طباعة هذه الصفحة

الخبير عبد الرحمان مبتول في رؤية استشرافية:

“ إمكانيات كبيرة لضمان التنمية شريطة اعتماد حوكمة التسيير”

سعيد بن عياد

اعتبر الخبير عبد الرحمان مبتول، أن للجزائر خياران واحد يدفع إلى النمو ويحفّز على تجاوز المعوقات والآخر يكرس التردّد ويحمل مخاطر ينبغي التفطّن إليها. وأوضح في تصريح لـ “الشعب” أن الخيار الأول الذي يتطلّب حشد الطاقات وتجنيد الكفاءات يتمخّض من فرضية عقلانية ترتكز على الشروط المشجعة للتنمية في ظلّ توفر البلاد على إمكانيات كبيرة تسمح لها بتجاوز أزمة متعدّدة الجوانب التي تواجهها شريطة أن تكون لديها رؤية إستراتيجية تأخذ في الحسبان الحقائق الجديدة الجيو - استراتيجية العالمية.
 وأوضح الأستاذ الجامعي في هذا الشأن، أن التنمية وفقا لهذا التوجّه ترتكز أساسا على الحكم الراشد بمراعاة التحديات الجديدة على غرار تثمين ورد الاعتبار للعلم، دولة القانون من خلال إتباع مسار المناجمنت (التسيير الحديث) الاستراتيجي على مستوى المؤسسات والهيئات وتوسيع مجال حرية المبادرة مع القدرة على التحكم في السوق بفضل الدور المركزي للدولة في الضبط وتنمية الفروع خارج المحروقات من خلال رد الاعتبار للمؤسسة المنتجة للثروة محلية كانت أو أجنبية، في ظلّ محيط تنافسي وبعيدا عن أي احتكار. ودعا الخبير إلى التوجه نحو إرساء نموذج استهلاكي طاقوي جديد وتجاوز النقاشات العقيمة في إطار وضوح للرؤية والتكامل والانسجام الاقتصادي والاجتماعي مسجلا أهمية وحتمية مكافحة الفساد(الرشوة) المثبط للعزيمة الخلاقة للثروة ومكافحة الاقتصاد الموازي القائم على المضاربة والمدمّر للثروة مع تقوية الجدار الداخلي من خلال الحوار، كما أكد عليه مبتول، الذي أضاف أن هذا الخيار هو الأمثل والأكثر واقعية في عالم غير مستقر، مما يجعل أي أمة لا تتقدم سوف تتأخر حتما.
 وشدّد على ضرورة الحرص من كافة الجهات في المجتمع على وضع المصالح العليا للبلاد خارج إطار المصالح الفردية وأن الهدف الحيوي يكمن في تعميق وتدعيم المسار الديمقراطي مع التمسّك بالخصوصيات الثقافية لمجتمعنا كما أضاف، كما يبقى طموح الجزائريين كافة في أن يروا بلادهم في سنة 2030، بلدا ناشئا وصاعدا ضمن الأمم المتجهة إلى النمو وليس بلدا متخلفا كما تقود إليه الفرضية الثانية التي يتصورها الخبير والقائمة على اتباع خيار مواصلة الإنفاق بدون تدقيق وتحكم في المؤشرات. وأشار إلى ضرورة التكفل من الآن بالجوانب المتعلقة بالمسائل الاجتماعية المركزية بحيث ينبغي تمويلها مستقبلا من دون انتظار مداخيل المحروقات على غرار صندوق التقاعد ومواجهة متطلبات توفير مناصب العمل بالنظر لنمو الساكنة لافتا الانتباه إلى المخاطر التي يحملها الوضع الإقليمي والعالمي المستهدف للدول الناشئة، وتلك التي تتأخر في إيجاد مخرج لأوضاعها الصعبة بالتوصّل إلى امتلاك أدوات حماية القرار المستقل بما في ذلك القرار الاقتصادي. خاصة وأن الجزائر في آفاق سنة 2025 / 2030 ستتوفر على تعداد للسكان يقارب الـ50 مليون نسمة يتطلعون لأوضاع معيشية متوازنة، مما يؤكد أهمية التكفل مبكرا بالاستشراف والتوقع بالتحكم في المؤشرات وتدقيق الخيارات بعيدا عن أي اقتناع بالرضا على الذات كون المنافسة بين الدول شرسة ولا مجال فيها لأي تردّد أو تهاون.