دعا الخبير الاقتصادي والمالي مبارك مالك سراي، أمس، إلى مخاطبة الضمير والوطنية لمجابهة انخفاض أسعار النفط، موضحا أن القليل من الإجراءات الجدية قد تقلص فاتورة الاستيراد بأكثر من 20 مليار دولار.
قال سراي، في ندوة نقاش حول “الإجراءات الخاصة بالتقشف”، نظمها اتحاد التجار بالعاصمة، إن الجزائر ليست في أزمة، بل هناك بداية لقضية انخفاض أسعار النفط، موضحا أن سعر البرميل يقاس سنويا وليس بالظرف الحالي. ففي 2014 يمكن الحديث عن سعر بـ80 دولارا للبرميل، داعيا وسائل الإعلام إلى عدم تهويل الأمور وفتح المجال للخبراء للحديث عن هذا الموضوع.
ورفض سراي التهويل، داعيا إلى التأقلم مع التحولات الاقتصادية العالمية، كاشفا عن مراسلة الحكومة من خلال تقديم توجيهات ومقترحات للتعامل مع الوضع الحالي.
وتطرق سراي إلى قضية التوظيف والتشغيل، حيث نصح بالاعتماد على التشغيل في القطاع الاقتصادي الذي يعرف توسعا وانتشارا من شأنه أن يمتص اليد العاملة وطالبي التوظيف، وهذا أحسن من التركيز على الوظيف العمومي الذي لا يملك مصادر دخل غير خزينة الدولة.
في سياق متصل، اعتبر سراي توجيه طالبي العمل إلى الشركات العمومية التي تسعى لإعادة إنعاش نشاطها، من الحلول التي يمكن أن تمنح الاقتصاد الوطني جرعة أكسجين وتكون قيمة مضافة له، لأن بين المنصب التقني والإداري فرق شاسع، فالتقني عملي أكثر وأكثر مردودية ونجاعة.
وقدم سراي إحصائيات تؤكد عقدة الاقتصاد الوطني الذي يحتاج إلى تصحيح أكثر منه إلى إصلاحات، حركة التصدير وصلت إلى أرقام قياسية كان يمكن أن تضعنا في وضع أفضل لو تم التحكم في الاستيراد، فمثلا بين سنة 2000 و2008 ارتفعت الصادارت الجزائرية للخارج بـ350 من المائة، حيث انتقلت من 23 مليار دولار إلى 85 مليار دولار، لتنخفض في 2013 إلى 65 مليار دولار. بينما انتقل الاستيراد من 9.1 ملايير دولار في 2000 إلى 55 مليار دولار، بتطور فاق 500 من المائة. وقال إن تغطية الصادرات بالواردات كان في سنة 2000 حوالي 240 من المائة وانخفض في 2013 إلى 120 من المائة وقد تتقلص في 2015 إلى 70 من المائة، وهنا ستكون الأزمة حقيقة.
ولتفادي الانسداد، ذكر سراي بضرورة تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف الفاعلين لوقف التبذير باستيراد ما ينتج في بلادنا، فلا يعقل بحسبه أن نستورد المايونيز والثوم وغيرها من المواد التي نخجل من ذكرها، فالقليل من التفكير سيجنبنا صرف ملايير الدولارات بسهولة.
وتساءل في سياق متصل، عن استهداف بعض المستوردين والمنظمات الأجنبية الجزائر، من خلال الابتزاز وغش في المعاملات التجارية والاقتصادية، حيث باتت الجزائر زبونا هامّا للسلع التي لا تباع في الخارج وأصبحت مستودعا ضخما لكل ما لا يباع في الخارج، فالسلع غالبا ما تكون غير مطابقة للمواصفات.
وصرح بالمقابل، أن غسيل الأموال وتبييضها واستعمال البنوك العمومية لتهريب العملة للخارج، من خلال تضخيم الفواتير، يعتبر من أكبر عوامل استنزاف عائدات الجزائر.
وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة تأخير بعض المشاريع الضخمة وتحسين الخدمات في كل المجالات، حتى لا يشعر المواطن بالتشاؤم. كما أن الاهتمام بالفلاحة وخاصة في الصحراء، من أكبر عوامل خلق مصادر دخل جديدة، خاصة وأنها تمنح منتوجات متعددة في سنة واحدة.