طباعة هذه الصفحة

رؤساء منظمات أرباب العمل حـول أفق الشراكة

الخيار متاح لكنه يحتـاج إلى التجنيـد والجدّيـة

فضيلة بودريش

تشكّل الشراكة بين القطاع الاقتصادي العمومي ونظيره الخاص جسرا يعوّل عليه في تسريع وتيرة النمو خارج قطاع المحروقات، بل وصارت حتمية في معركة التنمية الاقتصادية التي ترتكز على توسيع نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل تنافسية وجودة الآلة الإنتاجية، كما وكيفا، من أجل توضيح الرؤية والوقوف على مدى بلورة المفهوم الذي شدّدت عليه القمم الثلاثية السابقة، اقتربنا من بعض رؤساء منظمات أرباب العمل للتعرف عن قرب عن الإمكانيات المتاحة والتحديات التي تواجه هذا الرهان الضروري  في التحضير لمرحلة ما بعد البترول والتوجّه نحو خلق الثروة وبناء اقتصاد وطني متنوع تنافسي لا يتأثر بالصدمات الخارجية وتقلبات الأسواق.
تؤكد جميع المؤشرات أن حظوظ الشراكة تكون متاحة وممكنة إذا توفّرت النية والإرادة والعمل بالشفافية، لأن كل ذلك سينعكس بآثار إيجابية على الاقتصاد الجزائري وبالأخص على منظومة المؤسسات الاقتصادية، وتحدّث رؤساء منظمات أرباب العمل عن واقع هذه الشراكة وطرحوا مقومات إرسائها بشكل يسرع من وتيرة التنمية الوطنية..

مهني رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين
صرامة تطبيق القوانين والمرافقة

اعتبر عبد العزيز مهني رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين أن ركائز بناء شراكة قوية وواسعة بين القطاعين العمومي والخاص، تتوقّف على مدى الصرامة في تطبيق القوانين في إشارة منه إلى تجسيد فعلي للعقد الوطني الاقتصادي للنمو وعملي ملموس على أرض الواقع، والتشجيع والمرافقة للتجارب الناجحة حتى تكون نموذجا قابلا للتوسيع والإثراء.
واعترف مهني، أن الشراكة مازالت في بدايتها ومازالت تحتاج إلى تعميق وتدقيق المفاهيم، مستعرضا أهم تجارب الشراكة التي أشرفت منظمته عليها في مجالين، ويتعلق الأمر بقطاعي البناء وكذا الصناعة الغذائية وعاد مهني إلى بداية تكريس الشراكة كمشروع في عام 2002، وطرحت على شركات تسيير مساهمات الدولة في 2005، وجسدت على أرض الواقع في 2007، علما أن الشركة تنتج مادة السيراميك يملكها خواص بالشراكة مع القطاع العمومي في ولاية مستغانم.  
ومن بين مشاريع الشراكة الناجحة كذلك والقليلة تحدث رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين عن مؤسسة “سيراميس” التي تقوم على شراكة تضم ثلاثة متعاملين ويتعلق الأمر بالقطاع العمومي والخاص ومتعامل برتغالي لإنتاج الخزف إلى جانب وجود 2 مصانع في مدينة شرشال يضم ثلاث شركاء ويتعلق الأمر بمجمع بومعراف ومجمع الرياض والأتراك تنشط في مجال الصناعة الغذائية، ويرى مهني أن إنجاح تجارب الشراكة وتوسيعها يتطلب المزيد من التشجيع والمرافقة والكثير من التحفيز وفقا للمعايير الاقتصادية الدقيقة. ولم يخف رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين أنهم مازالوا يتطلعون إلى تطبيق فعلي على أرض الواقع للعقد الاقتصادي الوطني للنمو من أجل أن يتوّج تحدي النمو بالدينامكية التي يتطلبها الراهن الاقتصادي، بهدف تحقيق استقرار الآلة الإنتاجية في مستوى معتبر من الأداء، ويعتقد مهني أنه حان الوقت لتقييم الأداء الاقتصادي والاجتماعي ويتم فتح المجال على ضوء التقييم لطرح المقترحات مشترطا التشاور في القضايا الاقتصادية الكبرى على غرار تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية والسير نحو إجراء حصيلة.
ودافع مهني عن ضرورة تهيئة الظروف لتسهيل تجسيد الالتزامات التي قطعها جميع الفاعلين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في اللقاءات الثلاثية السابقة، ولم يخف من الهواجس القائمة إيجاد حلول للتخفيض من المستوى القياسي للواردات والحد من كل ما هو فوضوي ومواز، وشدّد في هذا المقام على ضرورة ممارسة الرقابة والتنظيم وكذا الصرامة في تطبيق النصوص التشريعية.  

