تعرف المنافذ الحدودية الشرقية هذه الأيام، حركة كثيفة يميزها التدفق الكبير من طرف المواطنين الجزائريين عليها مختارين تونس وجهتهم لقضاء رأس السنة الميلادية، والتي صادفت هذا العام العطلة الشتوية. الأمر الذي ضاعف من أعداد العائلات الوافدة على المنافذ الحدودية خاصة على مستوى معبر أم الطبول الذي غصّ بالمواطنين قبل يومين من الاحتفالات برأس السنة الميلادية في الجارة. هذا ما رصدته «الشعب» بعين المكان.
فئة ثانية من المواطنين الوافدين على المعبر الحدودي هم مواطنون يبحثون عن هامش ربح ولو ضئيل يتراوح بين 3000 و3500 دينار جزائري عن ختم كل جواز سفر على مستوى جمارك الحدود، لضمان صرف العملة الصعبة للموسم القادم على مستوى البنوك الوطنية، الأمر الذي ضاعف من مجهودات رجال الحدود خاصة على مستوى مصالح جمارك الحدود.
«الشعب» كانت لها وقفة على مستوى المعبر الحدودي أم الطبول بولاية الطارف، حيث سجلت على الساعة السابعة صباحا طوابير كبيرة من السيارات القادمة من كل الولايات الشرقية وكذا الداخلية، عائلات وأطفال أغلبهم متوجهون إلى المصالح الجمركية مرفقين بجوازات سفرهم.
التقينا بأحد المواطنين القادمين من ولاية سطيف كهل في الأربعينيات مع زوجته و4 أبناء، يحمل بيده 6 جوازات سفر، سألناه إن كانت وجهته تونس فأجاب «أنا لست من هواة الاحتفال برأس السنة الميلادية بل جئت هنا إلى المعبر الحدودي بغرض ختم جواز سفري أنا وعائلتي لضمان صرف العملة الصعبة، لأن لدي أحد أبنائي يعاني من بعض الأمراض وأرغب في التوجه به نحو أحد المستشفيات الفرنسية».
مواطن آخر تقربنا منه وهو سائق سيارة، معه 4 ركاب قال لنا: «أنا من ولاية عنابة أعمل بسيارتي من أجل استقدام كل من يرغب في ختم جواز سفره نظير أجرة على كل فرد».
وأكد لنا أن المعبر الحدودي، شهد هذا العام حركة كثيفة مقارنة بالأعوام الماضية، بسبب ارتفاع معدلات العملة الصعبة في السوق السوداء الأمر الذي ضاعف من هامش الربح خلال كل عملية صرف، وبالتالي فالمواطن بات أكثر تحايلا في هذه العملية من خلال استقدام جميع أفراد عائلته ممن يحوز كل واحد منهم على جواز سفر لضمان تحويل مالي معتبر خاصة أمام التهاب الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.
على مستوى المعبر الحدودي أم الطبول، وجدنا ـ أيضا ـ أصحاب سيارات تأجير لنقل المسافرين نحو الجارة تونس، ممن يستقدمون التونسيين نحو المعبر الحدودي، هم يستغلون الفراغ لاستكمال الرحلة نحو تونس من خلال التوجه بالمواطنين الجزائريين أو التونسيين، على حد سواء.
قضاء رأس السنة الميلادية في تونس.. عادة راسخة للعائلات الشرقية
وجدنا ـ أيضا ـ أربع عائلات في سياراتهم متجهين نحو تونس، حاولنا التقرب من أحد السائقين، الذي أكد لنا أنه متجه نحو «الخضراء» لغرض قضاء السنة الميلادية، قائلا لنا أن رأس السنة في تونس بات لعائلته عادة سنوية لا يمكن الاستغناء عنها.
حاولنا أن نعرف السبب الجوهري الذي يدفع بالعائلات الجزائرية للتوجه نحو تونس باسم «قضاء رأس السنة الميلادية»، حيث أكد محدثنا: «لا توجد أي أسباب وراء هذه الجولة السياحية، بل أصبحت عادة مترسخة فقط، كما أن هذه الرحلة تعتبر نوعا من الزيارة نحو الأهل بحكم أن العائلة مختلطة بين تونسيين بالعاصمة وجزائريين من ولاية عنابة.»
وأضاف المتحدث، أن أخواله هم تونسيون لهذا هم يحسون بالراحة لما يكونون في تونس في هذا الوقت بالذات، أكبر شيء يجلبهم هو الجو العائلي خاصة والفترة هي فترة عطلة لأطفالهم.
كما استوقفتنا سيارة لمجموعة من الشباب متجهة نحو الجارة تونس، سألنا عن أسباب تفضيل قضاء رأس السنة الميلادية في البلد الجار بدل الجزائر، حيث أكد لنا: «الجميع بحاجة إلى تغيير الجو ـ نوعا ما ـ خاصة والتوقيت متزامن مع عطلة الشتاء، هذا بالإضافة إلى الخدمات الكبيرة التي تقدمها المنتجعات السياحية التونسية مقارنة بنظيرتها في الجزائر على مستوى الخدمات وحتى الأسعار في بعض الأحيان».
كما أكد أحد الشباب أنه مولع بالوجبات الغذائية التونسية الأمر الذي يدفعه للتوجه نحو تونس كلما سنحت له الفرصة، وأحد الشباب قال بصريح العبارة «نحن نحاول البحث عن مزيد من الراحة والاستجمام وتغيير الجو»، وبضحكة هستيرية أضاف: «نحن مازلنا شباب نحاول أن نتمتع بأوقاتنا ونبحث عن أجواء ترفيهية ملائمة».
وتبقى الوجهة التونسية الأولى بامتياز لسكان الولايات الشرقية والداخلية، خاصة في مناسبة رأس السنة الميلادية سواء تعلق الأمر بأسباب موضوعية أو ذاتية تدفع بهذه الأسر نحو هذا الاختيار، لكن يبقى عنصر البحث عن الترفيه والاستجمام وتغيير الوجهة الهاجس الكبير الذي يقف وراء اختيار تونس ملاذا لقضاء العطلة الشتوية التي تزامنت هذا العام ورأس السنة الميلادية.