ينتظر أن يتوج الملتقى الثاني للاستثمار والتجارة، الذي افتتح أمس بالجزائر، بإرساء شراكات منتجة مع مستثمرين وطنيين وأجانب من وأوروبا والوطن العربي، ومن المقرر أن يتم تسليط الضوء على جاذبية القدرات التي تتمتع بها الجزائر، خاصة في القطاع الصناعي والسياحي بهدف استقطاب خبرة الشريك الأجنبي وتحويل التكنولوجيا المتطورة من أجل القفز إلى تكريس رهان بناء اقتصاد بديل عن ثروة المحروقات يرتكز على القيمة المضافة التي تطرحها الموارد البشرية وفي صدارتها اقتصاد المعرفة.
يعكف المشاركون طيلة ثلاثة أيام، على بحث فرص الشراكة بين المستثمرين من عدة بلدان عربية وأوروبية، والاحتكاك بأصحاب الخبرة من أجل الرفع من تنافسية المنتوج الوطني. وأكد بهذا الخصوص محمد الأمين بوطالبي رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار المنظم لهذا الملتقى أن هذا اللقاء يعول عليه كي يشكل محطة للترويج للاقتصاد الوطني، على اعتبار أن الجزائر لديها إمكانيات كبيرة في جميع القطاعات الحيوية، وتوقع بوطالبي أن يسفر هذا الملتقى عن إبرام اتفاقيات تتعلق بالاقتصاد البديل مثل الفلاحة والصناعة الغذائية والسياحة، في وقت تتطلع فيه الجزائر على بناء شراكات قوية ومنتجة، وتفعيل وتيرة الاستثمار. ووصف رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار الملتقى بالمهم للمتعاملين ورجال الأعمال لكسب الخبرة في إطار إرساء الشراكات الرابحة للطرفين.
ومن جهته، نائب رئيس الجمعية الحرة التركية للأعمال والصناعة، قال إن هذه الجمعية تمثل 11 ألف مؤسسة لديها فروع في 64 بلدا و56 نقطة في العالم، مشيرا إلى مشاركة في هذا الملتقى ما لا يقل عن 40 رئيس مؤسسة تركية، وأعلن عن نيتهم القائمة وإرادتهم القوية للاستثمار في القارة الإفريقية وبالخصوص في الجزائر، وتحدث عن استعدادهم لمرافقة الجزائريين وتطوير التعاون والتجارة بين البلدين، مقدرا عدد المؤسسات التركية المستثمرة بالجزائر بـ 50 مؤسسة بقيمة 2 مليار دولار، وفي ظل تسجيل ارتفاع محسوس في طلب التأشيرة لزيارة تركيا الذي قفز من 40 إلى 130 ألف تأشيرة. وتناهز نسبة التعاون بين البلدين 50 بالمائة.
واعتبر رضا المريني، مدير الشؤون الاقتصادية بإتحاد المغرب العربي، أن القطاع الخاص لديه دور قوي في تقوية الاندماج المغاربي، بل يعد المحرك الرئيس للاندماج ودعاه لأخذ المبادرة لأن الطريق مازال صعبا. ووصفت ممثلة رجال الأعمال البلجيكيين الجزائر بالسوق المغرية التي تجذب المستثمرين خاصة في قطاعي الصناعة والسياحة، معلنة عن إرادة رجال الأعمال البلجيكيين للاستثمار القوي في الجزائر وتطوير الشراكة بين الطرفين. وكشف حسين رحموني، نائب مدير الصندوق الإسلامي لتنمية التجارة، عن مشروع إنشاء منطقة تبادل حر من الجيل الجديد لجميع البلدان الإسلامية عن طريق تنسيق السياسات التجارية والمالية والصناعية للدول وتوحيدها، علما أنها تشمل عدة مسائل جديدة تتعلق بالخدمات والملكية الفكرية ومحاربة البطالة وربط التجارة بالتنمية وإرساء الاتفاقية التجارية بين الدول الأعضاء، وتحدث رحموني عن وجود ندوة مع الجزائر للتعريف بهذه الاتفاقية، وتأسف ذات المتحدث كون الانجازات مازالت متواضعة بالنظر إلى كل ما حققته التكتلات الاقتصادية وما يزخر به العالم الإسلامي من طاقات بشرية وموارد باطنية، وقدم نائب مدير الصندوق الإسلامي لتنمية التجارة بلغة الأرقام ارتفاع في حجم التبادلات البينية بين بلدان منظمة التعاون الإسلامي، حيث قفزت من 14 بالمائة في 2005 إلى 20 بالمائة في 2015 وفي 2014 ناهزت 19 بالمائة.
ومن المقرر أن يتم إنشاء معهد الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بالجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة، حسب ما أكده بن سماعيل مجاهد، ممثل رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وينتظر أن يقدم للجزائر وإفريقيا دراسات حول وضعية التنمية المستدامة، وذكر بن سماعيل أن الترسانة القانونية الجزائرية تشجع على الاستثمار، في حين حموشي الطاهر ممثل وزير الفلاحة أوضح أن تحقيق الأمن الغذائي يعد من أولويات الجزائر والفلاحة تعد قطاعا استراتجيا يتوفر على جميع الامكانيات وتمثل الفلاحة نسبة 9.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الوطني ويحصي القطاع 2.5 مليون فلاح و1.6 مليون مستثمرة فلاحية وقيمة المنتوج الفلاحي الجزائري سنويا تصل إلى 2761 مليار دينار ويغطي 72 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من الفلاحة.
وما تجدر إليه الإشارة، فإن أشغال الملتقى، تتواصل إلى غاية يوم 15 ماي الجاري، وتتضمن ورشات عمل ولقاءات بين رجال الأعمال ودراسة دور الشراكة في الاقتصاد البديل، والوقوف على قطاع السياحة، وكذا التمويل البنكي للاقتصاد.