كيف أعرف عيوبي حتى أعالجها وألقى الله وهو عني راضي؟
إن الله تبارك وتعالى إذاأراد بعبد من عبيده خيراً بصره بعيوب نفسه فمن كانت بصيرته نافذة لم تخف عليه عيوبه وإذا ما عرفها استطاع معالجتها، ولكن للأسف أكثر الخلق يجهلون عيوب أنفسهم فقد يرى أحدهم القذي في عين أخيه ولا يري الجزع في عين نفسه ومادمت يا أخي تنشد علاج عيوبك، فإن الطرق التي بها يعرف الإنسان عيوب نفسه أربعة:
ـ أن تجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس مطلع على خفايا الآفات ثم يحكم في نفسه وينفذ ما يشير به.
ـ أن يطلب صديقاً صدوقاً بصيراً متدينا فينصبه رقيباً على نفسه ليلاحظ أحواله وأفعاله فما كره من أخلاقه وأفعاله وعيوبه ينبهه عليها وهكذا يفعل العقلاء وصدق سيدنا عمر حينما يقول: «رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي» وكان يسأل سليمان عن عيوبه فلما قدم عليه قال له: ما الذي بلغك عني مما تكرهه؟. فاستغني عنه أو فأستعفي فألح عليه قال: بلغني أنك جمعت بين آداميين على مائدة وإن لك حلتين حلة بالنهار وحلة بالليل قال وهل بلغك غير هذا؟ قال: لا إما هذان فقد كفيتهما واعتزل داود الطائي الناس فقيل له: لم لا تخالط الناس فقال وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي.
ـ الاستفادة من ألسنة أعدائه لمعرفة عيب نفسه وأن عين السخط تبدي المساويء ولعل انتفاع الإنسان بعدو مشاحن يذكره عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه ويخفي عنه عيوبه وأن العاقل من ينتفع بقول عدوه.
ـ مخالطة الناس، فإن رأى عملاً مذموماً منهم فليطالب نفسه به وينسبها إليه والمؤمن مرآة المؤمن فيري من عيوب غيره عيوب نفسه ويعلم أن الطباع متقاربة.