طباعة هذه الصفحة

الشهيد محمد بوراس

هكذا جعل من الكشافة مدرسة الوطنية

لا يمكن الحديث عن الكشافة الإسلامية، وبداية التأسيس بدون المرور على اسم شهيد قاوم المحتل بسلاح الشباب وسقاها بدمه الزكي، هو محمد بوراس  إذ أنه شكل سنة 1930 فوج «الخلود» بمدينة مليانة، قبل أن ينتقل إلى العاصمة فينشىء فوج « الفلاح، وكانت الأفواج الكشفية في البداية عبارة عن مجموعات متناثرة لها إمكانيات قليلة، على أن الشهيد بعد مرور خمس سنوات من ميلادها فكر في إنشاء
«جامعة للكشافة الإسلامية بالجزائر»، كما كانت تفعل الجامعات الكشفية الكاثوليكية والبروتستانتية وغيرها.
 لكن السلطات الاستعمارية كعادتها دائما، رفضت القانون الأساسي للجامعة الكشفية فعاود الكرة مرة أخرى بعد أن أدخل تعديلات على النص الأصلي للقانون المذكور، وفي سنة 1937 حضر الشهيد محمد بوراس رفقة كل من الصادق الغول، ومحمد فرج والطاهر التيجينى، وغيرهم من الإطارات الكشفية ميلاد» جامعة الكشافة الإسلامية.
من مواليد مدينة مليانة في 24 فيفري 1908، أبوه كان بناءا يعمل يوما وينقطع أياما آخر حسب رغبة المستوطنين، لما بلغ سنّ السادسة التحق بالمدرسة الأهلية بمليانة وذلك سنة 1915 ونال منها الشهادة الابتدائية بتفوق، غير أن الإدارة الاستعمارية وقفت في طريقه ومنعته من إكمال دراسته بالرغم من الإمكانيات والاستعداد الهائل الذي كان يميز هذا الفتى اليافع الغيور.
 ولعلّ ذلك كان من العوامل، التي حمسته أكثر والمؤشر السيكولوجي القوي الذي غرس فيه مند الصبا روح التحدي وهو يشاهد النظام الاستعماري يرفع الفرنسي الوضيع، ولو كان غبيا غير متفوق أمام الجزائري المتفوق النجيب ك «بوراس» وغيره من الجزائريين، وبعد مرور ثلاث سنوات توفي والده  فانتقل محمد بوراس بدوره إلى مناجم زكار، واشتغل كمساعد محاسب مدة سنتين من 1924 إلى 1926، ثم عمل بعد ذلك كمحاسب بمطحنة الدقيق بالحراش، ثم إلى الأميرالية ليشغل وظيفة كاتب على الآلة الراقنة إلى غاية سنة 1940.
 وعرفت الفترة الممتدة من 1923 إلى 1940، بأنها من أخصب فترات حياته ففيها مارس عدة أنشطة ثقافية وعلمية ورياضية، وتفوق وعرف عنه ميله وحبه لكرة القدم إلى درجة، أنه أصبح أحسن حارس مرمى في الفرق الإسلامية المشهورة في ذلك الوقت.
قامت فرنسا كعادتها محاولة منها لإخماد أنفاس الوطنيين المتطلعين إلى الحرية، بنفي الشهيد محمد بوراس إلى فرنسا معتقدة أن نفي قائد أو زعيم، وإبعاده عن التنظيم الذي أنشائه كفيل بأن يفشل ذلك العمل ويؤدي به إلى الذوبان، ثم نفدت فيه حكم الإعدام مع أحد رفاقه بالجزائر العاصمة في شهر ماي 1941م.
استشهد الرجل ولكن الكشافة لم تمت، وبقي رمزا خالدا ارتبط اسمه بهذا التنظيم  الذي ساهم أيما مساهمة في التحضير لثورة نوفمبر، وما كان من رفقائه وزملائه العاملين إلا أن يزدادوا إصرارا على مبدأ استقلال الكشافة الجزائرية، والعمل الدؤوب على الاعتراف بها حكومة شرعية وكدليل على وفائها وإصرارها المؤتمر العام الذي عقدته سنة 1944 في تلمسان بمشاركة 450 شابا يمثلون 65 مدينة وقرية وأظهر فيه الحاضرون انضباطا وتماسكا ووحدة، وتعاونا منقطع النظير.