ركزت شلالي يمينة، أرملة عبد الصمد، المجاهدة بالولاية الخامسة ضمن وزارة التسليح والاستعلامات العامة «المالغ»، أمس، على أهمية التكوين إبان الثورة، والذي مكّن الجزائر من توظيف إطارات بعد الاستقلال لبناء دولة في كل الميادين، مؤكدة أن نجاح الثورة كان بفضل الشعب بكل فئاته، لاسيما المرأة الريفية التي قدمت تضحيات منذ اندلاع الثورة، موجهة رسالة للأجيال الصاعدة للعمل بجد للحفاظ على مكتسبات الاستقلال وبناء بلدهم.
استعرضت المجاهدة شلالي، لدى تنشيطها ندوة تاريخية نظمها المتحف الوطني للمجاهد بمركز التكوين والتمهين عيسات إيدير بالحراش، «تكوين المرأة الجزائرية في جهاز الاتصالات السلكية واللاسلكية إبان الثورة»؛ الدور الذي قامت به قيادة الثورة وعلى رأسها العربي بن مهيدي وعبد الحفيظ بوصوف في تكوين المرأة المناضلة سياسيا وعسكريا، لمواجهة الاستعمار الفرنسي. مؤكدة أن إيمان المناضلات والمناضلين كان أقوى، رغم العتاد الحربي والبسيكولوجي الذي يملكه العدو، كون القضية الجزائرية هي قضية حق وعدالة.
أوضحت المجاهدة، أن التكوين في الثورة أساسي وبدأ بحرب العصابات، حيث قررت القيادة الانطلاق في الثورة بعدها يتم التفكير في التنظيم الذي جاء بعد مؤتمر الصومام، مضيفة أن التكوين انطلق سنة 1956 في جميع الميادين ولم يتوقف، كون المجاهدين كانوا يواجهون جيشا منظما وبمخابراته وكان لابد من التكوين الجيد للتغلب على العدو، منوهة بدور المرأة العظيم خلال الثورة، خاصة المرأة الريفية التي انخرطت في الكفاح المسلح دون تكوين لتخليص شعبها من جبروت الاحتلال الفرنسي الذي اغتصب أرض أجدادها.
وقالت السيدة شلالي، إنه بعد إضراب 19 ماي 1956 التحق أفواج من الطلبة بالثورة قادمين من الدول الشقيقة والأوروبية، ما جعل قيادة الثورة تفكر في تكوينهم ليكونوا جاهزين لبناء وطنهم بعد الاستقلال، مشيرة إلى أن أول فوج تكون في اللاسلكي كان في جويلية 1956، وفي جانفي 1957 كون الفوج الثاني من المراقبين والمحافظين السياسيين، الذي كان أول تجربة للثورة تضم طالبات، حيث كانت هي ضمن هذا الفوج مع ثمان ٍمن رفيقاتها في النضال قائلة: «من حسن حظنا أننا تكونّا على يد عبد الحفيظ بوصوف المدعو سي مبروك».
زيادة على ذلك، كونت قيادة الثورة فوجا آخر لإطارات الدولة في جويلية 1957، حيث كانت نوعية التكوين سياسية، عسكرية ونظامية أي كل الدروس التي تفيد الإطار الجزائري، بتلقين المناضلين تاريخ الجزائر قبل سنة 1830، وتاريخ الحركات الوطنية.
وبحسب المجاهدة، أن الدروس التي كانت تلقن لهم في الجبال لا نجدها اليوم على مستوى الجامعة، لاسيما عنصر النظام الذي كان مهما وفي السرية، هذه الأخيرة بفضلها نجحت الثورة.
ومن بين التدريبات التي خضعت لها المرأة إبان الثورة، تقديم دروس لها في جميع أنواع الأسلحة بما فيها القنابل اليدوية وكيفية تفكيكها، حيث دام التكوين 45 يوما والبرنامج كان مكثفا يبدأ من الساعة السادسة صباحا لغاية السادسة مساء، وبعد استكمال التكوين يخضع المناضلون والمناضلات لامتحان شفهي وكتابي، وقد أبدوا تفوقا كبيرا، حيث أنه بعد اجتياز هذا الامتحان يكلفون بمهام في المناطق السبع المتواجدة بالولاية الخامسة، تضم تعليمات حول كيفية التعامل مع الجيش والشعب وغيرها من الأوامر.
وأضافت المحاضرة، أنه بعد استكمال هذه المهمة، تم إدخالهم إلى مراكز المخابرات واليقظة الموجودة على الحدود الغربية لتعلم الاستعلامات وتفكيك الشفرة، حيث كان عملهم سريا للغاية، مشيرة في هذا الإطار إلى أن أصعب عمل هو السرية. مبرزة بعد النظر الذي كان يتحلى به قادة الثورة.
آملة في الأخير أن تأخذ الأجيال القادمة العبرة من تضحيات أجدادهم وتساهم في بناء الجزائر قائلة: «أدرك حجم الصعوبات التي يعانيها شبابنا، لكن يجب عليكم أن لا تيأسوا».