طباعة هذه الصفحة

تونس.. النموذج الديمقراطي

س/ناصر

تعيش العديد من الدول العربية أزمات عديدة اقتصادية واجتماعية  زادتها الأوضاع الأمنية المتدهورة جراء الحراك الاجتماعي الذي عرفته البعض منها حيث تسبب ذلك في قتل الآلاف من مواطنيها وإتلاف الممتلكات الوطنية العمومية والخاصة وتحطيم البنى التحتية وتوقيف المسار التنموي بها، حدث ذلك ومازال في العراق، سوريا، اليمن،  مصر، ليبيا وبدرجات أقل في دول أخرى ، وكان الاستثناء من تونس التي يمكن اعتبارها النموذج العربي في التغيير الديموقراطي لاسيما بعد أن توجت بانتخابات برلمانية ورئاسية سلمية أعطت من خلالها الدرس لأكبر الديموقراطيات عراقة في العالم ، ولذلك على التونسيين أن يحافظوا على هذا المكسب العظيم وأن لايدخلوا في متاهات هم في غنى عنها .

وتؤكد المؤشرات الأولية أن السبسي فاز بفارق ضئيل في أغلبية المكاتب وهو ما أكده مدير حملته محسن مرزوق حيث تعالت الزغاريد في بعض مكاتب الاقتراع، وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت فوز رئيس نداء تونس قائد السبسي بنسبة ٥٥.٨٨٪ مقابل ٤٤.٣٢٪ للمرزوقي غير أن مدير حملة المرزوقي عدنان منصر شكك في العملية الانتخابية لاسيما بالجنوب الذي يحظى بتأييد واسع في بعض المناطق معترفا بالفارق الضئيل بين المرشحين في مكاتب أخرى ببعض المراكز.
وقد تعهد الرئيس التونسي المنتخب قائد السبسي بأن يكون رئيسا لكل التونسيين داعيا مواطنيه وأنصاره إلى نسيان انقسامات فترة الحملة الانتخابية وأن ينظروا إلى المستقبل.
موجها الشكر لمنافسه المنصف المرزوقي الذي هنأه هاتفيا بثقة الشعب مؤكدا له أن الشعب التونسي مازال بحاجة ماسة إليه وإلى نصائحه لأن مستقبل تونس يحتاج إلى كل التونسيين والتونسيات دون إقصاء أو تفرقة.
ودعا من جهته المنصف المرزوقي وبكل روح رياضية أنصاره لاسيما بمناطق الجنوب التي عرفت احتجاجات بعد إعلان النتائج إلى التهدئة والاحتكام للديموقراطية قائلا النتيجة صدمت البعض وأعلم أن التظاهر السلمي حق للمواطنين وأن خروقات كثيرة حدثت لكن لايعني ذلك اللجوء إلى العنف وقد قرر ألا يذهب للمحاكم لأنه يريد الاستقرار للبلد معتبرا أن تونس قد إنتصرت وأن مصلحتها فوق المصالح الفردية والحزبية، واعتبر المرزوقي أن نجاح الانتخابات وإتمام المرحلة الانتقالية يعد في حد ذاته انتصارا .
وكشف السبسي أن رئيس الحكومة المقبلة لن يكون من وزراء بن علي ويجب أن نضع أيدينا ببعض بعد الانتخابات، لأن تونس بحاجة لكل أبنائها ولايمكن لجهة أن تقصي جهة أخرى لأن ذلك من شأنه أن يقسم البلد و هذا لايخدم تونس ولا أي فريق من التونسيين .  
وقد هنأ العديد من رؤساء الدول الرئيس التونسي المنتخب على فوز تونس بهذا الاستحقاق الديموقراطي وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي أوباما، وقد قال وزير الخارجية الأمريكي إن تونس ضربت لمنطقتها وللعالم بأسره مثالا مشرفا لما يمكن تحقيقه من خلال التفاني من أجل الديموقراطية والتوافق معبرا عن دعم بلاده لتونس.
 كما هنأ رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة والرئيس المصري السيسي الباجي قائد السبسي على هذا الفوز المستحق .