يتواجد القضاء الجزائر في منعرج حاسم من خلال فتحه ملفات الفساد من الخليفة إلى البنك الصناعي والتجاري الجزائري، وقضية عاشور عبد الرحمن والبنك الوطني الجزائري إلى سوناطراك 1 و2 وصولا إلى قضية الطريق السيار شرق/غرب.
لقد أحدثت هذه القضايا ردود أفعال كبيرة في الجزائر من خلال تتبعها ومتابعة مصير الفساد والمفسدين في الجزائر للحكم على إصلاحات العدالة والاطمئنان لها مستقبلا لأن العدل يبقى أساس استقرار واستمرار الدول، كما قال رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان بأن الفساد يهدد السيادة الوطنية.
إن الإصرار على نهب المال العام مع سبق الاصرار والترصد ظاهرة تزداد انتشارا مثل ما حدث مع الإرهاب وبالتالي لن نجد حرجا في إلصاق صفة الإرهاب بالمفسد، والذي ينهب المال العام لأنه في النهاية يسعى إلى قطع أرزاق العباد من خلال أخذ حقوقهم المالية التي يتقاطعون فيها، وبالتالي نقع في مقولة «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» وهذا ليس دعاية أو إشادة بالإرهاب، ولكن حتى ننقل خطورة الفساد الذي يبقى يثير الكثير من التساؤلات لكون المتهمين كانوا يتقاضون أعلى الأجور ويستفيدون من امتيازات لم توفرها الكثير من الدول المتقدمة.
إن العدالة في الجزائر التي تعرف إصلاحات جذرية منذ سنوات، تبقى تبحث عن المزيد من الاستقلالية والصلاحيات للضرب بيد من حديد، ومنه استباق عمليات النهب والفساد، لأن المحاكمات وما تخلفه من عقوبات لم تمكن في العديد من المرات من استرجاع أقساط كبيرة من أموال الخزينة العمومية، وبالتالي تبقى العقوبات ناقصة في نظر الرأي العام.
والغريب في قضية الفساد هو ازدياد الملفات على مستوى المحاكم وكأن المتابعات لم تعد تخيف هؤلاء المفسدين الذي وصلوا إلى تشكيل عصابات عابرة للقارات لسبب واحد هو عدم خوفهم من العقوبات.
إن تعديل قانون العقوبات يجب أن يكون كل يوم بالنظر للأشكال والأوصاف غير المعلنة للفساد الذي يبقى أخطبوط أخطر من الإرهاب.