أخذت مجلة «الجيش» في عددها الأخير حلة نوفمبر، متوقفة عند محطات منيرة من الثورة الجزائرية التي فرضت نفسها مرجعا لحركات التحرر، وغيرت مجرى العلاقات الدولية.
يظهر هذا في عدد المجلة لشهر نوفمبر المتزامن وستينية الثورة التحريرية المظفرة.لهذا جاءت «الجيش» وفية للمبادئ وقيم التحرر الجزائري السائر على خطى نوفمبر مناضلا من أجل ترجمة رسالة الشهداء ومضمونها في الميدان في وقت تخوض فيه الجزائر معركة أخرى في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار السياسي أمام تحديات دولية ورهانات إقليمية أكثر خطورة وتعقيدا.
فقد نشرت المجلة رسالة رئيس الجمهورية في الذكرى 60 لثورة نوفمبر، التي عاد من خلالها إلى انتفاضة الحرية وكيف انخرط فيها الشعب منذ الأولى الشرارة مطبقا لما ظل يردده القائد البطل «بن مهيدي» ارموا الثورة في الشارع ليحتضنها الشعب».انتفاضة كسرت حاجز الخوف وطابو الممنوعات ووهم الإشاعاة المروجة من ضعاف النفوس بأن «خوض المعركة ضد المستعمر بسلاحه وأرمادة مقاتليه ضرب من الجنون والمغامرة والقفز في المجهول».
حدث العكس .وبات المستحيل ممكنا بتوفر إرادة قادة خططوا للثورة وحددوا الأهداف والوسائل، ووضعوا مخططا استراتيجيا يظهر بحق عزما على استعادة السيادة مهما كان الثمن.
تحدثت «الجيش» عن نوفمبر الحرية في افتتاحيتها بالقول: «كانت ثورة التحرير الحدث الذي تقاطع على طرفيه الممكن بالمستحيل، والذي فصل بين عهدين لا يجمع بينهما جامع إلا تلك الإرادة وذلك التصميم، من قبل فئة تولدت من رحم شعب آمن بالله معينا والتحرر نهجا والتضحية سبيلا إلى انتزاع حريته واستعادة سيادته».
إنها عظمة ثورة وقوة قادة وعزيمة شعب ، شكلت توازن معادلة جزائرية غيرت مجرى التاريخ، شكلت محطة لاستخلاص الدرس في الزمن الراهن لتحصين الذات وتعزيز المكسب وحماية الذاكرة الجماعية مثلما أكدت عليه المجلة بالقول: «إحياء الذكرى 60 لثورة نوفمبر يملي علينا الوفاء للثورة وأبطالها باستخلاص الدروس من تضحيات السلف وتلقين العبر للأجيال الصاعدة ليبقى نور نوفمبر وضاء ينير دروب الجزائر ويلهم أبناءها القوة والإرادة للصعود بها نحو العلا والسؤدد».
من هذه الزاوية نقرأ لماذا اهتمام مجلة «الجيش» بالحدث التاريخي الذي تعيشه البلاد على مدار سنة كاملة. وكيف توقفت عند مختلف محطات التاريخ الثوري والإجابة على السؤال الكبير أي خيارات اعتمدتها الثورة الجزائرية للحفاظ على الوحدة الوطنية الترابية لإسقاط كل محاولات المستعمر لفصل الصحراء وما يمثله من خطورة على السيادة والمستقبل.
القراءة التي أعطتها «الجيش» للمشهد التحرري ليس البقاء أسر الماضي والتغني بإنجازاته فقط بل اتخاذ منه درسا لبناء الحاضر والمستقبل عبر زرع الأمل والغيرة على الجزائر التي تحدت الصعاب وواجهت تداعيات أزمات الجوار واضطرابات محيط يحرك وفق أجندات، برؤية متبصرة استشرافية جعلت منها مرجعية في المصالحة وترقية الحوار.
ومثال ذلك جولات الحوار المالي المالي الممهد لأرضية مفاوضات بين الأطراف الليبية التي أظهرت دور الجزائر الريادي ووساطتها التي أدتها دبلوماسيتها بحنكة وإتقان منتزعة اعتراف العالم كله.