يشكّل موضوع البيئة والحفاظ على المحيط العام بكل مكوناته البيولوجية بولاية بومرداس، إشكالية حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإدارية المكلفة بتسيير وحماية القطاع، وكذا الجمعيات الناشطة في الميدان بالنظر إلى تعقّد الوضعية وصعوبة إصلاح ما أفسدته وتفسده أيادي النهب والتخريب الذي تتعرض له المساحات الخضراء والغابية من رمي عشوائي لمختلف النفايات، وقطع للأشجار غلى غرار غابة الساحل بزموري، وأخرى تتعرض للحرائق.
جاءت الحصيلة السنوية المعروضة من طرف محافظة الغابات لولاية بومرداس الخاصة بـ 2014، سلبية تماما من حيث عملية التشجير بتسجيل 0 هكتار، ونفس الشيء بالنسبة للمساحات الخضراء، توقف مشروع إنجاز وتهيئة غابة التسلية بزموري، وهو ما يبرز التقلص المتواصل للمساحة الغابية، في حين شهدت عملية إعادة التشجير 105 هكتار، كما كشف برنامج العمل لسنة 2015، تسجيل عدة عمليات في إطار البرنامج القطاعي للتنمية، منها تشجير 200 هكتار، إعادة تشجير 200 هكتار، صيانة وتشجير 563 هكتار وفتح 120 كلم من المسالك الغابية.
بدورها سجّلت مصالح الحماية المدنية في نفس الفترة، 821 تدخلا في إطار حملة مكافحة حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية، منها 31 حريق غابات أتت على 37.5 هكتار، 113 حريق أدغال على مساحة 245.7 هكتار، 592 تدخلا في حرائق الأعشاب بمساحة 94.8 هكتار، 5 تدخلات في حرائق المحاصيل الزراعية وتسجيل خسائر على مساحة 3.5 هكتار، 58 تدخل في حرائق الأشجار المثمرة تسببت في إتلاف 4882 شجرة مثمرة، إضافة إلى 22 تدخل في حرائق الكلأ والتبن.
مجهودات محلية غير كافية
من أجل مواجهة ظاهرة انحصار المساحات الخضراء عبر عدة مناطق بولاية بومرداس، تقوم بعض البلديات بمجهودات ميدانية لتدارك العجز ومحاولة تنظيم حملات تطوعية للتشجير بالتنسيق مع المؤسسات التعليمية والشبانية، واستغلال مختلف المناسبات الوطنية والعالمية، ومنها موعد السنة الدولية للتنوع البيولوجي وحملة غرس مليار شجرة من أجل الكون.
وهنا يؤكّد رئيس بلدية الناصرية لـ “الشعب”، أنّ البلدية استفادت من 6 مشاريع خاصة بالمساحات الخضراء تضاف إلى المشاريع المسجلة بهدف إضفاء طابع جمالي للمدينة وخلق فضاءات خضراء للمواطنين، من أجل التقليص من ظاهرة الاسمنت والمساهمة في تثبيت عملية التوازن البيئي، رغم اعترافه بصعوبة المهمة في ظل استمرار ظاهرة الحرائق التي تزداد حدة خلال موسم الصيف عبر سفوح وجبال المحيطة، مشيرا هنا بالذكر إلى قرية حمادة التي لم يبق بها سوى ثلاثة سكنات بسبب مشكلة الحرائق وافتقاد البلدية إلى محطة تطهير المياه المستعملة التي تصبّ كلها في واد سيباو عبر وادي الكوانين.
من جهته، كشف رئيس بلدية سوق الحد بوعلام قومتر، أنّ مصالحه قامت خلال سنة 2014 بغرس أكثر من 400 شجرة وسط المدينة وعلى أرصفة الطرقات، مع تنظيم حملات متواصلة في مجال التشجير وحماية البيئة التي تعتبر شرطا أساسيا كما قال في الحفاظ على البساط الأخضر النظيف، مؤكدا بالقول “أنّ بلدية سوق الحد محظوظة إلى حد كبير في مجال البيئة والمساحات الخضراء، باعتبارها منطقة جبلية تشتهر بأشجار الزيتون وبالخصوص بعد غلق المفرغة العشوائية، كما تتواجد بها العديد من القرى معروفة بطابعها الريفي النّظيف، لكنه مهدّد باستمرار مشكلة الحفر الصحية نتيجة غياب شبكة الصرف الصحي.
هكذا تبقى عملية التشجير وحماية المحيط والبيئة السليمة مسؤولية الجميع، وثقافة مشتركة بين المواطنين وكافة الهيئات والإدارات المحلية للحفاظ على المساحات الخضراء والغابية بولاية بومرداس التي تقدر بـ 22951 هكتار منها 3740 هكتار غابات، 19211 هكتار أدغال ما يمثل نسبة 16 بالمائة من المساحة الإجمالية للولاية، لكنّها ومع الأسف في تقلّص مستمر.