قدم رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل عبد الرحمان عرعار في لقاء مع «الشعب»، عرضا مفصلا عن قانون العقوبات المعدل سنة 2013 والذي تطرق لظاهرة التسول بوضوح، ولكن غياب قانون حماية الطفل الذي سيصادق عليه البرلمان قريبا جعله حبرا على ورق في السنتين فائتتين، باعتبار أنه يضع آليات تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع.
وأرجع عرعار ظاهرة التسول إلى التحولات والتقلبات الكبيرة التي عرفها المجتمع في السنوات الأخيرة ما خلق الكثير من الآفات الاجتماعية، جعلت من الأطفال فئة مستغلة بل وتعيش وضعا اجتماعيا مأساويا وغير واضح المعالم، ليصبحوا ومع مرور الوقت منبع لمشاكل أخرى في المجتمع، كالمخدرات والانتهاكات الجنسية.
وقسم رئيس جمعية «ندى» هؤلاء الأطفال المتسولون إلى ثلاث شرائح، الأولى تتكون من الأمهات العازبات اللائي وقعنّ في الخطيئة فوجدن الشارع الملجأ الوحيد لهنّ لأن المجتمع يرفضهن ولا يتقبل وجودهن وسطه.
أما الشريحة الثانية فهي العائلات المغلوبة على أمرها التي اضطرتها الظروف إلى التسول بأطفالها من أجل تأمين لقمة العيش وسد حاجاتهم وهنا يبرز الدور المهم لآليات الحكومة للتكفل بهذه الفئة الهشة
والمحتاجة إلى المساعدة.
أما الشريحة الثالثة فهي مرتبطة بالشبكات المنظمة التي تستغل فقر الناس وحاجتهم فتستأجر أطفالهم من اجل التسول أين تجدهم يتحايلون بإعطاء الأطفال الصغار منوما حتى لا يبكون ولا يظهرون للمواطنين أن لا قرابة تجمعهم بهم ، والملاحظ حسب عبد الرحمن عرعار فإن هؤلاء الأشخاص يعملون وفق نظام معين بحيث توصلهم السيارة إلى مكان عملهم مع الحرص على تغيير الطفل في الفترة المسائية، ومثل هذه الشبكات مرتبطة بشبكات أخرى كالدعارة والمتاجرة بالمخدرات، لذلك لابد من قوة القانون لردعها عن استغلال الأطفال في التسول.
وأكد عرعار أن شبكة «ندى» للدفاع عن حقوق الأطفال رفعت دعاوى كثيرة ضد مجهول لتخليص هؤلاء الأطفال من هذا الجحيم ولكن دون جدوى، وحسب عرعار اصطدمت شبكة «ندى» بواقع آخر هو غياب الحل الاجتماعي فالأم العازبة التي تتسول في الشارع لا بد من توفير مركز إيواء لها ولابنها وهذا غير متوفر حاليا في الواقع لأن المراكز الموجودة تفصل بين الاثنين ، كما يجب – حسب عرعار- توفير عمل لتأمن حاجيات ابنها اليومية ولكن رفض المجتمع لها يجعل من المهمة شبه مستحيلة، لذلك على الدولة توفير مراكز الإيواء التي يمكنها التكفل بمثل هذه الحالات وأخرى، فالمطلقة التي ترمى في الشارع مع أبنائها لا بد لها من حل اجتماعي لحفظ كرامتها من التسول أو من أشياء أخرى أكثر سوءا.
أما فيما يخص التشريع لاحظ عرعار رئيس شبكة «ندى» للدفاع عن حقوق الأطفال أن تعديل قانون العقوبات في 2013 ينص صراحة عن ظاهرة التسول.
أما القانون المعدل فيجرم ظاهرة التسول ويسلط أقصى العقوبات على كل شخص يستغل طفلا في التسول، ولكن -حسب عرعار- للأسف لم يطبق على أرض الواقع بسبب غياب قانون حماية الطفل الذي يضع آليات تنفيذه، وأوضح عرعار أن قانون حماية الطفل موجود حاليا على مستوى البرلمان الذي سيصادق عليه نهاية شهر ماي الداخل إن شاء الله.
وطالب هذا الأخير من جهته تفعيل هذه الآليات على المستوى القضائي والاجتماعي لبلوغ نتيجة إيجابية للحد من هذه الظاهرة التي تدمر مستقبل أجيال كاملة، وكشف في ذات السياق أنه وبمجرد المصادقة على قانون حماية الطفل ستكون أول حملة تطلقها شبكة «ندى» ضد التسول.
وفي شرحه لآليات تطبيق قانون العقوبات قال عرعار أنها تبدأ باستحداث هيئة وطنية لحماية الطفل، أو هي مفوض الطفل الذي يحرك دعوى عمومية أمام السلطات القضائية والاجتماعية وهي هيئة اجتماعية تساهم في إيجاد الحلول الاجتماعية المناسبة لرفع الأذى عن الطفل المتضرر، وهي تابعة للوزير الأول عبد المالك سلال وتضم مختلف القطاعات الوزارية المعنية بحماية الطفل.
أما الآلية الثانية فتتمثل في وضع التعريف النهائي لهذه الشريحة في القانون وهو أطفال في خطر معنوي بحاجة إلى حماية اجتماعية وقضائية، وقال عرعار في هذا الشأن أن قانون حماية الطفل يوضح الكيفية التي يتكفل بها المجتمع بهذه الفئة الهشة عن طريق الجمعيات والمجتمع المدني بصفة عامة.
وأكد عرعار في الأخير أن الحل يكمن في امتلاك الشجاعة للقيام بالخطوة الأولى لتغيير ما يعانيه الأطفال من الآفات الاجتماعية المختلفة - لعل أكبر عدد منهم يستغل في التسول- بإيجاد العلاج الاجتماعي الناجع لكل تلك الظواهر السلبية في المجتمع بتكفل الدولة بهذه الفئة الهشة إلى جانب تطبيق العقوبات التي ينص عليها قانون العقوبات لردع كل من تسول له نفسه استغلال الطفل في أعمال دنيئة.