استقطب القطاع الاقتصادي خلال العشرية الفارطة عددا معتبرا من النساء اللائي أنشأن مؤسساتهن الخاصة وطرحن في السوق منتوجات منافسة، بل وأثرينا السوق الاقتصادية بتجارب متنوعة وناجحة في مجالات مختلفة للاستثمار المنتج للقيمة المضافة، على اعتبار أن الأرقام تشير أن مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي تجاوزت نسبة الـ18 بالمائة من إجمالي اليد العاملة في القطاع،وأصبح للمرأة في عالم الشغل الواسع مركز هام، كعنصر إنتاج وقوة مبادرة وابتكار إلى جانب إثبات كفاءتها في التسيير.
يعوّل على المرأة التي وضعت خطواتها الثابتة على سكة التنمية في تكريس ديمومة النمو التي تتطلع إليها الجزائر في ظلّ وفرة المقومات وتنوع الإمكانيات والموارد البشرية المنفتحة على مستجدات العلم والتكنولوجيا. وأفضت جهود ترقية إدماج المرأة في المسار التنموي طيلة سنوات معتبرة إلى ارتفاع مطرد ومحسوس في عدد النساء الفاعلات في القطاع الاقتصادي، ويعد التواجد في مجالات الاستثمار المتعدّدة وجهة مغرية للآلاف من النساء على ضوء التزايد الملفت لعدد نساء العاملات والمستثمرات في الصناعة والفلاحة والسياحة وكذا قطاع الخدمات، لكن جميع الدراسات لا تخفي أن إدماج المرأة في عالم الشغل واقتحامها للنشاط الاقتصادي مازال مقتصرا على المدن الكبرى رغم إرساء كافة التسهيلات في مجالات التكوين والتشجيع على الاستثمار، وتمثل الميكانزمات المطروحة في سوق العمل أحد الأدوات التي أتاحت أمام المرأة كما الرجل فرص النجاح وتواجد بفعالية في مسار المعركة التنموية، بل إن الحديث تجاوز سبل إقحام المرأة في الحياة الاقتصادية للاستفادة من خبرتها وجهدها إلى قدراتها الكبيرة للمساهمة في الناتج الداخلي الخام.
ترشيد القدرات
عكست الإحصائيات التي تسّفر عنها مسابقات الناجحين لولوج عالم الشغل عن تفوق المرأة بنسبة معتبرة على الرجل، وفوق كل ذلك تمكّنت من فرض تواجدها بقوة وبجدارة، ولم يتوقف طموحها عند الظفر بمنصب شغل بل تعداه إلى استحداث مؤسستها المصغرة ومزاولة نشاط اقتصادي لطرح منتوجها في سوق تتسم بالمنافسة الشرسة وفي
ظل تحديات اقتصادية لا تخلو من العراقيل الإدارية، وتحتاج المرأة مثل الرجل إلى المرافقة والدعم وإلى ترشيد قدراتها حتى تتواجد في المجال الأنسب لها، والذي يمكنها أن تحقق ابتكارا ونجاحا يساهم في معادلة النمو الاقتصادي، وتمثل جسور الانفتاح على الراغبات في دخول عالم المقاولة وربط الاتصال بين التجارب الناجحة وصاحبات المشاريع يعد ضروريا يعكس التواصل ويوفر فرص الاحتكاك، وحتى تتمكّن المرأة من تحمّل جزء من مسؤوليتها الاقتصادية بعد أن استفادت من التعليم والتكوين، وكشفت عن قدراتها التسيرية، وموهبة الابتكار التي تضاهي أحيانا موهبة الرجل.
ولا نبالغ، إذا قلنا أن الجزائر في الوقت الحالي في حاجة ماسة إلى جميع الطاقات، وكل الأفكار الناجعة التي تخرج الاقتصاد الوطني من دائرة التبعية لقطاع المحروقات، وما يلفت للانتباه ويعد مؤشرا جد إيجابيا تشجيع الأب والأخ والزوج لحواء، حيث يرافقه في جميع مسارات إنشاء المؤسسة فأحيانا يدعمها ماديا وأحيانا أخرى بشكل مادي وفي أغلب الأحيان يرافقها في طرح إنتاجها في السوق فيتكفل بالمهمة حتى يقودها إلى طريق النجاح.
منظومة التكوين في قلب التحديات
وينتظر أن تلعب منظومة التكوين المهني دورا مهما في كسب الرهانات الاقتصادية وينتظر تكثيف الانفتاح على تكوين الريفية كون الحرف اليدوية تعد أحد الصناعات المهمة التي ترافق السياحة وتساهم في خلق الثروة وامتصاص البطالة، والمحيط الاقتصادي في أمس الحاجة إلى تفعيل قطاع التكوين وتأهيل سواعد المرأة والرجل على حدّ سواء والمشاركة في التنمية الوطنية.
والجزائر أدركت في الوقت المناسب أن التكوين يعد حلا لمد الآلة الإنتاجية بيد عاملة مؤهّلة توفر عليها عناء الاستنجاد باليد العاملة الأجنبية. فحسمت في توفير جميع الإمكانيات لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الراغبين في التكوين فبلغ عدد المتربصين نحو 600 ألف متربص، علما أن دورة مارس التي افتتحت مؤخرا سجل فيها نحو 200 ألف متربص حتى تجعل من هذا القطاع مواكبا لمتطلبات الاقتصاد الوطني من خلال تحسين نوعية التكوين الذي لا يجب أن يقل عن مستوى معايير التكوين الدولية، ومراكز ومعاهد التكوين يمكنها أن تكون يد عاملة مؤهلة للمؤسسات الاقتصادية، كما يمكن أن تخرج مستثمرين لديهم مشاريع مصغرة للمساهمة في خلق القيمة المضافة. وإقبال المرأة صار مكثفا على مراكز التكوين ونحو عالم الشغل الواسع، بل صارت كعنصر إنتاج وقوة مبادرة وابتكار بفضل إثبات كفاءتها في التسيير.