استرجعت الجزائر، استقلالها بعد كفاح مرير وطويل ضد الاستعمار الفرنسي، حيث افتكت الحرية بعد تضحيات جسام فاقت الـ7 ملايين شهيد منذ الاحتلال الفرنسي، وبعد مرور 60 سنة على اندلاع الثورة المجيدة، أرادت السلطات إعادة الاعتبار للرموز الوطنية من خلال تسمية المرافق العمومية المدنية والعسكرية بأسماء شهداء، حيث أولت،أهمية خاصة ومميزة لذلك بالحفاظ على مآثر الشهداء والمجاهدين، وقد قيّد ذلك في المرسوم الرئاسي رقم 97 104 المؤرخ بتاريخ الـ05 أفريل 1997، والمتعلق بتسمية الأماكن والمباني العمومية، ولتفعيل هذا القانون على أرض الواقع وضعت قرارات مشتركة بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة ووزارة المجاهدين.
وعليه فقد تمّ إعطاء الأولوية في تسمية أو إعادة تسمية الشوارع والأحياء ومختلف الأماكن العمومية وكذا الأملاك الجزائرية في الخارج، حسب ما أكدته مصادر من مديرية المجاهدين لولاية باتنة، لجريدة “الشعب” لكل ما له علاقة بالمقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة التحرير الوطني ورموزها وأحداثها العظيمة الخالدة في التاريخ، على أن يخضع ذلك لترخيص مسبق من وزير المجاهدين بعد أخذ موافقة المنظمة الوطنية للمجاهدين.
وهو ما فصلت فيه المادة الثامنة من المرسوم الرئاسي رقم 14 / 01 الصادر في 05 جانفي 2014، والذي يحدّد كيفيات تسمية المؤسسات والأماكن والمباني العمومية أو إعادة تسميتها، وتطبَّق أحكامه على كل المؤسسات والأماكن العمومية بمختلف أشكالها، لاسيما منها الساحات والشوارع والتجمعات السكنية والمعالم التذكارية والمآثر التاريخية.
وقد أكد رئيس بلدية باتنة السيد عبد الكريم ماروك لجريدة “الشعب” أن نصّ المرسوم الذي وقّع عليه رئيس الجمهورية، يحدد أن المجلس الشعبي البلدي مكلَّف باقتراح تسمية أو إعادة تسمية كل التجمعات السكانية والتجهيزات الجماعية ومختلف طرق المرور على تراب الولاية، فيما تبادر المؤسسات والقطاعات والهيئات المعنية، باقتراح تسمية المباني التابعة لها، ويوكل قرار التسمية بالنسبة للهياكل والمباني التابعة لوزارة الدفاع الوطني، لوزير الدفاع الوطني، أما بالنسبة للأملاك الجزائرية في الخارج، فإن المرسوم أوضح بأن تسميتها أو إعادة تسميتها، تخضع لرأي كل من وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير الشؤون الخارجية، أي أن كل فضاء يخضع لاقتراح التسمية من القطاع التابع له.
كما أكد المتحدث، أن المادة الثامنة من المرسوم الرئاسي، تنصّ على أن أي تسمية أو إعادة تسمية، تتم بأسماء الشهداء والمجاهدين المتوفين، أو تتعلق بأحداث وتواريخ ترتبط بالمقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة التحرير الوطني، تخضع لترخيص مسبق من وزير المجاهدين، بعد أخذ رأي المنظمة الوطنية للمجاهدين.
ويتحدث عبد الكريم ماروك عن إجراءات التسمية، فيؤكد أن المرسوم يوضح الأمر من خلال إيداع ملف لدى المصالح المتخصصة بوزارة المجاهدين أو مديرية المجاهدين في ولاية باتنة، التي تخطر بعد مراقبته حسب الحالة، اللجنة الوطنية أو اللجنة الولائية المذكورة في المرسوم،
وتضم اللجنة الولائية بباتنة ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والمدينة والثقافة والبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فضلا عن الأمين العام لمنظمة المجاهدين أو ممثل عنه وممثلين عن المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء والقطاع المعني بالتسمية أو إعادة التسمية، حيث توكل إليها مهام الدراسة والبتّ في اقتراحات التسمية وإعادة التسمية، ويتم تكريس التسميات من طرف والي الولاية الحسين مازوز.
ويتابع عبد الكريم ماروك حديثه حول حماية التسميات واللوحات من التخريب قائلا: ينص المرسوم الذي يلغي جميع أحكام المرسوم الرئاسي رقم 97 - 104 المؤرخ في 5 أفريل 1997، والمتعلق بتسمية الأماكن والمباني العمومية وإعادة تسميتها، على عقوبات تطبَّق ضد كل من يخالف أحكامه أو كل من يخرّب اللوحات ووسائل التعريف، وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وهو ما تقوم به مصالح بلدية باتنة، حيث تراقب بشكل دوري الحفاظ على اللوحات الخاصة بتسمية الشوارع.
