باتت اتفاقات وقف إطلاق النار، بين الحكومة المالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء تنسيقية حركات أزواد بشمال مالي، حبرا على ورق، وذهبت خطابات الالتزام بالسلم وضبط النفس، أدراج الرياح، عقب عودة المواجهات المسلحة نهاية أفريل المنصرم، فيما عرف بمعركة الصراع على مدينة «مينيكا».
قبل 10 أيام عن التوقيع النهائي على اتفاق السلم والمصالحة لمالي، بباماكو، بين الحكومة وحركات فصيل الأرضية، تعيش مالي حالة غليان كبيرة في مدنها الشمالية، بعدما حلت من جديد لغة السلاح محل الحوار والمفاوضات، ما وضع أمن وسلامة أرواح السكان على المحك.
وفي زخم الدعوات الدولية والوطنية لضبط النفس والعودة إلى تحكيم منطق العقل، بدت حركات التنسيقية، غير متقبلة تماما لهزيمتها أمام ميليشيات «الغاتية» المحسوبة على الحكومة المالية، في معركة مدينة «مينيكا»، وأقدمت عقب الخروج منها مرغمة على شنّ هجوم مسلح على مركز للجيش المالي بمنطقة «ليري» قرب الحدود مع موريتانيا، والحصيلة حسب وزارة الدفاع المالية «9 قتلى من صفوف الجيش، 10 قتلى من الحركات وأزيد من 20 جريحا».
الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وحلفاؤها من المجلس الأعلى لتوحيد أزواد والحركة العربية المنشقة، اتهمت كالعادة الحكومة المالية بالوقوف وراء تسليح ودعم «الغاتية» وقالت إنها خرقت اتفاق وقف إطلاق، مطالبة من فريق الوساطة الدولية والمجتمع الدولي الضغط عليها، فيما لم تبد أية ليونة في بينها الصادر أول أمس الأحد، أو رغبة في تهدئة الأوضاع، عدا تبرئة نفسها بالقول «أنها راغبة في السلم والأمن لشمال مالي».
وفي خطوة تصعيدية، من شأنها مفاقمة الأوضاع، تحدثت الصحف المالية، أمس، عن حشد للقوة من قبل الحركات الثلاثة بمدينة كيدال، وذكرت عن قدوم أزيد من 80 سيارة مجهزة بالأسلحة من جنوب ليبيا، استعدادا لمعركة استعادة مدينة «مينيكا».
وأمام هذا التصعيد، تسير هذه الحركات التي رفضت التوقيع على اتفاق الجزائر في الفاتح مارس 2015، طالبة إقحام بنودها الأساسية، التي طرحتها، لتصنف كتنسيقية مارقة، رافضة للسلام والسلم، لأن المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن الدولي، شدد في بيان الأحد «على الوحدة الترابية والوطنية لمالي، وأهمية اتفاق السلم والمصالحة في إطار مسار الجزائر لإعادة الأمن والاستقرار» ولفت في ذات الوقت إلى «أن المفاوضات أغلقت بشكل نهائي، داعيا، تنسيقية حركات أزواد إلى الانضمام للاتفاق وتوقيعه».
ما يجري حاليا في شمال مالي، يعدّ خرقا لاتفاقات السلام الموقعة بين الطرفين، فمنذ ماي 2014، التزمت الحركات المسلحة والحكومة المالية بوقف الأعمال العدائية، وجددت ذلك في 24 جويلية بالجزائر، قبل شروعها في المفاوضات الشاملة، وعززتها في 06 فيفري 2015، بعد أحداث العنف المسجلة شهر جانفي بمنطقة طابنكورت.
هذه الحقيقة، تعرفها حركات التنسيقية جيدا، ولن يكون أمامها من خيار آخر غير الانضمام لمسار السلم، إذا كانت تسعى بنيّة خالصة لاتفاق السلم في إطار ما وقعت عليه من احترام للوحدة الوطنية والترابية للدولة وطابعها الجمهوري.
ستكون مراسيم التوقيع يوم 15 ماي فرصة تاريخية لمالي في طيّ صفحة التوتر، والدخول إلى الاستقرار والمصالحة.