طباعة هذه الصفحة

الدكتور كساب خبير السياسات الثّقافية لـ “الشعب”

أكثر من 6 آلاف جمعية ثقافية في الجزائر أغلبها دون أنشطة وتمويل حقيقيين

أسامة إفراح

حينما تعجز لغة الكلام عن الملاحظة والتحليل، يصير اللجوء إلى لغة الأرقام حاجة ملحّة. هذا ما ينطبق على ملف الجمعيات الثقافية، التي تتضارب الآراء حول فعاليتها، تواجدها الحقيقي، وتوزيعها الجغرافي والديمغرافي، إلاّ أنّ الأرقام تظهر نقصا في عدد هذه الجمعيات مقارنة بعدد السّاكنة، إلى جانب نقص في الموارد المادية، وهو ما يشتكي منه أغلب ممثلي الجمعيات الذين اقتربت منهم “الشعب” في هذا الملف.

في هذا السياق، يرى الخبير في السياسات الثقافية الدكتور عمار كساب، في تصريح لـ “الشعب”، أنّ دور المجتمع المدني في القطاع الثقافي في الجزائر ما يزال محدودا جدا. وحتى العدد القليل من العناصر الفاعلة في المجتمع المدني، الناشطة في المجال الثقافي، فإنّه لا يتمّ التشاور معها أو إشراكها في تطوير وتنفيذ البرامج الثقافية، أضف إلى ذلك العقبات والعوائق التي تواجه أصحاب المبادرات الثقافية المستقلة، لذا يتوجّب إعادة النّظر في هذه العلاقة مع المجتمع المدني النّاشط في قطاع الثقافة.
ويحاول الدكتور كساب تتبّع العقبات التي قد تواجه الجمعيات الثقافية، ويبدأ بذكر عائق رئيسي في البداية هو ما يطلق عليه “العقبات البيروقراطية” عند إنشاء الجمعيات الثقافية والفنية، بعد ذلك تجد الجمعيات نفسها في مواجهة مشكلة نقص التمويل. ويستشهد الدكتور كساب بالقانون رقم 12-06 الصادر في 12 يناير 2012 المتعلق بالجمعيات، الذي يحدّ بشكل كبير من إمكانيات الحصول على التمويل الأجنبي، ولكن هذا المصدر التمويلي لم يتمّ تعويضه بشكل كاف من طرف وزارة الثقافة، خاصة وأن هذه الأخيرة تنفق 0.2 بالمائة فقط من ميزانيتها للجمعيات الثقافية والفنية، يقول كساب.
وأضاف محدّثنا أنّه وفقا لأحدث الأرقام الرسمية (أنظر الجدول المرافق للمقال)، فقد بلغ عدد الجمعيات الثقافية والفنية في الجزائر 6074 جمعية بين 2006 و2009، بما في ذلك 171 جمعية “أدبية”، و1168 جمعية “الفنية”، و1299 جمعيات مهتمة بـ«التاريخ والتراث”، وغيرها من ما يسمى “متعددة التخصصات”، حسب تصنيفها من قبل وزارة الثقافة، فقد بلغ عددها 3436 جمعية. ولكن العديد من هذه الجمعيات، يقول كساب، ليس لديها أنشطة حقيقية في هذا المجال، ويرجع ذلك على وجه الخصوص بسبب نقص التمويل ونقص التدريب في إدارة المشاريع.
ولا يكتفي الدكتور كساب باستعراض هذه الأرقام، بل يحاول أن يعطينا قراءة في دلالاتها، حيث يعتبر أنّ هذه الـ 6074 جمعية ثقافية وفنية تعبر عن معدل منخفض جدا، هو جمعية ثقافية واحدة مقابل 6250 مواطن جزائري. هذا المعدل سينخفض بشكل ملحوظ في حالة الجزائر العاصمة، التي تضم حوالي 3 ملايين نسمة، فيما لا ينشط بها أكثر من 309 جمعية ثقافية، ما يعني معدلا بجمعية ثقافية واحدة مقابل حوالي 10 آلاف نسمة.