وجد التنظيم الإرهابي «داعش» في ليبيا، أرضا مناسبة لتوسيع إجرامه المدعم من أكثر من جهة من مختلف مناطق العالم. فقد بدأ في درنة وانتقل لاحقا إلى سرت وهو ما مثل مصدر قلق محلي وإقليمي ودولي بسبب ما تحويه ليبيا من ثروات طبيعية وموقع استراتيجي.
يعود اختيار داعش ليبيا مركزا لنشاطه الذي تمدد في بلدان العالم العربي، مستغلا الصراعات والانقسامات فيها إلى مساحة البلاد الشاسعة وإطلالها على جنوب أوروبا وقربها من الساحل الإفريقي جغرافيا وكذا حجم ثرواتها الهائلة، بالإضافة إلى شبه انهيار الدولة فيها.
وقد بدأ التواحد الداعشي يتبلور أواخر السنة الماضية بعد أن قام البغدادي بتعيين الأنباري قائدا للعمليات في ليبيا وظهر التنظيم في درنة في أكتوبر من السنة الماضية، حيث كان يتجول في شوارع المدينة بعض أفراد التنظيم، قبل أن يسيطر عليها بالكامل لاحقا وتمدد إلى أن وصل إلى مدينة سرت التي نظم فيها عرضا عسكريا ضخما بيّـن فيه عتاده العسكري. ويتبع تنظيم داعش أسلوب الترويع والترهيب، حيث بين أسره لـ٢١ مواطنا مصريا تم ذبحهم كالنعاج وكرر المشهد مع إعدام ٢٨ أثيوبيا في وقت سابق من السنة الجارية، فضلا عن مسؤولياته عن قيامه بتفجيرات عديدة في عدة مدن ليبية، هذا التوسع أثار قلق دول الجوار، نظرا للحدود الواسعة المشتركة، فضلا عن القلق الدولي النابع من هجمات «داعش» المتكررة على الحقول والموانئ النفطية في ليبيا.
وقد وفر غياب التسوية السياسية في ليبيا وغياب إرادة الأطراف المعنية بالصراعات المسلحة المتفاقمة لتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، اكتساح المزيد من المناطق ولا سيما تلك التي تحتوي على النفط، الأمر الذي جعل الحكومة المؤقتة تطالب المجتمع الدولي بتحرك سريع ورفع حظر التسليح عن الجيش الليبي قبل فوات الآوان. فهل سيستجيب العالم لتلك المطالب، أم أن التهاون الدولي في كسر مشروع داعش في سوريا والعراق، هو نفسه الذي يسمح بانتشاره في ليبيا والمنطقة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.