سلطت الندوة التكريمية التي نظمتها جمعية «مشعل الشهيد»، بالتنسيق مع جمعية «أضواء» بمنتدى «المجاهد»، أمس، الضوء على السيرة المهنية والنضالية للمخرج السينمائي الملتزم والمجاهد عمار العسكري، وذلك في إطار موضوع مساهمة المثقفين والفنانين إبان الثورة التحريرية، من خلال عرض وثائقي يختزل مسيرة الرجل من إطلاقه للرصاص إلى حمل يده للكاميرا.
واختارت الجمعية، أن تبدأ الشريط الوثائقي من العيطة المشهورة لدى كل الجزائريين « يا وعليكم. .. ياوعليكم البلاندي. .. ياو العافية...» من فيلم «دورية نحو الشرق»، الفيلم السينمائي الطويل الذي صنف أحسن عمل جزائري من حيث الأداء والجانب التقني، ما أهله حسب المتدخلين لأن يكون وثيقة تاريخية تؤرخ لحقبة من الزمن لأن العسكري أطلق من خلاله رصاصة الثقافة والسينما، بعد أن تحمل مسؤولياته صغيرا ووقف في وجه المستعمر بمشاركته في إضراب الطلبة والتحاقه بصفوف الجبهة وسنه لا يتجاوز 15 عاما.
وأكد الشريط الوثائقي، أن الرجل ارتبط اسمه بسينما الثورة، وترجم إحساسه في كل أعماله بعد حصوله على الشهادة العليا في السينما بيوغسلافيا وعودته إلى الجزائر ليقتحم عالم السينما بحماس ويطلق العنان، لأعمال سينمائية من الطراز الثقيل «المفيد، أبواب الصمت، زهرة اللوتس وغيرها»، وظل كذلك يناضل في سبيل الثقافة والسمعي البصري من خلال إنشائه للجمعية الفنية للسنيما «أضواء»، بسيدي أمحمد التي حافظت على الذاكرة الجزائرية السينمائية.
عمار العسكري وإن أعجزه المرض لكنه لم يتمكن من ثني عزيمته ليسرد كل كلمات استعاد بها بعض الذكريات الطريفة والمواقف التي فرضتها مختلف مراحل الحياة، ومبدؤه في ذلك أنه لا يمكن الاستهزاء بميادين هامة كالثقافة والعلوم والحث العلمي لأنهم روح ومستقبل أي مجتمع.
وفي شهاداتهم على مسيرة الرجل وعطائه، قال الرفيق في مهنة الإخراج رابح لعراجي، أن عمار العسكري عرف بالمخرج الثوري لأنه لم يتوقف عند تاريخ 1962، بل استمرت ثورته بعيدا عن العمل العسكري من خلال حمله للكاميرا، محاولا معالجة كل المواضيع المتعلقة بالثورة وإخراج رمزيتها وصناعها إلى الحياة جامعا في ذلك بين البطولة والشعب والأرض وسلاحه الجرأة في طرح الأفكار.
وبدوره قال الممثل حميد رابية أن المخرج المخضرم الملتزم كان عنصرا في فعالا وديناميكيا في الحقل السينمائي وارتبط اسمه بأعمال ثورية، كما عرف بنشاطه السياسي في الثمانينات تحت لواء جبهة التحرير الوطني، وكذا النقابي فكان الأمين العام لنقابة السينمائيين، وعضوا في مؤسسة السينما، وفي مؤسسة 08 ماي 45 ومؤسسة الصداقة الجزائر ـ فيتنام، وأمينا عاما لجمعية «أضواء» التي أنقذت العتاد السينمائي من البيع بالمزاد العلني بالدينار الرمزي.
من جهته، قال الروائي أمين الزاوي، أن عمار العسكري يمثل خزانة الأفلام الجزائرية، وقدم من خلال أعماله السينمائية دروسا في التاريخ من خلاله تواجده في الميدان وحرصه على إيصال الرسالة للمشاهد ،خاصة وأنه اشتغل على الثورة وعلى الجزائر المعاصرة فكان الحلقة بين السينما الواقعية العصرية والثورية.