طباعة هذه الصفحة

عرف ببراغماتيته وواقعيته السياسية

راؤول كـاسترو:انقـــــذ الاقتصـاد الكـوبي

أمين بلعمري

ولد راؤول كاستر وعام 1931 في إقليم هولغوين الشرقي ودرس في سانتياغ ووأكمل دراسته في الكلية اليسوعية بالعاصمة هافانا، انضم إلى حركة الشباب الشيوعية قبل الثورة وكوّن علاقات قوية مع الاتحاد السوفياتي.

أصبح راؤول كاستر نائبا لرئيس الوزراء عام 1962 والنائب الأول له عام 1972، وساورته الشكوك في نوايا الولايات المتحدة منذ البداية وقاد تظاهرة ضدها في سبتمبر 1960 اتهم فيها السفارة الأمريكية بهافانا أنها «وكر الجواسيس».
وخلال زيارته للاتحاد السوفياتي في جويلية 1962 تلقى راؤول وعدا بالحصول على صواريخ سوفياتية، وهو ما أدى إلى ما عرف لاحقا بأزمة الصواريخ وأزمة «خليج الخنازير» شهر أكتوبر 1962 التي كادت ان تشعل حربا حرب نووية قبل أن يتم التوصّل بشأنها إلى تسوية بين واشنطن وموسك وتقضي بسحب الأخيرة لصواريخها من كوبا مقابل تعهد واشنطن بالكف عن محاولة الإطاحة بالنظام في هافانا.
خلال الثورة الكوبية قاد راؤول إلى جانب أخيه فيدال وشي غيفارا حملة مسلحة ضد باتيستا انتهت إلى الإطاحة به وفراره إلى البرتغال ليصبح بعدها راؤول كاستر ووزيرا للدفاع والنائب الأول لرئيس الجمهورية في الوقت ذاته إلا أن الأخ غير الشقيق لزعيم الثورة الكوبية فضّل البقاء بعيدا عن الأضواء طوال فترة حكم أخيه الا انه وبحكم منصبه كقائد للقوات مسلحة ذاع صيته خلال النشاط العسكري لكوبا في إثيوبيا وأنغولا في السبعينيات كما يعود اليه نجاح جهود المؤسسة العسكرية في إنقاذ الاقتصاد الكوبي بعد توقف المساعدات اثر انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 حيث أشرف على بعض أهم التجارب الكوبية في مجال إصلاحات السوق المحدودة وأنتجت الوحدات العسكرية المواد الغذائية وباعتها في الأسواق الحرة كما ذات المؤسسة اثبات نجاحها في الميدان السياحي - الذي يعتبر احد اكبر مصدر للمداخيل في كوبا- من خلال ادارة احدى أكبر وأشهر المؤسسات السياحية في البلاد.
يمكن القول في الأخير أن راؤول كاستر ونجح إلى حد بعيد في واقعيته السياسية في دعوة الولايات المتحدة الأمريكية إلى حوار جاد ومثمر مع كوبا لأنه يدرك أن إذابة الجليد مع واشنطن سيخرج بلاده من الضائقة الاقتصادية التي تعيشها بسبب العقوبات الأمريكية والحصار المستمر لنصف قرن كامل دون ان يعني ذلك تقديم تنازلات ا والعودة عن الخط الثوري الشيوعي ولكن من خلال تقديم هافانا كرقم مهم في القارة اللاتينية التي شهدت تزايد ظهور أحلاف مناهضة لسياستها وقد أثبتت قمة الأمريكيتين التي احتضنتها بنما منتصف افريل الماضي والتي كان ابرز حدث فيها اللقاء التاريخي بين اوباما وراؤول كاستر وأن سياسة العقوبات والحصار لم تؤت أكلها ،فلم تفلح واشنطن في كلها محاولاتها الرامية الى الإطاحة بالنظام الشيوعي في كوبا في حين تهاوت أنظمة أخرى – كانت تبد وأكثر تماسكا وقوة - كأوراق الخريف بمجرد سقوط الاتحاد السوفياتي واليوم يبد وجليا أن إدارة اوباما ليس لها من خيار سوى اتخاذ سياسة صادقة اتجاه المصالحة مع كوبا .