عرف قطاع الشباب في سنة 2014 نشاطا مكثفا، تم فيها تحقيق العديد من المكتسبات والإنجازات، جاءت بفضل العمل الدؤوب للحكومة من أجل الاستجابة لانشغالات هذه الفئة بتضافر جهود العديد من الأطراف والقطاعات، ساهمت بشكل كبير في حل العديد من المشاكل، خاصة فيما يتعلق بالبطالة التي انخفضت إلى نسبة قياسية لم تشهدها البلاد من قبل، تؤكد فعالية السياسات المنتهجة من قبل الدولة التي أولت للقطاع أهمية قصوى، حتى يساهم الشباب بشكل فعال في الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، والتفكير في مرحلة ما بعد البترول.
ولأن الاستجابة لانشغالات الشباب وحل مشاكلهم لن يكون إلا بوجود هيئة فاعلة توكل لها مهمة تحريك الأمور المتعلقة بهذه الفئة، وتوسيع دائرة التشاور والحوار، كان لابد من وزارة للشباب تضطلع بمهام محددة، وهو مطلب أغلب الشباب تحقق خلال التعديل الحكومي الأخير بفصل قطاع الشباب عن الرياضة، وأوكلت المهمة لابن القطاع، عبد القادر خمري، الذي كان وزيرا للشباب والرياضة في 1992، وقبلها قائدا بالاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، ليتم تكليفه في 5 ماي 2014 بحقيبة وزارة الشباب، هذه الفئة التي تتجدد مطالبها وانشغالاتها يوميا تقريبا. وجاء استحداث هذه الوزارة في وقت حساس جدا، تعيش فيه الجزائر تحديات كبيرة على جميع الأصعدة، تبرز فيه أهمية تكثيف الجهود من أجل تمكين هذه الفئة من كل الإمكانيات والوسائل، للتعبير عن أفكارها وطموحاتها وقدراتها المختلفة والاستجابة لانشغالاتها، في ظل الأزمات التي تحيط بالبلد من كل الجهات والمخاطر التي تهدد استقراره، والمؤامرات التي تستهدف بشكل مباشر الشباب، الذين لهم دور كبير في الحفاظ على مكتسبات الأمن والسكينة.
ومن هنا جاء تأكيد وزير الشباب عبد القادر خمري، لدى تنصيبه، حيث عبر عن استعداده الكامل لمواصلة الجهود للتكفل الأنجع بمختلف انشغالات الشباب، متعهدا بأنه سيلتزم بكل جدية بتنسيق العمل مع كل الجهات المعنية للتكفل بكل الانشغالات الراهنة والمتعددة، معربا عن عرفانه لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي وضع كل ثقته في شخصه لخدمة هذا القطاع الهام والواعد بالنسبة لمستقبل البلاد، مثمنا في نفس الوقت قرار الرئيس بوتفليقة باستحداث قطاع للشباب استجابة لتطلعات هذه الشريحة من المجتمع.
وبعد استلامه لمهامه، شرع خمري في تجسيد أجندة عمله على رأس وزارة جديدة لها ارتباط وثيق مع العديد من القطاعات الأخرى، متخذا مبدأ الحوار والتشاور كقاعدة أساسية لجعل هيئته أكثر تفتحا، كما حدد الأولويات التي يجب القيام بها لتفعيل دور الشباب اجتماعيا واقتصاديا. واستطاع الوزير خلال حوالي ستة أشهر فقط من تجسيد العديد من البرامج والمشاريع، وتمكن من فتح جسر تواصل بين هذه الفئة وإطارات ومسؤولي الشباب والقطاعات الأخرى، عبر تنظيم ندوات ولقاءات دورية جمعت كل الأطراف المعنية للنظر في الإنشغالات والمشاكل المختلفة.
