زارتنا بمقر الجريدة تلبية لدعوتنا إياها حين إلتقتها «الشعب» في سيلا ٢٠١٤، كانت تعرض كتابها «ألوان حياتي، رسالة إلى أحفادي»، شدّنا العنوان فهو يثير الفضول فماذا ستحكي هذه السيدة لأحفادها بعد عمر من تجارب الحياة وماهي الخلاصة التي أرادت أن تقدمها لهذا الجيل، السيدة أنيسة زويوش إنسانة بسيطة كما عرفت نفسها، جدة وأم لثلاث أبناء، سيدة أعمال، نائب بالبرلمان سابقا ناشطة في المجال الخيري وكاتبة… كان لـ «الشعب» هذا الحوار معها.
«الشعب»: هل لك أن تلخصي لنا أهم المحطات في حياتك؟
أنيسة زويوش: أنا جزائرية فخورة، أهم المحطات في حياتي كانت كل تلك الحروب التي مرت علينا. من الحرب العالمية الثانية إلى ثورة التحرير نهاية بالعشرية السوداء، كان لكل لهذه الأحداث الأثر البالغ في حياتي خاصة ثورة التحرير وما مر بنا من تنكيل من الاستعمار الفرنسي، المرأة في تلك الفترة كان لها دور كبير في الحفاظ على هويتها وضحت بالكثير في سبيل تحرير هذا الوطن، أذكر أني زرت أخي الشهيد في جبال مرتين وفي كل مرة كان يقول لي جملة مهمة أنه علينا أن نهتم «بالمرأة والبغال» وكان يقصد أن المرأة رغم كل ما كانت تعانيه كانت صابرة واقفة لا تهاب، حافظت على تقاليدها وإسلامها وغرستهما في الأجيال القادمة، أما البغال فكان تعبيرا مجازيا حيث كانت تساعدهم على التنقل وحمل البضائع وكل ما كانوا بحاجة إليه أيامها.
^ المرأة الجزائرية بعد الاستقلال كما في الحرب أبانت عن قوة خارقة، وأنت مثال عن ذلك كيف تصفين تجربتك كسيدة أعمال ؟
^^ كانت تجربة رائعة، كنت في تلك الفترة أتنقل في العمل بين عدة مؤسسات عمومية، وعند زيارتي لأحد المعارض الصناعية نهاية السبعينيات، أتتني الفكرة، لما لا أشتري إحدى هاته الآلات وأبدأ في العمل بفتح مؤسسة خاصة بي، الأمر لم يكن طبعا بهاته السهولة فلم تكن هنالك الكثير من النساء اللاتي ولجن عالم الصناعة والأعمال حينها كما أن القوانين وقتها لم تكن كما هي الآن، اخترت مجال البلاستيك وساعدني بعض الأصدقاء. ونجحت في تحقيق المشروع واستمر عملي به حتى سنوات العشرية السوداء أين انهار كل شيء،،، موقع المصنع كان بمنطقة خرايسية وهي منطقة كما نقول بالعامية «سخونة»، حيث كانت التهديدات تأتينا كل يوم، لكننا كنا نذهب للعمل رغم الخوف أذكر أني أبلغت وحدة الدرك بالوضع وأتوا للمكان لكن المحزن في الأمر أن عناصر تلك الوحدة توفوا في هجوم إرهابي بعدها بأيام … لم يكن من خيار أمامي سوى الابتعاد والحفاظ على أرواح العاملين بالمصنع..
^ انتقلت للعمل السياسي بعدها، ما الذي دفعك لهذا الاختيار ؟
^^ كانت تجربتي في البرلمان في مرحلة حرجة من حياة الجزائر السياسية بالضبط سنة ١٩٩٤، كنا وقتها حوالي ١٦٠ نائب، وكباقي المؤسسات في الدولة، الاغتيلات التي كانت تحدث اغتيل ٨ نواب منا، لكن الوطن كان يحتاجنا ويجب أن نكون دائما حاضرين ونلبي النداء، هذا فقط كان سببي الوحيد لخوض تلك التجربة رغم صعوبتها والمخاطر التي واجهناها كل صباح نذهب فيه إلى البرلمان فقد كنت أقول لأولادي أنا لست أمكم الآن لا يجب أن تخافوا علي.
^ الآن ونحن ننعم بهذا الآمان مازلت تقدمين للوطن الكثير من الجهدكيف تجدين في كل مرة طريقك لتعبيري عن هذا الحب؟
الحمد لله الآن نعيش في أمان ويجب أن نواصل بناء هذا الوطن، فبعد هذا السن لم أجد أفضل من العمل الخيري وهو أمر لطالما حلمت به حتى عندما كنت شابة، أنا أساعد بقدر الإمكان عبر « SOS VILLAGE ENFANTS «
الأطفال الصغار لأنهم مستقبل هذا الوطن، فأنا أرى أن الثروة الحقيقية في الجزائر هي شبابه. كما ننظم أيضا ملتقيات عن الفكر والأديان والصحة.
^ آخر ما قمتِ به هو كتابة إن أمكن تسميتها بمذكرات حياتك بعنوان «ألوان حياتي، رسالة إلى أحفادي « كيف راودتك الفكرة؟
^^ استلهمت الفكرة من حفيدي ذي عشر أعوام الذي لطالما كان يسمعني أتحدث عن الثورة وما عشناه في تلك الفترة، كما كان يرافقني في تنقلاتي والأعمال الخيرية التي كنت أقوم بها كزيارة المستشفيات و غيرها فسألني ببراءة الأطفال « من أنت جدتي»، فأردت أن أجيبه عبر هذه الصفحات لتبقي وثيقة مني لأحفادي ليتعرفوا عليّ وعلى تاريخ الجزائر عبر ما مررت به وهي أيضا لكل أبنائي الجزائريين الذين أهتم كثيرا لأمرهم وأتمنى أن يحافظوا على هذا الإرث في ظل ما يحدث من تزيف للتاريخ.
^ نصيحتك لمرأة اليوم وكيف يمكنها أن توفق بين حياتها الشخصية والعملية وواجبها نحو وطنها
^^ قد تواجه المرأة صعوبات أكثر من الرجل لتثبت نفسها، لكنها يجب أن تكون قوية وتتمسك بأخلاقها ودينها وأن تتزود بالعلم لأنه يوفر لها الحماية ويساعدها على تجنب الأخطاء. كما يجب أن تحافظ على بيتها وأسرتها، أنا مثلا كنت أسافر كثيرا مع زوجي لطبيعة عمله لكني ربيت أبنائي وعلمتهم ليعودوا لهذا الوطن ويعيشوا فيه.