طباعة هذه الصفحة

“الشعب” تقف على واقع أكبر السدود في الجزائر

“بني هـارون” خزان الشـرق يستعد للتخلص من تراكم النفايات

ميلة: فارس مدور

يتربع حوض سد بني هارون على 4 ولايات: سطيف، ميلة، قسنطينة، أم البواقي على مساحة 6478 كلم2 ، هذا الحوض الدافق الذي يصب في السد والبالغ محيطه بـ 523.3 كلم، و يحتوي حوض بني هارون على أكثر من 3 ملايين سكن مقارنة بأحواض أخرى (حوض بوحنفية و الشلف)، يقدر عدد سكان حوض سد بني هارون أكبر 5 مرات من بوحنفية والشلف، كما تغلب على النشاطات الممارسة، الفلاحة التي تعد من أسباب تخفيض الغطاء النباتي ( الرعي ) ويعتبر السد أكبر وأضخم مشاريع الري بولاية ميلة، الذي يجب على الجميع بالتكاتف و بذل المجهودات للحفاظ عليه، هذا المشروع الواقع بمنطقة بني هارون عند التقاء وادي الرمال والنجا، يهدف إلى استغلال مياه السهول العليا القسنطينية وتثمين المياه السطحية الكثيرة التي تذهب هباءً إلى البحر في هذه المنطقة من شرق البلاد والتي تسجل إحدى أكبر نقاط التساقط في الجزائر، كما يعد من أكبر 7 سدود في إفريقيا إذ تقدر طاقة استيعابه بـ 960 مليون متر مكعب، ويعد السد مصدرا مهما لتزويد أكثر من 5 ملايين نسمة بالماء الشروب موزعة على 6 ولايات و هي: ميلة - قسنطينة – جيجل     أم  البوقي –باتنة – خنشلة.


إنطلقت أمس، حملة تنظيف لمحيط وضفاف سد بني هارون بولاية ميلة، وحسب أحمد بن جدو مدير محطة الصيد لولاية ميلة فإن هذه المبادرة جاءت ضمن إطار ما يسمى بحملة “موانئ وسدود زرقاء” من قبل وزارة الصيد البحري و الموارد الصيدية، حيث تشرف عليها لجنة ولائية مختصة بمشاركة عدة قطاعات معنية بموضوع النظافة والبلديات التي تحيط بحوض السد، حيث تم تجنيد 16 فرقة من الفرق الجزائر البيضاء، وفرقتين من مديرية الأشغال العمومية، تعمل هذه الفرق على تنظيف مناطق النقاط السوداء التي تم تحديدها من قبل اللجنة الولائية المشتركة، حيث تعتبر من النقاط السوداء التي تهدد مياه السد بالتلوث من خلال الفضلات المتواجدة بها، من مخلفات زوار السد من الصيادين الهواة، على أن تتجمع كل الفرق المكلفة بالتنظيف يوم السبت القادم بمنطقة قيقاية ببلدية ميلة.
وحسب ذات المصدر، فإن العملية تهدف إلى تنظيف ضفاف السد من مخلفات الزوار، وتحسيسهم بضرورة المحافظة على البيئة وعلى المورد المائي الهام، بإشراك الصيادين وبعض الفاعلين من المجتمع المدني، كما تهدف إلى إبراز الجوانب الجمالية لمنطقة بني هارون.

مساعي لحماية السد من التوّحل

تمت دراسة سنة 2006 من طرف مكتب دراسات كندي (TEC.SULT)، إستخراج خلالها المناطق الواجب حمايتها من الإنجراف التي توصل الطمي إلى السد، وحسب شتوان طارق، رئيس مصلحة توسيع الثروة الغابية و استصلاح الأراضي بمحافظة غابات ميلة، فإن الدراسة تهدف إلى حماية سد بني هارون من التوحل، حيث خلصت الدراسة إلى مخطط التهيئة والحماية، لحماية أفضل للأرضي المحادية للسد، وتقلل من نسبة تنقل الترسبات إلى السد بهدف تمديد حياة السد “عدم التوحل في مدة قصيرة”.
وأضاف ذات المسؤول بأن هذه الأهداف التي تم تسطيرها خلصت بوضع عمليات ميكانيكية و بيولوجيا، تعتمد أساسا على التحسين العقاري حيث تقوم المحافظة بحرث الأراضي المحادية للسد في عكس الميل، إلى جانب تصحيح المجاري المائية في

الشعاب والأودية، مع إنشاء حزام حجري و بناء جداريات، وأهم غرس و تثبيت الأراضي المنجرفة بالأشجار المثمرة وغرس التين الشوكي، وغرس جدران حية من الأشجار.
أما عن المشاكل التي تواجهها المحفظة فلخصها المسؤول بكون أغلبية الأراضي المحاذية للسد أراضي زراعية، حيث تم إقتراح على أصحاب الأراضي غرس أشجار الزيتون، أو الحرث بالطريقة الصحيحة التي تقلل من الإنجراف.

