استمتع سهرة أول أمس جمهور بشطارزي، بالتركيبة المسرحية “مسار الذاكرة” والتي قدمت على ركح المسرح الوطني الجزائري، معلنة عن انطلاق الطبعة الـ10 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، حيث جالت المسرحية بالمتفرجين في تاريخ أبي الفنون وتطوره عبر العصور، فضلا عن تاريخ المسرح الجزائري.
المسرحية قدمت في طابع جديد امتزج فيه العمل الفني بالموسيقى، حيث جسدت “مسار الذاكرة” لمخرجها عمر فطموش تركيبة مسرحية مميزة، رافقتها المجموعة الصوتية للأركسترا السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو أمين قويدر، وبمشاركة نخبة من الفنانين من مختلف المسارح الجهوية.
التركيبة المسرحية أثارت انتباه الجمهور الحاضر، الذي وقف على عمل فني مختلف، رحل به إلى العصور الغابرة، وسط ديكور مسرحي هائل مواكب لتلك المراحل الخاصة بالمسرح اليوناني، والإغريقي، وصولا إلى المسرح الجزائري حيث استذكرت المسرحية عمالقة الفن الرابع أمثال محمد توري، محي الدين بشطارزي، ولد عبد الرحمن كاكي.. وآخرون كان لهم الفضل في بروز أبي الفنون.
عمر فطموش أكد بأن “مسار الذاكرة” عبارة عن جولة في تاريخ المسرح الجزائري والعالمي، مشيرا إلى أن العمل الفني هو فرجة مسرحية ليس لها حدود، امتزجت فيها مختلف الأشكال الفنية، قائلا “قدمنا مسرحا بمعناه الحقيقي وبمفهومه الكبير، حيث يتداخل فيه العمل الفني بالموسيقى”، مضيفا بأن ميزته هو التعامل المباشر مع الجوق الوطني بقيادة المايسترو أمين قويدر، وهوما ينم ـ حسب فطموش ـ عن المجهود الكبير المبذول، والذي تطلب عملا تقنيا سواء من الناحية الموسيقية أوالعمل مع الفرقة المسرحية والجوق الوطني.
وقال مخرج المسرحية بأنهم حاولوا خلال الدورة الـ10 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف تقديم لمسة فنية جديدة تختلف عن الدورات السابقة والخروج عن المعتاد.
وفي ذات السياق، ولدى افتتاحه الدورة الـ10 لمهرجان المسرح المحترف، أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، في كلمة ألقاها نيابة عنه الأمين العام بالوزارة إسماعيل بولبصير، حرصه الكبير على إنجاح هذا الموعد الثقافي الهام، مشيرا إلى أن الدورة العاشرة تعكس القدرات الفنية الهائلة التي تزخر بها الجزائر لأجل النهوض بالفن الرابع.
وقال ميهوبي بأنهم يسعون لأن تكون التظاهرة عرسا ثقافيا يستقطب فنانين ومخرجين ونقّاد، يلتفون حول مائدة المسرح لتقديم النقد البناء، خدمة للفن والثقافة.
من جهته، أكد مدير المسرح الوطني الجزائري ومحافظ التظاهرة محمد يحياوي، على تميز الدورة الـ10 للمهرجان، والتي تنم ـ حسبه ـ عن جهود القائمين عليه، وجهود أعضاء المهرجان السابقين، والذين كان لهم الفضل في الوصول إلى الدورة الحالية، ويصبح له مكانته على المستوى الوطني، يلتقي من خلاله فنانون وكتّاب ونقّاد.
يحياوي لم يفوت أيضا فرصة التنويه بجهود الفنانين الذين رحلوا عن عالم المسرح، تاركين ورائهم أعمالا خالدة، وقال في ختام تدخله بأن الاستمرارية هي الهدف الأسمى، خدمة للوطن والثقافة ومواكبة الزخم الثقافي العربي والعالمي.
مهرجان المسرح المحترف في سهرته الأولى، كان أيضا مناسبة لاستذكار عمالقة الفن الرابع، حيث كرم القائمون على التظاهرة شخصيتين كانا لهم الفضل في النهوض بالمسرح، وهما الفنانين الراحلين سيد علي كويرات وفتيحة بربار، الذين فقدتهما الساحة الفنية الجزائرية حديثا، بعد عطاء فني عريق وخالد، حيث قلدا من طرف مدير المسرح الوطني الجزائري والأمين العام بوزارة الثقافة بذراع المهرجان، بحضور ابنتيهما.. وبالمقابل تم تكريم الأعضاء السابقين لمحافظة مهرجان المسرح المحترف، وعلى رأسهم بن براهيم فتح النور.