الدكتور قادري يعرض تجربة مستشفى بئر طرارية منذ 1999
التكفل الأحسن بالمصابين بالأمراض المزمنة
الاستشفاء المنزلي خدمة تقدمها وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات في بعض المؤسسات الاستشفائية المتواجدة عبر الوطن من أجل تكفل أفضل بالمصابين بالأمراض المزمنة كالضغط الدموي، السكتة الدماغية والسرطان بأنواعه و أمراض القلب .
وتطمح وزارة الصحة و السكان تعميم هذه المبادرة لتشمل جميع المستشفيات دون استثناء بهدف تغطية احتياجات المرضى في جميع مناطق الوطن واستفادتهم منها على قدم المساواة خاصة أولئك الذين يقطنون في المناطق الداخلية المعزولة، ويعانون في صمت من موت بطيء بسبب غياب الهياكل الصحية ونقص الأطباء الاخصائين فيها. « الشعب» خرجت إلى الميدان لتسليط الضوء على الموضوع ولتنقل تفاصيل أكثر في هذا الاستطلاع.
نموذج يحتدى به
يعد مستشفى بئر طرارية بالابيار رائدا في هذه التجربة بعد أن لاقت استحسانا كبيرا لدى المواطنين القاطنين بهذه البلدية، وفي هذا الصدد صرح الدكتور قادري أخصائي في الطب الداخلي و مسؤول وحدة الاستشفاء المنزلي ببئر طرارية لـ “الشعب” أن الفكرة تبلورت بعد أن طرحها للنقاش البروفسور منصور بروري، رئيس مصلحة الطب الداخلي بالمستشفى ذاته ليجسدها ميدانيا سنة 1999 وذلك بالتنسيق مع بلدية الابيار قبل صدور مرسوم من وزارة الصحة و السكان و المتعلق بهذا النوع من العلاج .
وكشف الدكتور قادري، مسؤول وحدة الاستشفاء المنزلي بمستشفى بئرطرارية بأن أقرباء المرضى عبروا عن ارتياحهم لأنهم سئموا من الانتظار و لساعات طويلة في المستشفيات، مؤكدا في سياق حديثه بأن هذا الأمر سيشجعهم على مواصلة الدرب بعزيمة أكبر، ويدفعهم لإعادة حساباتهم من أجل تطويرها أكثر فأكثر باعتبارها خطوة هامة في حياة المرضى تسمح لهم بتلقي العلاج في مقر سكناهم والتكفل الصحي الجيد بهم دون الاضطرار إلى المكوث في المستشفى و المشاكل التي تنجر عن ذلك جراء الانتظار الى غاية الحصول على إذن بالدخول الى المستشفى وذلك في ظل الاستشفاء المنزلي الذي يسوده الثقة بالنفس ودفء العائلة الذي أضحى متاحا للمرضى في جو من الثقة و الدفء العائلي....حيث يضمن أطباء الوحدة، العلاج اللازم لهم و المتابعة الطبية المستمرة.
وعن سر نجاح التجربة، قال الدكتور قادري أنها ترجع الى متابعته الصارمة للفريق الطبي الذي يشرف على علاج المرضى في مقر سكناهم مؤكدا أن تنسيق الجهود انعكس على المرضى إيجابا، والأهم في كل هذا -على حد قوله- الاجتماع الذي يعقد في نهاية كل أسبوع لتقييم مدى التحسن لدى المرضى بعد خضوعهم للعلاج .
وحدات للصحة الجوارية
إن هذا النوع من العلاج، حسب ما أفادنا به الدكتور قادري، يندرج في اطار الصحة الجوارية بمعنى أن المريض لا يتحمل عناء و مشقة التنقل الى المستشفى، بل هذا الأخير هو من يتنقل إليه، وبالتالي فإن مفهوم العلاج الجواري الذي يسعى المسؤولون القائمون على الصحة في بلادنا الى تعميمه -على حد قوله - يقتضي أن يقطن المريض على مسافة لا تبعد كثيرا عن مكان تواجد المستشفى، إلا أن الوضعية المتردية للعديد من المرضى القاطنين ببوزريعة، بن عكنون وباينام -حسبه - أجبرهم على التكفل بالمرضى المقيمين بهذه البلديات و قيام أطباء وحدة الاستشفاء المنزلي بزيارات متكررة لبيوتهم لإخضاعهم للعلاج اللازم و التخفيف من وطأة المرض .
واغتنم الفرصة بالمناسبة وعبر من خلال جريدة “الشعب “عن أمله أن يعمم الاستشفاء المنزلي في كل من مستشفى بني مسوس، بن عكنون و باينام، لأن هذا النوع من العلاج ضروري للمصابين بأمراض مزمنة، وتعتمد عليه الكثير من الدول المتقدمة لما يجلبه من راحة نفسية و تحسن الكثير من الحالات، بالإضافة إلى أنه يساهم في تخفيف الضغط على وحدة الاستشفاء لبئر طرارية.
وبشأن قبول علاج المريض في بيته قال الدكتور قادري إن ذلك يتم وفقا لتقرير يعده طبيبه الخاص الذي اعتاد علاجه، يدوّن فيه معلومات تتعلق بتشخيص حالته... ليتم على أساسه موافقة مسؤول وحدة الاستشفاء المنزلي ...ليتنقل بعدها الفريق الطبي بسيارة مجهزة بكل المستلزمات الطبية تسمح لهم متابعة حالته على أكمل وجه وتفادي أية مضاعفات قد تنجم بسبب تعقيدات المرض .
الأهم في كل هذا كما أفادنا الدكتور قادري تمكن الفريق من إسعاف المرضى في الوقت المناسب كما يتم تزويدهم بالأدوية الضرورية المناسبة لحالتهم كأنهم يقيمون في المستشفى.
وبشأن الأمراض المزمنة الأكثر شيوعا في الأبيار و ضواحيها، السرطان بمختلف أنواعه، حيث يبذل الفريق الطبي للاستشفاء المنزلي قصارى جهده لمساعداتهم وتخفيف العناء عنهم باستخدام الأدوية الملائمة مثل المورفين كأفضل مسكن لآلامهم .
و تبقى هذه المبادرة رائعة من الناحية الإنسانية لأنها لا تزيد للمريض عناء التنقل للمستشفى كما أنها تنقص من مصاريفه خاصة إذا كان من ذوي الدخل المحدود .
ومن جهة أخرى فهي تسمح لمثل هذه الفرق الطبية التي تلقت تكوينا متخصصا للقيام بواجبها وذلك بمعاينة حالات مرضاهم عن كثب .
ونأمل أن تعم هذه المبادرة في أقرب الآجال، وبشكل أوسع إلى الحد الذي يشعر بها المواطن في كل بلدية أينما وجدت، وأكثر من يحتاجون لمثل هذه المبادرة هم كبار السن و فئة ذوي الاحتياجات الخاصة. هذه المبادرة تحمل في جوهرها الطابع الإنساني لمهنة الطب أساسا وهو ما نتمنى أن يتجسد في جميع مستشفياتنا دون استثناء.