معلم سياحي لا يمكن وصفه ذو طبيعة جبلية ساحرة

وتعتبر منطقة بني هارون منطقة سياحية بالدرجة الأولى منذ القدم باحتوائها على منبع للمياه الساخنة، أستغل لإنشاء حمام معدني طبيعي يزوره الكثير من السواح، من الوطن ومن خارجه، كما اشتهرت بمطاعم الشواء المتواجدة على جنبات الطريق الوطني رقم 27 المؤدي إلى مدينة جيجل، والتي تحتوي على مناظر جميلة وهي قبلة للسواح، ومن جهة أخرى فهي منطقة عبور إلى مدينة جيجل سواء من أجل الذهاب للاستمتاع بطبيعتها الجبلية التي امتزجت بالشواطئ الذهبية الخلابة، أو من أجل النشاط التجاري.
وبهذا الموقع الاستراتيجي وخصائصه المميزة، الذي حظيت به المنطقة جعلها قبلة لاستقطاب المشاريع والمستثمرين في القطاع السياحي والفندقة حول حوض السد، ومع جسري وادي الرمال الرابط بين ميلة وبلدية لقرارم قوقة ووادي الديب الرابط بين هذه الأخيرة وولاية “ جيجل اللذان يمران فوقه، وكذا الطبيعة الجبلية المحيطة به والاخضرار الذي يتميز به يشكلان فضاء سياحيا منقطع النظير، لذلك قامت ولاية ميلة بتقديم عدة مقترحات للمتعاملين الاقتصاديين من أجل تجسيد مشاريع سياحية وفندقية وترفيهية معتبرة، والتي تبدو للمتابعين أنها واعدة، ومن بين الاقتراحات المقدمة نذكر إنجاز حظائر للتسلية والتنزه تضمن حتى التنقل عبر السد بالقوارب وهناك حتى فكرة لإنجاز “تيليفيريك” يربط ضفتي السد كخدمة عمومية وسياحية جميلة.

مورد اقتصادي

الطموح الكبير لاستغلال الثروة السمكية الهائلة بهذا الفضاء الرحب، والممتد على مسافة 25 كلم، في مجال الصيد القاري وإنجاز مرفأ للصيد يضمن خدمات كثيرة لصالح الصيادين وكذا مسمكة ووحدة لإنتاج مربعات الثلج وغيرها.
وبعد إجراء عمليات استزراع الأسماك التي قامت بها محطة الصيد لميلة منذ 2006، برزت به أسماك من نوع الشبوط بكل أنواعه وبأوزان بلغت حتى مستوى 40 كلغ للسمكة الواحدة وذلك في أوقات قليلة.
وشهد السد منح رخص استغلال للصيد لفائدة 8 شباب من أجل الانتفاع بالثروة السمكية، وتوسيع عملية استغلال هذا المورد الاقتصادي في امتصاص البطالة.

ميلة عاصمة الماء والتربة

يفتخر سكان ميلة بهذا اللقب، كما منحها السد قدرات ومؤهلات جديدة، وفتح لها الأبواب على جميع الأصعدة والمجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الترفيهية والسياحية. وفيما لا تزال مياه السد تعكس مشاهد مراحل إنبعاث هذه المنشأة التي غيّرت من ملامح ومناخ المنطقة من الحرارة والجفاف إلى جو دافئ وممطر شتاء ولطيف صيفا.
وقد نظمت الولاية مهرجانا للماء يوم الخميس 22 مارس الجاري بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للماء ومن أجل التعريف بالإمكانيات الواعدة التي يتوفر عليها السد من أجل بعث الاستثمار حول ضفافه وتحسيس الراغبين في الاستثمار خاصة في المجال السياحي والفلاحي.
وبعد طول انتظار تجسد هذا المشروع العملاق، وقد قال أحد السكان ردا على سؤالنا حول هذا المشروع : “بالرغم من الأزمات التي مرت بها البلاد، وخاصة هذه المنطقة من تردي الوضع الأمني ونزوح سكانها إلى مدن مجاورة أخرى، اليوم من سيحالفه الحظ بالاستمتاع بهذه الطبيعة الخلابة التي كنا لا نشاهدها إلا في التلفزة”.