الندوة الوطنية لإطارات الشباب.. كيفية رفع مستوى أداء الكوادر
بهدف عرض وتعميم برنامج وزارة الشباب على كل الفاعلين، وإبراز المكانة والدور التربوي لإطارات الشباب، وتعزيز مكانتهم في المجتمع، تم تنظيم الندوة الوطنية الأولى لإطارات الشباب يومي 28 و29 سبتمبر 2014 بقصر الأمم بالعاصمة، التقى فيها إطارات الشباب من كل ولايات الوطن، ناقشوا على مدار يومين عدة مواضيع في خمس ورشات هي: منظومة تكوين إطارات الشباب، التسيير الإداري والمالي لمؤسسات الشباب، التسيير البيداغوجي وبرنامج تنشيط الشباب، حظيرة المنشآت من حيث التوزيع الجغرافي والأنماط، والإطار القانوني. وسمح لهم هذا اللقاء من إعداد تقييم حول سير قطاع الشباب، والوقوف على الإختلالات والصعوبات المختلفة قصد معالجتها، كما كانت الندوة فرصة للحديث عن القضايا التي تهمهم، تكريسا لمبدأ التشاور الواسع والمنهجي مع جميع أعضاء أسرة القطاع وتعميق ممارسته والعمل على تعبئة كل إطارات القطاع وتجسيد التزامهم العملي تجاه الشباب. وفي الأخير خرج المشاركون بعدة توصيات ومقترحات من شأنها ملائمة عمل وزارة الشباب مع مختلف متطلبات هذه الشريحة، أهمها الإسراع في استصدار النصوص التطبيقية المتبقية قصد التطبيق الفعلي للمرسوم التنفيذي 07 ـ 01 المتضمن تحويل مراكز إعلام وتنشيط الشباب إلى دواوين مؤسسات الشباب، واعتماد أسلوب تكوين تكميلي مستمر لتحيين المعارف والأساليب ومناهج التسيير للإطارات والمسيرين. كما ألح المشاركون على ضرورة وضع برنامج إطار للمؤسسات، يتضمن المحاور الكبرى، ويأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل منطقة، وإشراك الشباب والجماعات المحلية والحركة الجمعوية الفاعلة في إعداد البرامج التي تستجيب لاهتمام وإنشغالات الشباب.
الندوة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية للشباب.. بحث سبل إيجاد الحلول
ولأن دعم المقاولة والشغل وإدماج الشباب اقتصاديا واجتماعيا أمر له بالغ الأهمية واحد الأولويات، نظمت وزارة الشباب تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الندوة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية للشباب يومي 24 و25 نوفمبر 2014، تحت شعار «لنبتكر مستقبلنا مع الشباب»، شارك فيها ممثلو أرباب العمل، ومسؤولو مختلف أجهزة دعم تشغيل الشباب، وأكثر من 300 شاب يمثلون جمعيات شبانية موزعة عبر تراب الوطن، تم التطرق فيها إلى التنوع الاقتصادي والاستغلال المكاني للشباب، وكذا المشاكل التي يواجهها الشاب، محاولين تقديم مختلف الحلول، وتم مناقشة القضايا على مستوى الورشات الأربع التي تم تنصيبها، ويتعلق الأمر بورشة الشباب والنمو والتنوع الاقتصادي والاستغلال المكاني للشباب، الشباب وتثمين المناطق الريفية والأقطاب الفلاحية، وكذلك ورشة حول الشباب وتكافؤ الفرص بين الجنسين.
وتوجت أشغال الندوة بتبني توصيات الورشات الأربع، التي دعت إلى إنشاء مجلس وطني للجمعيات الشبانية وآخر أعلى لإشراك الشباب في مختلف الخيارات المؤسساتية المستقبلية، ودعا المشاركون في ورشة النمو والشباب إلى ترقية وزارة الشباب إلى وزارة سيادية دستوريا، للحرص ومتابعة مدى تجسيد برامج التكفل بالشباب في الميدان، لجعله عاملا فعالا في التنمية بغية تطوير البرامج ما بين القطاعات وكذا تسهيل الصيغ القانونية لإنشاء المقاولات الشبانية وتقنين سياسة الكوطة لمنح الأولوية للشباب في كل المجالات وعلى كل المستويات.
وأعلن الوزير الأول عبد المالك سلال لدى إشرافه على اختتام الندوة، عن جعل الندوة الاقتصادية والاجتماعية للشباب موعدا سنويا كإطار للتقييم وتحسين السياسات العمومية في مجال الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب، مع إدراج سبل ضم مقررات الندوة إلى نص العقد الوطني والاقتصادي خلال الثلاثية المقبلة.
