حلّ مؤخرا بباتنة وفد من الخبراء المختصين في الآثار من دولتي إسبانيا وإيطاليا، كلفوا من طرف الإتحاد الأوروبي بترميم ضريح الملك النوميدي إمدغاسن، المتواجد بإقليم بلدية بومية شمال غربي الولاية باتنة، وذلك بعد سنوات من النداءات التي وجهها مثقفو وفعاليات المجتمع المدني بعاصمة الاوراس للسلطات العليا، للتدخل من أجل الحفاظ على هذا التراث الإنساني العالمي.
ويتكون الوفد من 05 خبراء، شرعوا بداية في الرفع الطبوغرافي لموقع إمدغاسن، كمرحلة أولى قبل إجراء دراسة الترميم لاحقا، حيث تندرج عملية الترميم في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج الدعم والحماية والتثمين الخاص بالتراث الثقافي في الجزائر، وقد أكدت مصادر رسمية بمديرية الثقافة بولاية باتنة، عن رصد الاتحاد الأوروبي لإعادة ترميم «ضريح إمدغاسن» غلافا ماليا مهما يقدر بـ 24 مليون أورو، 21.5 مليون منها مساهمة من الاتحاد الأوروبي و2.5 مليون أورو خصصتها الجزائر لذات الغرض وحماية هذا المعلم التاريخي الذي عرف في السنوات الأخيرة تدهورا غير مسبوق بسبب بعض أعمال التخريب التي طالته، وتكليف مقاولة في أشغال البناء بإعادة ترميمه وهو ما زاد من «التدهور» الكبير لهذا المعلم المهم.
للإشارة، ضريح إمدغاسن ضريح دائري الشكل يبلغ قطره حوالي 59 مترا، مكونا بذلك شكل الدف الأسطواني مكللا ومتوجا بدكات ومقاعد، وتكون في مجموعها شكلا مخروطيا وارتفاعه الإجمالي يبلغ 19 مترا. وتعرّض الضريح للعوامل الطبيعية، ما أدى إلى افتقاد سقفه المخروطي ولعدد من حجارته الضخمة المصقولة وهي متناثرة قربه، وهذا ما أدى بالسلطات لتسييجه لتفادي إصابة الزوار، حيث يعتبر الضريح الأثري النادر بإفريقيا والمتواجد في عاصمة الاوراس باتنة.
وحسب بعض المؤرخين، بناه أحد ملوك الأمازيغ في القرن الثالث قبل الميلاد، كشكل من القبور المتطورة خلال حكم الملوك البرابرة في تلك الفترة، حين كان حكمهم ممتدا من مراكش غربا إلى السودان شرقا، وقد بني على شكل مخروطي يرتكز على قاعدة أسطوانية، ويزينه 60 عمودا بعلو 19 مترا، وقد صنف المعلم الأثري ضمن قائمة الأضرحة الملكية على المستوى الوطني منذ سنة 2002 .