أبرز مجاهدون وأساتذة جامعيون دور الإعلام الجزائري أثناء الثورة في التصدي للدعاية الفرنسية التي انتهجها المستعمر، ودعوا إعلام اليوم إلى الحفاظ على الهوية الوطنية والذاكرة التاريخية في ظل التغيرات الحاصلة التي قد تشكل خطرا على سمات وخصائص المجتمع الجزائري الحضارية.
قال المجاهد ووزير الإعلام الأسبق لمين بشيشي، إن الإعلام الثوري تصدى للأفكار الدعائية التي كان يروّجها المستعمر حول مفجري الثورة حين اعتبرهم خارجين عن القانون. وذكر المجاهد، أن الهدف الرئيسي للإعلام هو الدفاع عن الحرية والمقاومة.
وأضاف بشيشي، خلال ندوة تاريخية نظمها، أمس، المتحف الوطني للمجاهد، بالتنسيق مع المكتبة الوطنية، حول دور الإعلام أثناء الثورة التحريرية، أن الإذاعة السرية شكلت منعطفا حاسما في تاريخ الإعلام الثوري، حيث اعتبرها الصوت الحقيقي للمجاهدين، والحافز الأساسي الذي كان يدفعهم لمواصلة المقاومة.
وتوقف لمين بشيشي عند محطات هامة من إنشاء الإذاعة، التي لم تستطع فرنسا كشف مكانها، وكانت تصل إلى مدى 70 كلم. وفي هذا السياق، كشف بشيشي أن مسعود زقار، هو من كان يتنقل بالإذاعة بين الحدود الجزائرية المغربية بمدينة الناظور، وكان أول برنامج بثته في 16 ديسمبر 1956، وذكر أنها توقفت بعد عام من إنشائها، والأسباب تبقى مجهولة.
من جهته دعا الدكتور أحمد بيطام، مدير المتحف الوطني للمجاهد، إعلاميي اليوم إلى الحفاظ على الذاكرة التاريخية والدفاع عن الهوية الوطنية، التي تمثل الموروث الثقافي والتراثي الذي يجب أن يحفظ للأجيال القادمة.
وقال بيطام، إن الأوضاع الراهنة الخطيرة التي تشهدها الساحتان العربية والإقليمية تفرض على الإعلاميين أن يعطوا صورة مشرفة يبرزوا خلالها الخصوصيات والسمات الحضارية التي يتمتع بها الشعب الجزائري وأنه من الواجب الوطني أن نواجه خطط تدمير كياننا وقيمنا الأخلاقية.
من جانب آخر، تناول الدكتور أحمد حمدي، عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، دور الصحافة المكتوبة في المقاومة، حيث ذكر أن بيان أول نوفمبر يعد أول وثيقة إعلامية، لتأتي بعده النشريات والمنشورات التي كان يوزعها المجاهدون على المواطنين للمشاركة في الثورة.
وتناول الدكتور في مداخلته، مبادئ الإعلام والدعاية أثناء الثورة وقال إن هناك مبادئ ثابتة تمثلت في الصدق وقول الحقيقة والتعاطي مع الأخبار بموضوعية. أما القسم الثاني، فهو المبادئ المرحلية التي كانت نتيجة ظروف طارئة تمثلت في بث الروح الحماسية ومساندة القضية وتعبئة المجاهدين.
كما أبرز الباحث دور جريدة «المقاومة» والمراحل التي مرت بها، باعتبارها الناطق باسم جبهة التحرير، وكيف كانت تصدر حسب المنطقة التي تورع فيها بالعربية والفرنسية، حيث كان يعمل المجاهدون على توزيعها في عدة دول في الخارج للتعريف بالقضية الجزائرية.