يوسفي رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية
استراتيجية موحّدة لنمو وطني قوي  

أكد حبيب يوسفي رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية على ضرورة تقييم وتقويم أداء منظومة المؤسسات الاقتصادية عمومية كانت أو خاصة، بل ورفع هذا الخيار كمطلب في اللقاء المقبل الذي يجمعهم بالوزير الأول والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، من أجل تجسيد جميع القرارات المتخذة في القمم الثلاثية السابقة، ويرى يوسفي أنه يستحيل أن يشرع في بناء الشراكات مع مؤسسات القطاع العمومي دون الوقوف على الإمكانيات المتاحة، واقترح تسطير إستراتجية واحدة للقطاع الاقتصادي العمومي والخاص لبلوغ مستوى عالي من النمو الوطني في ظلّ وفرة الإمكانيات غير المحدودة، ومن ثم التشجيع على الانفتاح وتكريس مثل هذه الشراكات لتصبّ كلها في تقوية تنافسية الإنتاج الوطني. وتوقّع رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية وجود آفاق واعدة للشراكة العمومية والخاصة في عدة قطاعات لاسيما قطاعي البناء والخدمات، داعيا جميع الفاعلين من القطاعين للتجنّد لإنجاح المشاريع، غير أنه آثار في نفس المقام عدة عراقيل وطرح تخوفات تتمثل في فقدان القطاع الخاص لأسواق لكي ينشط في مساحات أكبر. ووقف يوسفي على تجربة مشاريع الشراكة التي أقامتها كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين مع القطاع الاقتصادي العمومي، وعرفت نجاحا في الإنتاج واستقرارا في الأداء، ووصف السير في هذا المسار بالحتمية التي لا مفر منها، وتساءل في سياق متصل في ظلّ وجود العديد من المؤسسات العمومية التي تتطلع للتطور والتوسع عن سرّ عدم بنائها مع الخواص شراكة لترقية الإنتاج الوطني، مشترطا أن يكون هدف القطاع الخاص تقوية الاقتصاد الوطني وليس تجسيد مصالح شخصية.
ولم يخف يوسفي أنهم يتطلعون لفتح حوار معمق وجدي لبناء اقتصاد وطني قوي يشارك فيه القطاع العمومي والخاص.

مراكشي رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل
القطاع الخاص لديه مسؤولية تنموية كبرى

وبخلاف ذلك، رفض بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل أن يفرق بين قطاع عمومي وآخر خاص، وقال أن مجرد القول إن هناك قطاعين، الأول عمومي والثاني خاص اعتراف بالتمييز بينهما، رغم أنه حسب تأكيده في جميع بلدان العالم، لا يطرح مثل هذه المسألة، على اعتبار أنه في سياسة التنمية، لا يجب أن يفرق، لأن مسؤولية تطوير الاقتصاد، مسؤولية الجميع، بل إن القطاع الخاص في الدول المتقدمة يساهم بقوة في قيادة قاطرة التنمية. ومن بين العوامل الذي تشترط لإنجاح جهود تفعيل التنمية ذكر مراكشي الشفافية وتطبيق القانون على كل ما لا يحترم المعايير وتحديد الآجال لجميع استراتجيات النمو، وانتقد بشدة ما أسماه بالرأسمالية المتوحشّة، مراهنا على تبني استراتجية صناعية ناجعة كون التطور وخلق الثروة لا يتحقق بعيدا عن نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح مراكش أن واقع المؤسسة الاقتصادية اليوم يفرض توفير توجيه ومرافقة وتقييم لكل ما هو متوفر حتى تثمن المكاسب وتعزز القدرات.