قرية التسلية والترفيه.. فضاء للأنشطة والألعـاب وممارسة الهـوايات
إلى جانب الندوات والملتقيات، قامت وزارة الشباب خلال 2014 بتنظيم عدة نشاطات شبانية، كان لها الأثر الإيجابي على مختلف شرائح المجتمع خاصة منهم الشباب والأطفال، من بينها تخصيص قرية للتسلية والترفيه بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة، التي فتحت أبوابها للجمهور من 15 جويلية إلى غاية 30 أوت 2014، عرفت إقبالا كبيرا للجمهور خاصة الأطفال والشباب الراغبين في قضاء أوقات مرحة وممتعة، جاؤوا من مختلف ولايات الوطن.
وصفها وزير الشباب، عبد القادر خمري، بأنها كانت الفضاء المفضل للراحة والتسلية، سمحت للجمهور العريض بممارسة الأنشطة الترفيهية، وكانت فرصة للشباب والعائلات للاستمتاع بلحظات حميمية واكتشاف ألعاب جديدة، مهيكلة بشكل جعلها تستجيب لاحتياجات الجمهور العاصمي وغير العاصمي. خصص لها غلاف مالي بقيمة 20 مليار سنتيم، وتراوحت طاقة استيعابها بين 4000 و6000 شخص يوميا، وقُدمت خدماتها ونشاطاتها بشكل مجاني، أشرفت على تنظيمها وزارة الشباب بالتعاون مع وزارة الثقافة والغرفة الوطنية للتجارة والدرك والأمن الوطنيين والحماية المدنية ورابطات الشباب لولاية الجزائر ووكالات تنظيم المعارض والفعاليات.
قسمت قرية التسلية إلى 10 فضاءات مختلفة، وزعت على الأجنحة المتواجدة في الجهة السفلى من قصر المعارض، اختير لها اسم «حومات» (أحياء)، اقترحت كل واحدة منها برنامج راحة وتسلية خاص، بالإضافة إلى مسبح وأرضية تزحلق وفضاء لعلم الفلك، وضمت فضاءات أخرى في الهواء الطلق كمضامير للدراجات وسباق السيارات وصعود الجبال، إلى جانب هذا خصصت فضاءات لعرض الأفلام والطبخ وللمقاولين الشباب ووكالتي دعم وتشغيل الشباب وتسيير القرض المصغر، وأيضا للحرفيين الذين استفادوا من مختلف القروض لإنشاء مؤسسات.
أطر تلك الفضاءات حوالي 1.250 مؤطر..
القوافل الشبانية.. رحلة لاكتشاف ولايات الوطن وفرصة للتواصل بين الشباب
كما شهدت سنة 2014 تنظيم عدة قوافل شبانية جابت مختلف ولايات الوطن، لتعريف الشباب بما تزخر به البلاد من مناظر خلابة وآثار ومتاحف تاريخية وغيرها، وكان أبرزها القافلة الشبابية التاريخية «تجوال الذاكرة «التي حطت رحالها بولايتي باتنة وخنشلة يومي 29 و30 نوفمبر 2014، جاءت في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى 60 لاندلاع الثورة التحريرية، وضمت 1954 شاب (كرمزية لتاريخ اندلاع الثورة التحريرية) ممثلين لـ48، الهدف من تلك القافلة هو التأكيد على وطنية شباب الجزائر وتمسكه بوحدة بلاده، والاحتكاك بجيل الثورة التحريرية، من أجل مواصلة بناء جزائر ديمقراطية مبنية على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، وتم بهذه المناسبة تكريم عدد من أفراد الأسرة الثورية للولاية الأولى التاريخية، وزيارة عدد من المواقع التاريخية لولايتي باتنة وخنشلة.
كما تم تنظيم قافلة شبانية نحو مرتفعات الشريعة يوم 27 ديسمبر للقيام بجولة راجلة حملت شعار «المرأة والسياحة الجبلية»، شارك فيها زهاء ألفي شخص معظمهم من النساء وأولادهم، ينحدرون من أربع ولايات هي الجزائر، تيبازة بومرداس والبليدة. وقد استفاد هؤلاء خلالها من نشاطات ترفيهية وتوعوية مختلفة وألعاب أدخلت البهجة والسرور في نفوسهم، وامتدت الجولة بين منطقتي نادي التزحلق نحو منطقة الحوض على مسافة تتراوح بين07 و08 كيلومترات.
