طباعة هذه الصفحة

بعد طول موجة الاحتجـاج

مـن يصغـي لطلبة الهندسة المعمارية؟

سعيد بن عياد

يواصل طلبة الهندسة المعمارية بجامعة سعد دحلب بالبليدة وبجامعات أخرى عبر الوطن، إضرابهم عن الدراسة للمطالبة بالحق في الحصول - بعد نيل الليسانس - على الاعتماد لممارسة النشاط المهني بعد متابعة تربص عملي لمدة 18 شهرا. وفي غياب رد فعل إيجابي من الجهة الوصية المعنية، يستمر ضياع الوقت والجهد في ظل اتّساع دائرة القلق في أوساط الطلبة. لكن لماذا لا يمنح الاعتماد لطلبة ينجحون في نيل ليسانس هندسة معمارية، وقد زاولوا مسارا دراسيا نال منهم جهدا وتعبا وأنفقوا مالا كثيرا لاقتناء لوازم التعليم المكلفة جدا في هذا التخصص. وما المعنى من نيل شهادة ليسانس لا تكلل بالحق في اعتماد الطالب مهندسا معماريا بالمعنى الصحيح للكلمة؟. ينبغي أن تقدم إجابات واضحة وموضوعية لإنهاء حالة التوتر فتعود المفاهيم إلى طبيعتها، إذ لا يمكن تكريس تمييز بين النظام الكلاسيكي ونظام ليسانس - ماستر - دكتوراه، بحيث من المسؤولية والموضوعية إعطاء الاعتبار لشهادة ليسانس من أجل تمكين الطلبة المعماريين من الدخول بثقة في عالم الشغل. بهذه الطريقة فقط، يمكن بث روح المبادرة والحرص على النجاح بالجد والمثابرة في أوساط الطلبة، الذين يعلقون آمالا مشروعة في ممارسة المقاولاتية التي تؤكد عليها إرادة السلطات العمومية في ظل تميز بلادنا بطابع التنمية الواسعة وعبر كافة أرجاء البلاد. حقيقة تبرز على امتداد الوطن مشاريع ضخمة في قطاع البناء والعمران إلى درجة اللجوء لمؤسسات ومختصين أجانب قصد إتمامها، بينما هناك بالمقابل أطراف تضيّق الخناق على اعتماد المهندسين المعماريين الذين يريدون خوض تجربة العمل لحسابهم الخاص والانتشار عبر البلاد للمساهمة في متابعة ومراقبة ومرافقة المشاريع في العمران الحضري أو الصناعي. ولا يمكن أن تستمر حالة اللامبالاة بشأن مطالب هؤلاء الطلبة فتكسّر إرادتهم وتحطم أحلامهم في جزائر تحولت إلى ورشة للاستثمار والبناء في شتى الميادين، مفتوحة للشباب من الطلبة. ولا يعقل إطلاقا أن يضرب جدار حول مهنة مهندس معماري تكون بمثابة القلعة التي يصعب دخولها وتترك مفاتيحها في قبضة فئة، يبدو أنها تريد توريثها وانتقاء من يلجها. بل بالعكس، ينبغي أن تترك المهنة للمنافسة من أجل دمقرطتها وفتح أفق جديد لآلاف الطلبة الجزائريين الجادين ولا يليق أن يُتركوا عرضة لمصير لا مكان فيه للحوار والشفافية وهي قيمة لطالما أكد عليها وزير التعليم العالي والبحث العلمي محمد مباركي، حرصا منه على إعطاء دفع للجامعة الجزائرية والارتقاء بالأداء من خلال تنمية البحث العلمي بما يحسّن من ترتيبها إقليميا وعالميا. ومفتاح ذلك، أن يشعر الطالب أنه يدرس حقيقة ولذلك يستحق الحق في الاعتبار، بما في ذلك اعتماد هذه الشريحة من الطلبة بكامل حقهم في ممارسة ما تعلّموه في الميدان وبدون عقدة.