة ضد الإرهاب.
وقد قامت شركات سياحية بريطانية أمس بإجلاء سائحيها من تونس، في حين صرح ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أن بلاده يجب أن تستعد لاحتمال سقوط عدد كبير من البريطانيين ضحايا هذا الهجوم الوحشي في سوسة.
وأرسلت شركات تومسون وفيرست تشويس البريطانية للسياحة عشر طائرات لإجلاء رعاياها الذين أصابهم الرعب واستعجلوا ترحيلهم.
وأعلن كاميرون إثر اجتماع أزمة امس أن البلاد «يجب أن تستعد لاحتمال سقوط عدد كبير من البريطانيين بين ضحايا الهجوم الوحشي في تونس».
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون «أتوقع زيادة (عدد الإصابات بين البريطانيين)» وأضاف «معظم الناس كانوا بريطانيين وكان يوجد عدد كبير من البريطانيين الذين حوصروا في إطلاق النار».
وأورد مسؤولو الرحلات إن عشر طائرات تابعة لتومسون إيروايز توجهت إلى تونس لإعادة جميع زبائن الشركات من ميناء القنطاوي وسوسة وعددهم الإجمالي نحو 2500 شخص.
وقال مسؤولو شركات السياحة أنهم سيلغون جميع رحلات تومسون وفيرست تشويس إلى تونس المقررة الأسبوع الحالي وان التعديلات قد تجري في حجوزات العطلات إلى تونس حتى 24 جويلية مع زيادة الرحلات إلى الرأس الأخضر ورودس وجران كناريا كبدائل.