حلّ رئيس الوزراء الإثيوبي، هايل ماريام ديساليني بوش، بعد ظهر أمس، بالجزائر العاصمة، في زيارة رسمية تدوم ثلاثة أيام إلى الجزائر، بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
وكان في استقبال ديساليني بوش، لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي، الوزير الأول عبد المالك سلال وعدد من أعضاء الحكومة.
وكان بيان لرئاسة الجمهورية قد أكد، أن المحادثات التي ستجري بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الإثيوبي، وكذا الأشغال التي ستجرى بين الوفدين، ستسمح “بتعميق وتوسيع علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين الجزائر وإثيوبيا اللتين يربطهما اتفاق شراكة استراتيجية أبرم في يونيو 2013 بالجزائر وتشجيع المبادلات والشراكات الاقتصادية التي تعود بالفائدة على الطرفين”.
وأضاف ذات المصدر، أن المشاورات السياسية بين القائدين “ستسمح بتقريب وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، سيما تلك المتعلقة بالسلم والأمن والتنمية في إفريقيا”.
...ويترحم بمقام الشهيد على أرواح شهداء الثورة التحريرية
ترحم رئيس الوزراء الإثيوبي، هايل ماريام ديساليني بوش، أمس، بمقام الشهيد (الجزائر العاصمة)، على أرواح شهداء الثورة التحريرية.
وقام رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي كان مرفوقا بالوزير الأول عبد المالك سلال، والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري ووقف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الثورة التحريرية.
كما قام دوساليني بوش بزيارة إلى المتحف الوطني للمجاهد، حيث قدمت له شروحات وافية حول أهم الحقب التاريخية التي عاشتها الجزائر، لاسيما إبان الثورة التحريرية ليوقع بعدها على السجل الذهبي للمتحف.
وبهذه المناسبة، قدمت لرئيس الوزراء الإثيوبي هدية رمزية من طرف مدير المتحف الوطني للمجاهد.
تطابق وجهات النظر حول محاربة الإرهاب وتسوية النزاعات
علاقات استراتيجية بين البلدين
تشكل زيارة رئيس الوزراء لجمهورية إثيوبيا، هايل ماريام ديساليني بوش، إلى الجزائر، فرصة هامة لتعميق وتوسيع علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين البلدين التي تتميز بالصداقة والتضامن، ما سيجعلهما يعملان على تشجيع المبادلات والشراكة الاقتصادية التي تعود بالفائدة على الطرفين.
تعتبر الجزائر الصديق العربي الأبرز لأديس أبابا ولها استثمارات ضخمة في هذا البلد الأفريقي، ناهيك عن دورها الكبير في تقريب العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا التي تضررت عقب شروع إثيوبيا في بناء سد “النهضة” على فرع النيل الأزرق.
لعبت الجزائر دور الوسيط النزيه، برعاية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وبحضور وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان آنذاك، في حل النزاع الإثيوبي - الإريتري بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين، إلى غاية موافقتها على التفاوض في 18 جوان 2000 لتنتهي بينهما الحرب رسميا بعد توقيع اتفاقية نصّت على تشكيل منطقة أمنية مؤقتة على الحدود بين البلدين، ووقف العالم بأسره تقديرا للسلام الدافئ بين أفورقي وزيناوي، ليؤكد الاتفاق أن مشكلات إفريقيا ونزاعاتها الحدودية، يمكن أن تعرف طريقها للحل بالحوار والتفاوض.
وساهمت هذه العلاقات الوثيقة بين البلدين، في دعم قرارات ومواقف الجزائر من القضايا السياسية الإقليمية خاصة والدولية منها، حيث عملت على الرفع من الوعي الجماعي الإفريقي بوضع آليات إفريقية تعتمد على رؤية جيو استراتيجية لتسوية النزاعات الإقليمية في القارة، بما يتمشى وخطورة النزاعات العرقية والترابية وغيرها والحيلولة دون تدخل وتأثير القوى الاستعمارية القديمة في القارة.
بدورها ساهمت أديس أبابا في طرح ودعم موقف الجزائر في حل نزاعات القارة السمراء في إطار إفريقي بحت، بعيدا عن التدخل الأجنبي النابع من قناعة أن الأفارقة الأولى والأقدر على حل مشاكلهم بأنفسهم، من خلال الهيئات والآليات الإفريقية المتمثلة في الاتحاد الإفريقي وكذا على مستوى منظمة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا “النيباد”.
ويسجل هذا الدعم لأطروحة الجزائر الجيو سياسية للمنطقة، في إطار العمل من أجل الخروج بحلول جذرية تنهي النزاعات، وتبني قرارات موحدة كدعم موقف الجزائر في محاربة وتجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية بهدف تجفيف منابع تمويل الإرهاب، ناهيك عن العمل على دعم النشاط الاقتصادي ومستقبل التنمية في القارة، والاستعمال الأمثل للموارد المتوفرة، بالإضافة إلى تعزيز التوجه الإفريقي في العالم والحرص على التطوير والتحديث والبحث عن سبل الاندماج ضمن هياكل الاتحاد الإفريقي والمنظمات العالمية.
ولعل المشاورات السياسية التي ستكون بين ضيف الجزائر ورئيس الجمهورية، ستصبّ في هذا الإطار من خلال تقريب وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وبشكل خاص المتعلقة بالسلم والأمن في القارة السمراء، ما يؤكد أن بلادنا تمثل على المستوى الإفريقي حجر الارتكاز، باعتبارها تحاول إدارة صناعة الاستقرار في العمق الإفريقي من خلال معالجة القضايا الأمنية المحلية عبر الحوار، والعمل على تعزيز المقاربة الاقتصادية والتنموية لإفريقيا وهو ما ترجمته الزيارات المتتالية للجزائر من طرف الرؤساء الأفارقة التي توجت بشراكات اقتصادية هامة في كل المجالات.