غادرت الجزائر نهائيا، دائرة الدول المستوردة للأمونياك و«اليوريا”، لتنتقل إلى الجهة المقابلة كمصدر لهذين النوعين من الأسمدة، بكميات إنتاج جد معتبرة معتمدة على موارد بشرية أغلبها وطنية مؤهلة، بعدما استثمرت أزيد من 4 مليار دولار لإنشاء مركبي الشركة الجزائرية العمانية للأسمدة ومصنع سورفيرت بالمنطقة الصناعية بأرزيو. هذا ما رصدته مجموعة من الإعلاميين في زيارة موجّهة نظمتها سوناطراك كانت “الشعب” ضمنها.
يؤكد تخصيص مساحة 75 هكتارا لإنشاء مركب صناعي لإنتاج “اليوريا” و«الأمونياك” وفي منطقة إستراتيجية بأرزيو على أهمية المشروع بالنسبة للاقتصاد الوطني بصفة عامة وللصناعة البتروكيماوية بصفة خاصة، ويمثل التجسيد الأولي للمخطط الذي وضعته وزارة الطاقة، والقاضي برفع القدرات الإنتاجية من الغاز والبترول بالتوازي مع الاستثمار في ميدان البتروكيماء لخلق مورد دخل هام للبلاد خارج قطاع المحروقات.
كان واضحا من خلال البطاقة التقنية للمركب الذي تكفلت بإنجازه شركة سونطراك رفقة المجمع العماني بوهران في إطار مؤسسة مشتركة أطلق عليها اسم “الشركة الجزائرية العمانية للأسمدة”، أن الأمر يتعلق بإنشاء مصنع في غاية الأهمية، قبل أن يتبين أنه “الأكبر على الصعيد العالمي من حيث القدرة الإنتاجية”، حسب ما أكده رئيس دائرة المرافق إسماعيل زنداغي.
المتحدث، قدم شروحات عن الوسائل التقنية ومختلف مراحل العملية الإنتاجية التي تبدأ من محطة الغاز الطبيعي، وتتتبع بنزع ثاني أكسيد الكربون يضاف إليه الهيدروجين فينتج سماد “الأمونياك” الذي تستخرج منه مادة “اليوريا”، ويستخدمان كسمادين في الأشجار المثمرة وبعض المواد الصيدلانية والأعلاف لتربية المواشي.
الطاقة الإنتاجية المعتبرة التي تفوق 5 ملايين طن سنويا، تجعل من تغطية الطلب الوطني أمرا في المتناول وبتخفيض يصل إلى 50 بالمائة، ما يمثل حافزا آخر لزيادة جهود الرقي بالقطاع الفلاحي خاصة وأن هاجس الاستيراد والإجراءات المرتبطة به قد أصبحت من الماضي.
بينما ستكون دول آسيا وأوروبا على وجه الخصوص، وأمريكا اللاتينية، سوقا لغالبية ما ينتجه المصنع الذي سيدخل مرحلة الإنتاج بصفة كلية شهر مارس من السنة المقبلة.
وحسب المدير المساعد للشركة الجزائرية العمانية للأسمدة، طايبي سعيد، فإن الوحدة الأولى التي تضم قسمين لإنتاج “اليوريا” و«الأمونياك” قيد التجريب، على أن تشرع في العمل الجاد مطلع السنة الجارية، وحسب الإطارات القائمين على المركب، فإن الوحدة الثانية ستباشر الإنتاج في الثلاثي الأول من السنة، لتتبع بوحدة ثالثة.
ما يشدّ الانتباه في المركب، هو الوسائل الحديثة التي يتوفر عليها، فهناك تقنيات للحفاظ على البيئة وكتم ضجيج المحركات، وتطهير الهواء، حيث أحيطت المنشآت بشريط أخضر يمتد على 25 متر طولا و5 أمتار عرضا.
كما يحتوي على محطات لتحلية مياه البحر واستخدام هذه الأخيرة في حالة نشوب حرائق يعجز عن التحكم فيها بالمياه المعالجة. كما توجد حاويات لتخزين المادة النهائية للأمونياك بسعة 30 ألف طن، ومخزن لليوريا بسعة 150 ألف طن.وتجدر الإشارة، إلى أن أغلب منتوج المركب سيكون من “اليوريا”.
وحتى وإن تحفظ القائمون على المركب، عن ذكر الزبائن المرتقبين، معتبرين أن ذلك سيتضح بعد اكتمال العملية الإنتاجية، إلا أن تجربة مصنع سورفيرت لإنتاج المادتين بالمنطقة الصناعية لأرزيو، تبعث على التفاؤل التام والكلي بمستقبل هذه الصناعة.
فقدأكّد بن ماماس يزيد المدير المساعد للمصنع الذي أنتج في إطار شراكة بين سونطراك ومجمع أوراسكوم المصري، “أن كل ما تم إنتاجه منذ أوت 2013 بيع في السوق العالمية والوطنية”.
وقال بن ماماس، أن المركب الذي أنشأ على مساحة 37 هكتار، شحن أول سفينة بـ«اليوريا” بتاريخ 19 سبتمبر 2013 نحو الخارج، تلتها أول باخرة محملة بـ«الأمونياك” يوم 15 أكتوبر من السنة ذاتها، وزود البلدان التي كانت الوجهات النهائية للمنتوج الجزائري بأزيد من مليون طن لكل مادة، ما نجم عنه تحقيق عائدات قدرت بـ500 مليون دولار خلال سنة.
وكشف بن مماس، أنه يتوقع أن تبلغ عائدات العام الحالي 600 مليون دولار بالنظر إلى ارتفاع سعر الأمونياك في الأسواق الدولية حيث يقدر بـ600 دولار للطن الواحد، فيما تبلغ قيمة طن “اليوريا” 370 دولار حاليا.
وبثقة كبيرة تحدّث المدير التجاري لسورفيرت، مصطفى شكور، عن قدرة المركب على جلب زبائن جدد، مشيرا إلى توفر الإمكانيات اللازمة لرفع كمية الإنتاج حسب ارتفاع الطلب.لافتا إلى أنه “ورغم ارتفاع سعر المنتوج الجزائري لم نجد أي صعوبة في بيعه”.
وعن العلاقة المستقبلية بين مركب الشركة الجزائرية العمانية للأسمدة ومجمع “سورفيرت” باعتبارهما ينتجان نفس المادتين “اليوريا” و«الأمونياك” وإمكانية وقوع منافسة بينهما، أفاد كل من بن ماماس يزيد و طايبي سعيد أنهما سيلعبان دورا تكامليا في إطار مهمة رفع مداخيل البلاد خارج قطاع المحروقات.
ويتولى المركب الأول إنتاج مادة “اليوريا” بنسبة أكبر، فيما ترتفع قدرة إنتاج “الأمونياك” بسورفيرت، ما يعطي نوعا من التوازن في تصنيع المادتين.