استفادت المؤسسات الجزائرية الخاصة، من الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها في الأشهر القليلة الماضية، وحصلت على ضمانات عديدة بدعم ومرافقة مختلف المشاريع المنتجة للثروة والموجدة لمناصب الشغل، ليأتي عليها الدور من الآن فصاعدا لإثبات انخراطها في الديناميكية الاقتصادية الوطنية التي حرص رئيس الجمهورية في الاجتماع المصغر عليها في زمن انهيار أسعار البترول.
أكدت الحكومة الجزائرية في مناسبات عديدة، أنها تراهن كليا على المؤسسة وتضعها في قلب العجلة التنموية المدرجة في المخطط الخماسي 2015 - 2019، في إطار شراكة متينة بين القطاعين العمومي والخاص، معتبرة أن الأهداف المسطرة لابد أن تنجز تحت مسمى الشركة الوطنية.
الخطاب المشجع للمؤسسة تردد كثيرا على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، هذا الأخير ولتأكيد إرادة الحكومة، عقد اجتماعات دورية مع رؤساء المؤسسات وبحضور الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، ورئيس الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية (الباترونا)، واستقبل، مطلع الأسبوع، الرئيس الجديد لمنتدى رؤساء المؤسسات علي حداد.
وتردد خلال اللقاءات خطاب استثنائية الظرف الراهن، الذي يفرض التنويع السريع للاقتصاد الوطني للخروج من التبعية للمحروقات، وبناء علاقة تنافسية مبنية في ذات الوقت على شراكة نوعية بين القطاعين العمومي والخاص، وحماية وتطوير المنتوج الوطني، في ظل الارتفاع المقلق لفاتورة الاستيراد.
لقد طالبت المؤسسات الجزائرية مرارا خلال لقاءات “الثلاثية” المتعاقبة الحصول على تسهيلات وامتيازات وإزالة العراقيل البيروقراطية، وحصلت على ضمانات من الحكومة ومساندة الاتحاد العام للعمال الجزائريين وشاركت في صياغة الميثاق الوطني لتنويع الاقتصاد، والذي يحمل برامج ومخططات ويدخل الحراك المكثف في الآونة الأخيرة في إطار تجسيدها تدريجيا.
ولعل أبرز الامتيازات التي حصل عليها المتعاملون الاقتصاديون الجزائريون، الترخيص لهم بالاستثمار خارج الوطن، وأتبع القرار بعرض فرص استثمارية هامة في دول غرب أفريقيا التي تتابع رؤساؤها في زيارة الجزائر بدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ولم يتوقف الرئيس عند جلب عروض العمل والشراكة الاقتصادية إلى الجزائر، بل أمر أيضا في الاجتماع الوزاري ما قبل الأخير، بتحريك إنشاء المناطق الصناعية المقررة في الهضاب العليا، إلى جانب مرافقة مخطط التقسيم الإداري المعلن عنه بجنوب البلاد بمشاريع اقتصادية ضخمة ترمي إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ولا شك أن حصة القطاع الخاص ستكون كبيرة وفي حجم التطلعات.
صحيح أن الجزائر تأخرت نسبيا في إصدار التسهيلات اللازمة للخواص، باعتراف من الحكومة ذاتها، لكنها قررت في سياق الحرب على البيروقراطية المعلنة السنة الماضية، إلى تعبيد الطريق أمام المؤسسة الاقتصادية للمساهمة في المجال الذي تريد مع المرافقة والدعم في دفع الحركية التنموية والإنتاج الوطني.
ويمكن اعتبار النقاش والاجتماعات الحاصلة هذه الأيام، بالتحضير الأولي للشروع في تنفيذ خارطة الطريق، والذي سيستمر طيلة السنة الجارية، على أن يتوسع لكامل أنحاء القارة من خلال المنتدى الاقتصادي الإفريقي المقرر عقده في الجزائر قبل ديسمبر القادم.
وأمام هذه الديناميكية الجديدة، تبقى المؤسسة الجزائرية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بلعب دورها المنوط بها وتأكيد مكانتها لسد الفراغ وإنقاذ البلاد من “غول الاستيراد” الذي امتد إلى منتجات كمالية نحن في غنًى عنها.
لقد حان الوقت لمعرفة قيمة الأموال، فمرحلة التقشف المعلنة، ليست إلغاء مشاريع ووقف الإنفاق، بقدر ما تعني الإدارة الرشيدة لرأس المال وصرفه في كل ما من شأنه جني ثروة ويخلق مناصب شغل.