وأضاف ماروك أن الجهات التي يمكنها اقتراح تسمية الأماكن والمباني العمومية التابعة للجماعات المحلية وإعادة تسميتها، هي البلدية المختصة إقليميا والقطاعات أو المؤسسات العمومية المعنية، كما أن الاقتراح يقدم إلى أمانة اللجنة الولائية بباتنة التي يشرف على أمانتها المدير الولائي للمجاهدين مرفقا بالوثائق وهي كالتالي: نبذة تاريخية للمعني أو الحدث التاريخي، نسخة من سجل العضوية في المنظمة المدنية لجبهة وجيش التحرير الوطني، بطاقة فنية للمكان المراد تسميته أو إعادة تسميته من الجهات المعنية.
وبخصوص تسمية وإعادة تسمية الشوارع والساحات والتجمعات السكانية قال المتحدث، فإنها ترفق بمداولة المجلس الشعبي البلدي لباتنة مثلا، وتخضع لموافقة الوالي إذا تعلّق الأمر بتكريم جزائري أو التذكير بحدث تاريخي.
على قدم وساق
من المنتظر أن تنتهي عملية إعادة تسمية شوارع وأحياء بلدية نهاية جوان بالموازاة مع عملية تحيين الخرائط وإدراج أرقام للمباني والعمارات ضمن هذه الخرائط، وقد أعطيت الأولوية في التسمية بأسماء الشهداء ومن ثمّ المجاهدين والأحداث التاريخية وتهدف هذه العملية إلى القضاء على التسميات الاستعمارية والغريبة واستبدالها بأسماء رجال صنعوا مجد الجزائر كما لم تستثنى من العملية الأحياء التي تحمل في تسميتها أرقام على غرار حي 800 مسكن وحي 1200 مسكن، بالإضافة إلى حي 500 مسكن ومثلها يوجد الكثير، خصوصا المواقع السكنية الجديدة الموزعة عبر إقليم البلدية، وأضاف ماروك أن العملية تهدف إلى تخليد أسماء شهداء وعلماء الجزائر عرفانا بنضالهم وتضحياتهم.
يشير رئيس بلدية باتنة عبد الكريم ماروك، أن مصالحه سخرت كل الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاح العملية، التي لقت استحسانا كبيرا من طرف المواطنين وفعاليات المجتمع المدني، حيث تلقت مصالحه الخطوط العريضة لطبيعة العملية الهادفة إلى تصنيف الشوارع والأحياء وكذا الساحات والحدائق العمومية بناء على مخطط أرسلته وزارة الداخلية والجماعات المحلية إلى كل بلديات الوطن بتاريخ 23 جوان الماضي يحدد الطرق التقنية والقانونية للتصنيف ما بين هذه الأنواع، شروط تركيب وصيانة ووضع لوحات التسمية، ثم يأتي المحور الثالث المتعلق بالترقيم الذي يأتي تتويجا لعملية الجرد، حيث أكد أن رئيس البلدية هو من يتكفل بالمهمة باعتباره رئيس الضبطية طبقا للمادة 120 من قانون البلدية، كما تمّ إنشاء خلية تقنية على مستوى البلدية مهمتها مسح بطاقية العناوين لتحيينها وإدخال كل المعطيات الجديدة بهدف الوصول في النهاية إلى إعداد بطاقية وطنية للعناوين وقاعدة بيانات شاملة.
وهنا أشار المتحدث إلى إشراكه لمختلف الفاعلين في العملية لضمان نجاحها كالمواطن وفعاليات المجتمع المدني والأسرة الثورية مع التنسيق الكبير والتام مع المصالح المختصة وإبلاغها بالبطاقية الجديدة للعناوين كالحماية المدنية، مصالح الأمن، سونلغاز، الجزائرية للمياه، وإشعار المواطن بعنوانه ورقمه الجديد، وقال رئيس بلدية باتنة عبد الكريم ماروك لجريدة “الشعب” إن العنوان حق لكل مواطن ويجب على الحكومة تنفيذ هذا الحق للمواطن وكذا إعطائه حرية التنقل بكل سهولة في المدن، وأشار أن لوحات التسمية ببلدية باتنة وعلى غرار باقي بلديات الولاية باتنة والوطن، مكتوبة باللغة العربية وللضرورة باللغة الفرنسية، مضيفا أن مصالحه تضعها في مكان عال من الأرض إلى أعلى نقطة مترين ونصف وتعاد وتكرر كل 100 متر، وأضاف أن العملية مهمة وانعكاساتها على المواطن جيدة.