طباعة هذه الصفحة

الموقف الإفريقي يضيّق الخناق على الاحتلال

أمر باعتقال مسؤولين مغاربة بتهم ارتكاب عمليات إبادة في الصحراء الغربية

مع اقتراب عقد مجلس الأمن اجتماعه، نهاية الشهر، حول الصحراء الغربية، يحاول الاحتلال المغربي السباحة ضد التيار للتملّص من أيّ قرارات تدينه أو تفرض عليه قيودا فيما يتعلّق بانتهاكاته في الإقليم المحتل.

في هذا الإطار، لم يتردد المغرب في شنّ حملة ضد الاتحاد الإفريقي لأنه فقط طالب بتوسيع مهام بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية «مينورسو» لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، والتي جاءت بالتزامن مع تقديم المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس تقريره السنوي حول النزاع في المنطقة.
وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، وجهت إلى بان كي مون، رسالة حثت فيها على توسيع مهام «مينورسو» لمراقبة حقوق الإنسان بالمنطقة، كما عبّرت عن قلقها إزاء «الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية بها».
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن يوم 28 أفبريل، على تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية.
وفي جويلية الماضي، عيّن الاتحاد الإفريقي رئيس موزمبيق الأسبق، جواكين شيسانو، ممثلا خاصا للاتحاد بالصحراء الغربية، وهو الأمر الذي رفضته الرباط، متهمة صراحة شيسانو بدعم البوليساريو.
على صعيد آخر، وفي سياق نقاش أممي ساخن بشأن مسألة حقوق الإنسان بالصحراء الغربية، أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية الإسبانية بابلو روث، أمس الأول، أمره باعتقال 11 ضابطا عسكريا مغربيا لتورطهم في جريمة إبادة في حق الشعب الصحراوي في الفترة الممتدة ما بين 1975 و1992، وجرائم أخرى تتعلق بالتعذيب والقتل والاعتقال التعسفي.
وأكد روث، القاضي بالمحكمة الوطنية، وهي أعلى هيئة جنائية إسبانية، ضمن صك الاتهام، والذي يقع في 40 صفحة، أن قوات الاحتلال المغربي كانت تسعى إلى الإبادة الجماعية بهدف الاستيلاء على وطنهم الصحراء الغربية.
وقال القاضي في خلاصة قراره، إنه «منذ نوفمبر 1975، تاريخ احتلال المغرب للصحراء الغربية، وحتى العام 1991، كان السكان المدنيون عرضة لهجمات ممنهجة ومعممة من جانب قوات الشرطة والجيش المغربيين».
وتحدث عن «عمليات قصف لمخيمات سكان مدنيين، وتهجير قسري لهم وعمليات اغتيال واعتقال واختفاء لأشخاص من أصول صحراوية».
وخلص إلى أن هذه الأعمال ترقى إلى جريمة إبادة جماعي،ة لأن كل العناصر المكونة لهذا الجرم قد تجمعت لاسيما وأن الضحايا اضطهدوا «تحديدا بسبب أصولهم (الصحراوية) بهدف القضاء جزئيا أو كليا على هذا الشعب والاستيلاء على أرض الصحراء الغربية».
وبناء عليه أصدر القاضي مذكرات توقيف دولية بحق سبعة من المتهمين وأربع إنابات قضائية بحق الأربعة الباقين كي يتم تبليغهم بالاتهام الموجه إليهم وكي تجمع السلطات مزيدا من المعلومات عنهم كونهم لم يكونوا مشمولين حتى اليوم بالملاحقة.
ومن بين المتهمين السبعة الذين صدرت بحقهم مذكرة توقيف دولية، عبد الحفيظ بن هاشم، الحاكم السابق لإدارة الإقليم في وزارة الداخلية حتى العام 1997، وسعيد أواسو الذي كان حاكما لإقليم السمارة (الصحراء الغربية) بين عامي 1976 و1978، وحسن أوشن الذي خلفه في هذا المنصب.

جرائم ممنهجة بغطاء رسمي

كما تشمل المذكرات كلا من المدير العام السابق لمقر قيادة القوات المسلحة عبد الحق لمدور وقائد الدرك الملكي في السمارة الكولونيل إدريس السباعي واللذين توليا هذين المنصبين خلال فترة ضم الصحراء الغربية.
واعتبر القاضي أن هذين المتهمين مسؤولان عن عمليات التعذيب التي تعرضت لها حضرم عبد الرحمن، التي اقتيدت من منزلها في 15 ديسمبر 1975 وانتزع منها بالقوة رضيعها الذي لم يكن قد أتم عامه الأول.
ويضيف القرار الاتهامي، أن هذه المرأة عذّبت يوميا طيلة شهر ونصف الشهر «لفترات غير محددة، بينها فترة راحة تتراوح بين 10 و15 دقيقة». وكانت «ضحية لاعتداءات جنسية» وتم «خصوصا تعليقها من قدميها ورأسها إلى الأسفل، بينما كانت تضرب بالعصا» وكذلك «وضعت عارية على طاولة وضربت إلى أن اقتلع جلدها».
كما ذكر القاضي، حالة عمر بوزيد أحمد بيبا وهو تاجر «إسباني الجنسية»، اعتقلته في 10 جويلية 1976 عناصر من الدرك الملكي في السمارة و»عذب لمدة أربعة أشهر و15 يوما على الأقل، بصعق كهربي في أعضائه التناسلية وفمه وأصابعه»، قبل أن تفقد عائلته أي أثر له.
التحقيق في هذه القضية فتحه القاضي بالتازار غارزون في 2007، بناء على شكوى تقدمت بها جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان وعائلات ضحايا تؤكد اختفاء أكثر من 500 صحراوي اعتبارا من العام 1975.
وبناء على هذه الشكوى حقق القضاء الإسباني في احتمال تورط 13 مشتبها بهم من أصل 32 مشبوها، بينهم أشخاص توفوا مثل إدريس البصري الذي مات في 2007 بباريس بعدما شغل طيلة 20 عاما منصب وزير الداخلية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
وفي مجال آخر، انتقد المجلس الأوروبي، الخميس، «سوء المعاملة الجسدية» التي تمارسها السلطات المغربية ضد المهاجرين غير الشرعيين وذلك عند محاولتهم الوصول إلى مدينة مليلية الخاضعة للسيادة الإسبانية.
كما اتهمت منظمة «هيومن رايتش ووتش»، الرباط بمواصلة حملتها لـ»تقويض» عمل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية في المملكة، رغم صدور حكمين قضائيين ضد حظر السلطات لتجمعاتها، بسبب مواقفها المعبّرة عن «توجه سياسي».