انخفاض نسبة البطالة وتسهيلات كبيرة من أجهزة دعم وتشغيل الشباب
تمكنت أجهزة دعم التشغيل في 2014 من المساهمة في تشجيع المبادرات الشبانية وولوج العديد من الشباب عالم المقاولاتية، فأسسوا مؤسساتهم الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، ساهمت بدورها في توفير مناصب شغل وتقليص نسبة البطالة خاصة لدى خريجي الجامعات، الذين وجدوا فيها متنفسا لتجسيد مشاريعهم المختلفة، خاصة بعد التسهيلات المقدمة للشباب الراغب في الحصول على قرض من «أونساج» الهادفة لتوسيع نطاق الاستثمارات.
وأخذت السلطات العمومية في سنة 2014 تدابير خاصة للتكفل بالشباب عبر أجهزتها، من خلال البرامج التي تشرف عليها بعض المؤسسات والهيئات، في ظل تحقيق إمكانية الإدماج المهني المستدام للشباب، مع ضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين، وكذا التكيف مع الواقع الجديد، واعتمدت الجزائر على تلك الأجهزة لخفض البطالة وتوفير الشغل، ومنها من كانت وسيطا بين طالبي العمل والشركات.
وتم في سنة 2014 تفعيل مخطط العمل لترقية الشغل ومحاربة البطالة عن طريق مقاربة اقتصادية، اعتمدت على ترقية يد عاملة مؤهلة وتكييف فروع وتخصصات التكوين حسب حاجيات سوق الشغل ومراعاة الطلب.
ومن مؤشرا سوق الشغل في 2014 انخفاض نسبة البطالة، حيث وصلت إلى 9،7 ٪ خاصة لدى حاملي الشهادات، وبلغت نسبة النشاط الاقتصادي لدى الشباب الذي يتراوح أعمارهم بين 20 و24 سنة إلى 38،5 ٪، وبلغت 61،5 ٪ لدى الشباب الذي يتراوح أعمارهم بين 25 و29.
وفي سنة 2014 برزت برامج كثيرة لتحسين مهارات طالبي العمل وتقديم تحفيزات جبائية وشبه جبائية للمستخدمين، الذين يقومون بتوظيف طالبي العمل ومرافقة المؤسسات الاقتصادية، خاصة عن طريق صيغة عقود العمل المدعمة ووضع برنامج المساعدة على الإدماج المهني.
وتبرز حصيلة ومؤشرات سوق الشغل سنة 2014 خاصة في مجال التنصيبات المحققة في القطاع الاقتصادي الخاص والعام، إذ نجد أن 233.088 تنصيب محقق تم عن طريق الوساطة، و37.029 تنصيب تم عن طريق عقد العمل المدعم، و8.237 تنصيب تم عن طريق الهيئات الخاصة للتنصيب، و90709 تنصيب في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني، و3237 تنصيب في إطار التنصيب المباشر. أما مجموع التنصيبات المحققة في القطاع الاقتصادي الكلاسيكي فبلغت 281.591، ووصلت عروض العمل إلى 327.739، فيما بلغت طلبات العمل 1.674.973 طلب.
كان بالإمكان تحقيق أفضل مما كان
هي إذا عينة من الإنجازات التي تحققت سنة 2014 في قطاع الشباب، الذي أولته الحكومة عناية كبيرة، وكان بالإمكان تحقيق أفضل مما كان في ظل توفر الإمكانيات والإرادات، لكن استحداث وزارة للشباب يعتبر في حد ذاته مكسبا لهذه الفئة، التي مازالت تعاني من مشاكل عديدة، منها على وجه الخصوص البطالة، التي تبقى هاجسا يؤرق خاصة خريجي الجامعات، هذا بالإضافة إلى معاناة المواهب الشبانية ببعض البلديات بسبب غياب هياكل شبانية تسمح لهم بتفجير طاقاتهم وقدراتهم المختلفة، وإن وجدت فهي هيكل بدون روح تنتظر من يعيده لها.