فصلت الوساطة الدولية للحوار المالي الشامل، في تاريخ توقيع الاتفاق النهائي للسلم والمصالحة الوطنية، وحددت 15 ماي الداخل تاريخا للحدث الذي ستحتضنه العاصمة المالية باماكو، فيما طفت إلى السطح تساؤلات حول كيفية الشروع في تنفيذ الاتفاق دون تنسيقية حركات أزواد. لهذا تنصب الجهود الدبلوماسية لاقناع التنسيقية بجدوى الانخراط في المسعى السلمي الذي يخدم مصلحة البلاد أولا وأخيرا.
لا حديث في مالي، سوى عن موعد التوقيع النهائي على الاتفاق الذي توج 5 جولات من المفاوضات بين الحكومة وفصيلي الحركات السياسية والمسلحة بشمال مالي، في إطار مسار الجزائر، وبرعاية وساطة دولية يقودها وزير الخارجية رمطان لعمامرة.
ويجري التأهب لطي صفحة مفاوضات طويلة أخرى لا تقل صعوبة وحساسية، خاصة وأنها تتعلق بتنفيذ بنود وثيقة الاتفاق على أرض الواقع، بهدف تجسيد مساعي إعادة السلم والاستقرار لكامل ربوع البلاد، استجابة لتطلعات الشعب.
وإلى موعد 15 ماي، الذي حددته الوساطة في البيان الصادر عن وزارة الخارجية يوم 18 أفريل الجاري، بلغ النقاش أشده، حول مصير الاتفاق في ظل تشبث تنسيقية حركات أزاد -التي تضم الحركة الوطنية لتحرير أزواد، المجلس الأعلى لتوحيد أزواد والحركة العربية الأزوادية (منشقة) - بعدم توقيع الاتفاق في نسخته الحالية، مطالبة بتضمينه تعديلات تصر عليها، وكيف سيأخذ طريقه إلى التنفيذ في ظل غياب طرف رئيسي في مسار المفاوضات؟
بالنسبة لوزير الخارجية، ورئيس فريق الوساطة الدولية، رمطان لعمامرة، يبقى التفاؤل قائما “بحضور أغلب الأطراف المالية لتوقيع السلم والمصالحة الوطنية في منتصف شهر ماي ببماكو”، بل وتسود رئيس الدبلوماسية الجزائرية، قناعة بانخراط غالبية الماليين في مسار الجزائر.
قناعة لعمامرة، عززها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى مالي ورئيس بعثة المينوسما، منجي الحامدي، الذي أكد للرئيس ابراهيم بوبكر كيتا، التوقيع النهائي على الاتفاق، في 15 ماي، يعد تتويجا ناجحا للمفاوضات، وقبل ذلك أعلن وزير الخارجية المالي عبدو اللاي ديوب أن مراسيم طي صفحة الحوار الشامل وبشكل نهائي ستكون بحضور تنسيقية حركات أزواد أو من دونها.
ويفهم من فصل الوساطة الدولية والحكومة المالية، وحركات الأرضية الموقعة، في أمر حسم الشق الأول من عملية هندسة السلم بمالي، أن الاجماع الذي حظيت وثيقة الاتفاق باعتبارها عصارة جهد الوساطة استنادا لأغلب مقترحات أطراف الأزمة، لن يعرقله طرف يريد تغليب تعديلاته على حساب الأطراف الأخرى، التي تعترف أيضا أن ما تتضمنه الوثيقة من بنود ليس مثاليا ولكنه مناسب ويشكل أرضية لإخراج البلاد من الأزمة الحالية.
وترى المجموعة الدولية، في فصيل حركات الأرضية الذي يضم الحركة العربية الأزوادية، التنسيقية من أجل شعب الأزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة، إلى جانب حركتين أخريين من هذا الفصيل، والحكومة المالية، أغلبية تساند السلم والاستقرار بالجمهورية المالية، الأمر الذي سيضع أي جهة تحاول تعطيل تنفيذ الاتفاق، عرضة لعقوبات تصدر عن الهيئات الدولية المختصة، ويصنف كعدو أول للسلم.
ومن هذا المنطلق، تضع تنسقية حركات أزاد، أمام ضغط رهيب، ففي حال ثباتها على موقفها الرافض، ستكون أمام مسؤولية أخلاقية تتعلق بنيتها الحقيقية في المساهمة بصناعة السلم بالمنطقة، ومسؤولية تاريخية لاحتمال تضييعها فرصة كهذه، لإنهاء سنوات العداء.
ويبدو أن أعضاء التنسيقية، يدركون جيدا، الخيارات المطروحة أمامهم، في قادم الأيام، بشكل كسر وحدة الكلمة بينهم، وقسمهم إلى الداعين للانضمام إلى التوقيع والرافضين، وتجلى ذلك في رسالة أمينهم العام بلال آغ الشريف في 04 أفريل لرئيس فريق الوساطة، أبدى فيها الاستعداد للتوقيع، قبل أن يعقبها بيان من نواقشط الموريتانية، يفيد بالحفاظ على موقف الامتناع.
التنسيقية، ستجد نفسها في عزلة، إذا ما لم تراجع حسابتها فيما تبقى من أيام عن مراسيم التوقيع، فالمجموعة الدولية حسمت في مسألة انهاء المفاوضات والشروع في تنفيذ الاتفاق، ولن يكون لها خيار غير الانضمام للركب.