تعرف مختلف الحدائق العمومية والمنتزهات بسكيكدة إقبالا كبيرا من طرف الأطفال بمجرد حلول العطلة الربيعية، حيث يغتنم الجميع فرصة تحسن أحوال الطقس لقضاء أيام تنسيهم عناء الدراسة. وأمام غياب منتزهات بمقاييس مقبولة لم يجد أطفال سكيكدة أمامهم سوى بعض الحدائق العامة التي لا تتوفر على الألعاب المفضلة لديهم، فتواجه العديد من العائلات السكيكدية مشكلة في قضاء أيام العطل والمناسبات خارج البيوت ومناطق السكن، نظرا لقلة عدد أماكن التسلية والترفيه، فولاية سكيكدة تفتقر إلى المساحات الخضراء والأماكن المخصصة للتسلية والترفيه الموجهة للعائلات والأطفال على السواء، حيث طغت البنايات والعمارات على كل أرجاء الولاية، أما الحدائق والمساحات القليلة المتوفرة حاليا فقد أصبحت وكرا للمنحرفين.
ويمكن ملاحظة ذلك على مستوى عديد التجمعات السكانية والأحياء مثل حي زيغود يوسف، ديدوش مراد وغيرها، حيث صارت المساحات الخضراء بها ملاذ عصابات الأشرار التي تتوزع هنا وهناك، وهي الظروف التي جعلت العائلات القاطنة بمختلف أحياء سكيكدة وبلدياتها لا تجد مكانا من أجل الاسترخاء في أوقات الفراغ لاستنشاق الهواء النقي بسبب الإهمال الكبير سواء من جانب المواطنين، أو من جانب السلطات في الحفاظ على الغطاء النباتي بالولاية، إذ يذهب البعض من المواطنين إلى قضاء حاجاتهم فوق أزهار وحشائش الحدائق، فيما يعمد البعض الآخر إلى إلحاق الضرر بالأشجار ومختلف أنواع النباتات المتواجدة بالمساحات الخضراء والحدائق عن طريق اقتلاعها. يحدث هذا في ظل تسجيل غياب رقابة من قبل المسؤولين والحراس على مستوى تلك المساحات، ما يعني بالأساس سوء تسيير وتنظيم عملية صيانة الغطاء النباتي من قبل الجهة الوصية.
والاختناق داخل التجمعات الحضرية بولاية سكيكدة ضاعف من حجم معاناة المواطنين وأبنائهم، لا سيما مع النقص الفادح في المرافق العمومية، وأصبح السكان يقصدون حظيرة التسلية بولاية عنابة بحثا عن جزء يسير من الترفيه والتسلية لأبنائهم، ورغم كون المنطقة سياحية إلا أن المرافق المخصصة للترفيه والتنزه معدومة تقريبا، حتى وإن وجدت فليست مخصصة للكل بحيث حوّلها بعض المراهقين إلى أوكار لمعاكسة الفتيات. ولعل المكان الوحيد الموجود هو أرصفة الطريق أو أماكن توقف الحافلات أو الأسواق الشعبية، وهذا النقص المسجل في مرافق وأماكن التسلية والترفيه المخصصة للعائلات، يدفع شباب المنطقة لارتكاب كل أنواع الآفات الاجتماعية.
وما زاد في تفاقم الظواهر المترتبة عن انعدام مرافق التسلية والترفيه، انعدام التوعية الثقافية بضرورة الحفاظ وحماية تلك المرافق من الإتلاف والتخريب إن وجدت، ما يجعل سكان سكيكدة يستبعدون فكرة أنه في يوم من الأيام سوف يحتاجون لتلك المرافق لقضاء العطل.
ويحتضن قصر الثقافة والفنون لمدينة سكيكدة خلال العطلة الربيعية وعلى مدار أسبوع كامل، فعاليات الطبعة الثانية من اسبوع الضحك، حيث برمجت عدة أنشطة ثقافية وفنية وترفيهية تستجيب لرغبات الأطفال البيداغوجية، التربوية والترفيهية، فقد ضبطت إدارة قصر الثقافة والفنون لمدينة سكيكدة، منظمة هذا النشاط، برنامجا متنوعا يتماشى مع كل الأذواق يتضمن العديد من العروض المسرحية، فكاهية وفنية.
