نزلت السيدة وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، ضيفة على فوروم الإذاعة الجزائرية، حيث تطرقت إلى واجهة القضايا الثقافية الراهنة، وهي تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية المنتظر أن تنطلق شعبيا يوم غد الأربعاء، ورسميا بعد غد الخميس.. وأكدت لعبيدي على أن المشاريع غير المستكملة لن تؤثر على السير الحسن للتظاهرة، وأضافت بأن المهم ليس النشاط في حد ذاته، وإنما ديمومة الفعل الثقافي وإشراك الجميع في إنجاحه.
وأشارت وزيرة الثقافة إلى أنها لاحظت وجود اهتمام أكبر بهذه التظاهرة، مقارنة بتظاهرات عديدة أخرى، وعزت ذلك إلى كون قسنطينة تتميز بأشياء خاصة، فهي تجمع كثيرا من المواصفات ما يجعلها نموذجا مصغرا لكل ما هو موجود في مدن الجزائر. هذا الاهتمام، تقول الوزيرة، لم تختص به هذه التظاهرة فقط، بل الفعل الثقافي ككل خاصة في السنوات الأخيرة، حيث يمكن ملاحظة التجند من حيث المحتوى والنشاط، “يعود ذلك إلى أن متطلبات الجزائريين وتطلعاتهم في قطاع الثقافة صارت أقوى وأكبر”، تقول لعبيدي.
حدث يهم كل الجزائريين
واعتبرت لعبيدي أن لهذا الحدث ميزة خاصة وانعكاسات على الحياة اليومية للجزائريين، وهناك كثير من الدول تتابع هذا الحدث المهم، وعيون كثيرة تتجه إلى قسنطينة، “كثير من البلدان تمنت المشاركة وهذا أمر إيجابي”، تقول ضيفة فوروم الإذاعة، مضيفة بأن من المهم أن تكون قسنطينة مدينة تسمح لكل الولايات بالمشاركة في التظاهرة، “لقد كان لنا لقاء مع مديري الولايات، حيث تم التأكيد على تقديم كل ما هو جميل في مختلف ولايات الجزائر، ونتمنى أن تكون مشاركتها نوعية ومتميزة في ظل تنافس ليقدم كل واحد منهم الأحسن”.
ترى لعبيدي بأن الجزائر اكتسبت تجربة من التظاهرات السابقة، من حيث التجنيد على سبيل المثال، مؤكدة على ضرورة استخلاص الدروس ممّا سبق، فالتقييم الذي قدمته الوزارة سيكون رصيدا للمستقبل، فالأهم هو الوصول إلى أن نرى من خلال كل نشاط ما يرسخ الفعل الثقافي، حتى لا يكون النشاط ظرفيا ومناسباتيا، “طلبتُ أن نفكر من الآن فيما بعد التظاهرة، وكل ما نقوم به الآن من تأسيس لجمعيات أو نشاطات، يجب أن يكون في إطار التفكير فيما سيبقى في قسنطينة”.
وأصرت لعبيدي على أن تسيير القطاع الثقافي يتم بالمشاركة مع المجتمع المدني، فالوزارة ستقدم شيئا فشيئا أعمالا ونشاطات غير ممركزة على مستواها، وإنما تسمح للمجتمع والجمعيات والمبدعين والمفكرين أن يساهموا في الفعل الثقافي. وأعطت الوزيرة مثالا بالليالي الشعرية، ما يبين أنه لما تتاح الفرصة للمبدعين تكون لهم المبادرة ويكون الأمر أجمل من النشاطات التي تقدمها الوزارة، “أنا لا أقلل من جهود إطارات الوزارة، ولكن دور الوزارة هو المتابعة والتنسيق، والمبدعون هم من يقومون بالنشاط”، تقول لعبيدي، التي اعتبرت بأن أهم شيء بالنسبة لنا هو ليس النشاط الثقافي فحسب، بل الرؤية والتصور التي يكون لدينا لهذا النشاط: “يجب أن نسجل أنفسنا في مشروع وتصور وسياسة ثقافية جزائرية.. كيف نؤسس لفعل ثقافي وتصور للإرتقاء بهذا النشاط، نشاط يجعلنا نرى بعيدا”.
فلسطين اولى الدول المشاركة
وعن الدول العربية المشاركة، قالت لعبيدي إن النشاطات ستكون على مدى سنة كاملة، أي 48 أسبوعا لاستقبال النشاطات الدول الشقيقة. وستكون الانطلاقة بدولة فلسطين نهاية شهر أفريل الجاري، وقد تم التأكيد أكثر على إظهار كل ما يتعلق بتراث هذه الدول.
وسيقدم الافتتاح الشعبي يوم 15 بقسنطينة كل الدول العربية الـ22 التي ستتداول في هذه المسيرة بالمدينة، وبعد هذا الاستعراض ستترك كل هذه الشاحنات المشاركة للأطفال حتى يتعلموا منها الوطن العربي بجغرافيته وخصائصه. وأضافت الوزيرة بأنه من البديهي أن لا تستطيع بعض البلدان المشاركة بقوة نظرا لأوضاعها السياسية غير المستقرة، فالطلبة المقيمون بالجزائر، أو السفراء، هم من سيمثلون بلدهم. “أوضاع الجزائر ورهانات جعلتها عاصمة يتداول عليها الوزراء والمسؤولون، ووصولنا إلى وئام ومصالحة وسلم أبرزت مكانتها الخاصة على الساحة الدولية” حسب لعبيدي.
وعن حظ الطفل من التظاهرة، قالت لعبيدي إن برنامج المسرح يشمل حوالي 40 مسرحية ربعها مخصص للأطفال. فإشراك الطفل سواء كمستفيد من النشاط أو كمشارك فيه له دلالات كبيرة، مع التأكيد على التوجه العلمي للنشاطات.
أما المرافق والمنجزات الثقافية الجديدة، فمنها الجاهز مثل قاعة العروض ودار الثقافة المرممة، وهناك مشاريع أخرى مثل المكتبة، عرفت تأخرا نسبيا لأسباب موضوعية وقد يتم تسليمها في سنة، وهو تأخر نسبي ولن يؤثر على مسار التظاهرة.
فأثناء الحفريات تم اكتشاف آثار تاريخية، ما تطلب تغيير الأعمال للحفاظ عليها. كما أن مشاريع ترميم المدينة العتيقة ليست منفصلة عن مخطط القطاع المحفوظ في قسنطينة، أي أنه داخل في مشروع أوسع من التظاهرة وهو سيتطلب وقتا، (مخطط القطاع المحفوظ في قصبة العاصمة أو دلس أو مدينة قسنطينة)، إذ يجب دعم تأهيل المهندسين المعماريين المتخصصين، كما أن هذه الأعمال تتطلب في آن واحد الدراسة والإنجاز، بتشخيص ما هو موجود، وكذا عملا دقيقا وشبه يدوي، إذ لا يمكن الترميم بطريقة صناعية، ما يعني عدم استعمال نفس المنهجية في البنايات الجديدة (الدراسة ثم تليها مرحلة الإنجاز). إذن هذه المشاريع لن تسلم فقط في 2015 وإنما حتى في 2016 أو ما بعدها، فهذه التظاهرة ليست نقطة وصول وإنما هي نقطة انطلاق في هذه المشاريع، كما أن “ترميم المساجد نقطة حساسة ومهمة وأتمنى متابعتها وهي أولوية لنا”، تخلص لعبيدي.