تلتقي غدا القوى الكبرى وإيران مجدّدا في “مونترو” السويسرية لمواصلة المفاوضات بخصوص البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، وسيكون اللقاء على مستوى المدراء السياسيين في مجموعة 05 زائد واحد، الذين يتفاوضون منذ أكثر من سنة للتوصل إلى اتفاق شامل، وبذلك قد ينهي أزمة دبلوماسية دامت أكثر من 13 سنة، حسبما صرّحت به المتحدّثة باسم خارجية الاتحاد الأوروبي “كاترين راي” مؤخرا.
شهدت الأسابيع الأخيرة لقاءات مكثّفة بين وزير خارجية أمريكا كيري ونظيره الايراني ظريف مع قرب انتهاء مهلة إبرام اتفاق سياسي في 31 مارس الجاري، اتفاق نهائي يتيح لإيران القيام ببعض الأنشطة النووية المدنية لكنه يمنعها من حيازة سلاح نووي بالمقابل يتم رفع العقوبات الدولية عليها.
وقد أكّد ظريف أنّ بلاده والولايات المتحدة عقدتا محادثات ثنائية مفصّلة ومثمرة في جنيف في الفترة من 21 إلى 23 فيفري المنصرم، مضيفا أنّ بلاده ومجموعة 5 زائد 1 ستحقّقان المزيد من التقدم، وبشكل خاص في رفع العقوبات عن إيران في جولة الغد بسويسرا، إضافة إلى ما تحقّق من تقدّم هام، وعبر عن تفاؤله بقوله أنّه “سيتم التوصل إلى اتفاقية نهائية على جميع القضايا المتعلّقة بالملف النووي الإيراني”.
قواعد أساسية للاتّفاق المحتمل
عرضت واشنطن القواعد الأساسية لاتفاق دولي محتمل بين مجموعة الدول الست وإيران حول البرنامج النووي قبل شهر عن الموعد المحدد للاتّفاق النهائي، وقد كشف مسؤولون أمريكيون عن أبرز مبادئ هذا الاتفاق والمتمثل في عدم السماح لإيران بإنتاج بلونونيوم، الذي يمكن استخدامه لغايات عسكرية في مفاعل “آراك”، وعدم السماح لإيران باستخدام مصنع “فوردو” من أجل تخصيب اليورانيوم، إضافة إلى تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي والسماح بإجراء عمليات تفتيش للمنشآت النووية مقابل اتفاق يتيح عملية تخفيف تدريجية للعقوبات الدولية المفروضة على إيران، ويأتي ذلك في وقت كانت فيه طهران قد أعلنت أنها تريد اتفاقا كاملا بما يشمل رفع العقوبات.
عقبات الاتّفاق
توجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو الأحد الأخير إلى واشنطن في مهمة وصفها بالتاريخية في مسعى منه لنسف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وهو ما أكّده للصّحافيين في مطار “بن غوريون” بقوله: “أتوجّه إلى واشنطن في مهمة مصيرية وحتى تاريخية”، مضيفا: “أشعر بقلق عميق وصادق على أمن مواطني إسرائيل وعلى مستقبل الدولة وعلى شعبنا”، مؤكدا على فعل كل ما بوسعه لضمان مستقبل إسرائيل.
وألقى نتنياهو خطابا في المؤتمر السنوي أمام أعضاء لجنة العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية (ايباك) وخطاب بالكونغرس الأمريكي تلبية لدعوة من الجمهوريين.
وقد غضبت الرّئاسة الأمريكية من هذه الزيارة التي نظّمت من دون علمها بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والجمهوري “جون باينر”، وقد غاب نائب الرئيس “جو بايدن” الذي يحضر تقليديا خطابات القادة الأجانب بسبب زيارته إلى الخارج نظمت في الوقت نفسه، كما أن كيري كان هو الآخر خارج البلاد.
وتعتبر إسرائيل أنّ الاتفاق الذي يجري التفاوض حاليا بشأنه قد يقود إلى تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على إيران بدون الحصول على ضمانات كافية تكفل عدم تمكن طهران من اقتناء السّلاح النّووي، وتأتي زيارة نتنياهو أيضا قبل أسبوعين من الانتخابات التّشريعية الإسرائيلية المرتقبة في 17 من مارس الجاري.
وقد انتقد مسؤول أمريكي توجّه نتنياهو ومنتقدي المفاوضات الجارية بين مجموعة 05 زائد 01 وإيران، متسائلا كيف يمكن للأساليب الأخرى أن تجدي نفعلا أكثر من المفاوضات، كما استاء مسؤولون آخرون لترتيب رئيس مجلس النواب المنتمي للحزب الجمهوري لخطاب نتنياهو أمام الكونغرس من دون أن يكون البيت الأبيض على دراية بذلك من قبل. وصرّح مسؤول أمريكي قائلا: “من دون اتّفاق لا نملك أي رؤية لبرنامج إيران النووي، وبوجود اتفاق سيكون لدينا قدر من الاطلاع على البرنامج ورصد أي جهد سري”.
من جهة أخرى، قدّم أعضاء مجلس الشّيوخ الأمريكي مشروع قانون يلزم بمراجعة الكونغرس لأيّ اتّفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهذا ما يلزم الرئيس أوباما بأن يقدم للكونغرس نص أي أتفاق في غضون خمسة أيام من التوصل إلى اتفاق نهائي، وسيحضر القانون على أوباما تعليق أو إلغاء عقوبات على إيران أجازها الكونغرس لمدة شهرين بعد الاتفاق.