وما زال مركز الفروسية ينفرد ضمن قائمة خيارات الترويح المتاحة أمام مواطني مدينة سكيكدة والمناطق القريبة منها، ومن يفكر بقضاء ساعات من الانشراح والانبساط، والفرجة ويقول أحد المواطنين: «نواجه المصاعب والمتاعب، لو فكّرنا أيام العطل في الخروج بنزهة بعيدا عن ضغط البيوت وضجيج الشوارع، فما من بديل أمامنا سوى قصد مركز الفروسية، أو ميناء سطورة، ونحن نضع في الحسبان قضاء أغلب الوقت في زحمة السير، خصوصا عند نهاية الاسبوع، ومع ندرة المرافق الترفيهية بالولاية أصبح تزاحم المئات من السيارات عند ميناء سطورة مشهداً معتاداً أيام العطل والمناسبات».
ويطرح العشرات من سكان ولاية سكيكدة، ككل مرة مشكل افتقار المدينة لمرافق الترفيه والتسلية، على وجه الخصوص عبر الولاية الامر الذي أرهق الاطفال، حيث تأتي إنشغالات هذه الفئة على لسان أوليائهم، الذين يرون بأنهم يعانون يوميا من الغياب التام لأماكن اللعب والترفيه والتسلية، فما إن تدخل أزقة شوارع أحياء عاصمة الولاية، إلا وتجد أطفالا تجمعهم ألعاب قديمة على حافة الطريق وأخرى جديدة «كالبلايستيشن» في دكاكين مختفية عن أعين الجهات الأمنية، حيث يستغل بعض الاطفال شوارع الأحياء كأماكن للعب كرة القدم.
وقد استحسن بعض الأولياء مختلف النشاطات التي تم تسطيرها خلال العطلة الربيعية لفائدة الأطفال من قبل القائمين على مستوى قصر الثقافة، ما جعل هناك تنوعا يسمح بتسطير برنامج عطلة ربيعية مميزة، إلا أن مراجعة الدروس من حين إلى آخر تبقى غاية في الأهمية، والكثير من تلاميذ المدارس قد ظفروا بعطلة مريحة، إلا أن آخرين محرومون منها ويتعلق الأمر بتلاميذ الأقسام النهائية من شهادة التعليم الابتدائي، المتوسط وحتى النهائي، الذين لايزالون غارقين بين أكوام الكتب وسلسلات التمارين المتراكمة استعدادا لاجتياز الشهادة المعنية ما حرمهم من الاستمتاع بالعطلة.
وفي هذا الإطار، تبدأ عملية الاستعدادات النفسية للتلاميذ المقبلين على الامتحانات المصيرية، والتي يتم تنظيمها من طرف مختلف المؤسسات التعليمية بالتنسيق مع أخصائيين في علم النفس، الذين يؤكدون أن تنظيم الوقت وتقسيمه بين الدراسة والراحة هو السبيل الأمثل للنجاح، باعتبار أن المراجعة المستمرة تؤدي إلى الإرهاق ما يحول دون التمكن من الاستيعاب أو الوقوع في النسيان.
ولهذا النقص الرهيب للمرافق الترفهية بالولاية، تعتزم الجمعية الخيرية كافل اليتيم بولاية سكيكدة تنظيم رحلة إلى حديقة التسلية بولاية جيجل لفائدة 100 يتيم ويتيمة بمناسبة العطلة الربيعية، تحت شعار «أكفل فسحتي..وارسم بسمتي»، وهذا بعد الجهد الذي بذله الطلاب الأيتام المسجلون في جمعية كافل اليتيم لولاية سكيكدة، لإيجاد لهم متنفسا وبرنامجا للراحة ينسيهم فعليا ضغط الامتحانات، وتمّ تسطير برنامجا ترفيهيا يتمثل في رحلة إلى ولاية جيجل، يقوم خلاله الأطفال بزيارة الكهوف العجيبة والتعرف عليها.