يتحدث خبراء ومهنيين عن قدرات التصدير وواقع تنافسية الآلة الانتاجية الوطنية، في ظل مواجهة المنافسة الاقتصادية الشرسة عبر الأسواق الدولية، وراهنوا على أولوية تنظيم الاقتصاد الوطني، للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، مقترحين إنشاء رواق أخضر لتفعيل التصدير، مع إعادة النظر في النصوص التشريعية وتهيئة الفضاءات على مستوى الموانئ.
رافد عبد القادر (عضو الجمعية الوطنية للمصدرين):
“رواق أخضر للتصدير وإزالة الحواجز الإدارية”
اعتبر المصدر رافد عبد القادر، عضو الجمعية الوطنية للمصدرين، أن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية حتمية لا مفر منها، لأنه ضروري أن تكون للجزائر حركة تجارية مع الدول، علما أن هذه الأخيرة تضبطها قوانين وتخضع لأطر تنظيمية. ووصف خوض تنافسية التجارة الخارجية على مستوى الأسواق الدولية، بالمعركة السلمية التي تحتاج إلى ذكاء ومنهجية وتخطيط، وذكر أن الندوة الوطنية للتجارة الخارجية الأخيرة، يعوّل عليها كثيرا بالتتويج بتوصيات فعلية تصّب في هذا المجال وتعزّز التجارة الخارجية وتفّعل التصدير. وراهن المصدر رافد على أولوية تنظيم الاقتصاد الوطني كخطوة أولى للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، في ظل وجود أدوات قانونية لحماية المنتوج الوطني من خلال إمكانية وضع حواجز قانونية، تتمثل في جعل المنتوج المستورد أغلى سعرا من المنتوج الوطني وتبقى النوعية والجودة العنصر الحاسم بينهما.
واقترح رافد المصدر في مجال الخدمات ولديه مكتب استشارة وتمكن من استقطاب نحو 30 مؤسسة أجنبية للاستثمار بالشراكة في الجزائر، إنشاء رواق أخضر للتصدير لتفعيل حركة التصدير نحو الخارج، ورفع جميع الحواجز التي تعيق المصدر عن نشاطه، مع الإبقاء على الالتزامات فقط، لأن المستورد نشاطه أسهل من المصدر بسبب الحواجز الإدارية المتعددة التي يواجهها، وفي ظل غياب الهياكل القاعدية للتصدير، رغم الإمكانيات الكبيرة للتصدير غير المستغلة.
علام أحمد (مدير الاعتماد بالمعهد الجزائري للمواصفات):
“طرح منتوجات بجودة عالية لكسر التذّرع بعدم مطابقة المعايير”
ويتحدث علام أحمد، مدير الاعتماد بالمعهد الجزائري للمواصفات، عن ضرورة طرح المؤسسة الإنتاجية الجزائرية لمنتوج ذا جودة عالية يطابق المواصفات والمعايير، من أجل اقتحام الأسواق العالمية بسهولة وتنافسية، لأن العديد من الدول الصناعية - كما ذكر- ومنها تلك العضوة في منظمة التجارة العالمية، تلجأ إلى حيلة التذرع بعدم مطابقة المنتوج للمعايير من أجل الدفاع عن منتوجها مستبدلة الحاجز الجمركي التقليدي بمطابقة المعايير. واقترح علام مدير الاعتماد، اقتحام المنتوج الوطني للاسواق الدولية ليلقى رواجا، بتشكيل ما أسماه “بلوبي” للتصدير، ومن ثم السير نحو البحث عن الزبائن الذين يقتنون المنتوج الوطني، بعد الترويج له بشكل ذكي، بعد أن تتوفر فيه - بطبيعة الحال- معايير الجودة ومطابقة جميع مقايس الانتاج العالمية، على اعتبار أن المنتوج في حد ذاته يمكن فرض نفسه بنظامه الصارم واستجابته للمعايير، وهذا ما يجب أن يتم الوصول إليه، على حد تأكيده. وحول انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية، قال: “ نحتاج إلى تأهيل النصوص التشريعية وتكريس المعايير والمواصفات”، واغتنم الفرصة ليدعو الصناعيين من أجل طرح إنتاج وطني يخضع للجودة والمواصفات. وحول المنتوجات التي تهدد صحة وسلامة المستهلك الجزائري وعدم مطابقتها للمعايير، وتروج الكثير منها في أسواقنا، أوضح علام أنه يجب أن يتم استيراد السلع الضرورية فقط، مع تحديد ظاهرة الإغراق الكبيرة من السلع، ومن ثم الذهاب إلى إنتاج سلع عالية الجودة.
كمال خفاش (خبير في الاقتصاد والتجارة الخارجية):
«ضرورة تهيئة الموانئ وتبسيط الإجراءات القانونية”
أكد كمال خفاش خبير في الاقتصاد ومختص في التجارة الخارجية أن المؤسسة الإنتاجية الجزائرية في الوقت الراهن ليست مستعدة بالشكل المطلوب لخوض غمار منافسة منتوج المؤسسات الأجنبية على اعتبار أنها مازالت في حاجة إلى الرفع بشكل كبير من تنافسيتها، لكنه لم يخف في سياق متصل وجود بعض المؤسسات التي خضعت للتأهيل ولديها قدرات كافية تؤهلها للتصدير في الأسواق الدولية خارج قطاع المحروقات، واغتنم الفرصة ليدعو السلطات المعنية بتهيئة الوضع وتسهيل الإجراءات القانونية في ظل وجود ما أسماه بوجود قوانين غير واضحة ومعقدة، يجب أن توضح وتخفف تدابيرها، مع تكريس الحرية التامة في ممارسة النشاط الاقتصادي.
ومن جهة أخرى، يرى الخبير خفاش أنه حان الوقت كي تؤهل المؤسسة إنتاجها بنفس المعايير التي يخضع له منتوج المؤسسات الأجنبية ويتعلق الأمر بمعايير الجودة والسعر في ظل وفرة الإمكانيات والوسائل المتاحة كي تقفز تنافسية المؤسسة الجزائرية إلى سقف عالٍ وتقلص من آجال الانفتاح وقيمة الكلفة، وهذا يتطلب منها إعادة النظر في نظامها اللوجستيكي، إلى جانب تهيئة مساحات على مستوى الموانئ لتسهيل التخزين والتصدير نحو الخارج.
أما بخصوص انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، يمكن القول أنها قطعت من المسار أشواطا معتبرة، وحسب تقديري قد تتراوح نسبة التقدم ما بين 65 و70 بالمائة. وأعتبر أن تأهيل تنافسية المنتوج الوطني يعد رهانا ويتوقف عليه الإسراع بالانضمام، لأنه لا يعقل أن يتم الانضمام والمؤسسة الإنتاجية غير جاهزة، لأننا سنواجه مشاكل كثيرة ستؤثر سلبا على اقتصادنا، والمنتوج الوطني إذا نجح في فرض تنافسيته على مستوى السوق الوطنية يمكن الرهان عليه في لمواجهة المنافسة الشرسة عبر الأسواق الدولية.