شدّد خبراء ومختصون، على ضرورة التنسيق بين مختلف المصالح الوطنية وفعاليات المجتمع المدني، للوصول إلى إستراتيجية ناجعة لمكافحة المخدرات والوقاية منها، وأكدوا أن العلاج الطبي في المراكز المتخصصة أفضل ما يمكن تقديمه للمدمنين من مختلف أصناف المجتمع.
قدّمت الندوة الوطنية مع المجتمع المدني، المنظمة من قبل الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها أمس، جملة من الأسباب المتداخلة الكامنة وراء انحراف الشباب إلى مستنقع السموم المخدرات وأكدت عملية المعالجة والوقاية تمثل حلقة متواصلة تحتاج إرادة المعني بالأمر ومرافقة الأسرة وتكفلا خاصا من طرف المصالح الوصية.
ورأى الخبير والرئيس المساعد لجمعية متقاعدي الأمن الوطني، قاسمي عيسى، في الدور السلبي الذي تلعبه بعض الأسر في عدم فهم ومرافقة الأبناء في مراحل عمرية معينة من الأسباب الرئيسية التي تجعل هؤلاء يسلكون طريق المخدرات، وقال أن الدور الأسري في مجال التربية والتوجيه في تراجع مستمر وامتزج مع التقصير الظاهر على المدرسة في أداء مهامها التربوية.
وقال قاسمي أن الشخص المدمن، غير صالح لنفسه وللمجتمع، ولفت الانتباه إلى معاناة الشباب وإحساسهم بالظلم والفوارق الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب كعوامل دفعت بهم إلى هذا الطريق الضال، وكشف أن دراسة أجراها بينت أن مدة الحوار بين الوالدين والأبناء في الجزائر لا تزيد عن 24 دقيقة في 24 ساعة ليؤكد بذلك على انعدام الحوار الأسري و تبعاته الوخيمة على الشباب.
وأوضح قاسمي أن خطر المخدرات يفوق خطر الإرهاب لأنه يضرب نواة المجتمع الجزائري، داعيا إلى التجند لحماية البلاد من الآفة.
من جهته، أكّد المختص في الأمراض العقلية، نذير بوربون، في مداخلة حول “معرفة الإدمان والأضرار الناجمة عنه “، أن الشخص المدمن ليس مجرما وإنما مريض دفعته معاناته النفسية أو الاجتماعية إلى البحث عن ملجأ يظن أنه سيجد فيه راحته، مشيرا إلى وجود أضرار خطيرة لمتعاطي المخدرات على غرار حوادث المرور والانتحار، إلى جانب انعكاسات صحية كالسرطان والسيدا وفقدان السيطرة على الذات والانفعالات واللامبالاة.
وأبرز كسير محمد ضابط من الدرك الوطني، واقع المخدرات بالجزائر على ضوء القضايا المعالجة الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام، حيث قدم مختلف الأنواع والوسائل المستخدمة للتعرف والكشف عنها.
في المقابل، أكد بعض ضحايا الإدمان والمخدرات، أن المركز الوطني لمعالجة المدمنين ببوسماعيل لعب الدور الرئيسي في إنقاذهم من الكابوس، مشيرين إلى أن الظروف الاجتماعية والمحيط كانا سببين مباشرين في اقتحام عالم السموم.
بن حالة: تدفق المخدرات في ارتفاع مستمر
قال مدير المركز الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، بن حالة محمد عبدو، في تصريح ل«الشعب” أن الكميات المحجوزة من المخدرات من قبل الفرق الأجهزة الأمنية المختصة في ارتفاع مستمر، مؤكدا مواصلة الجهود للتقليل من تدفق هذه السموم ومكافحته في أوساط الشباب والمجتمع، وأعلن عن الشروع في إعداد تحقيق وبائي عن المخدرات في الوسط المدرسي نهاية السنة الجاري إلى غاية السداسي الأول من السنة المقبلة ورصد له غلاف مالي بقيمة 30 مليون دينار.
وقال بن حالة أن الديوان بصدد جمع المعطيات والمعلومات، للتعامل مع الآفة والتوصل إلى إعداد إستراتيجية خماسية أنجع وأكثر مواكبة للمستجدات خلال الخماسي القادم بداية من سنة 2015، وأكد أن كل الإمكانيات والتسهيلات مسخرة أمامه لتأدية مهامه.
وتعتبر الحدود الغربية والجنوبية الغربية، المصدر الرئيسي لدخول المخدرات (القنب الهندي) إلى التراب الوطني، حيث يدخل ذلك في إطار إستراتيجية مبيتة لتحطيم الشباب والمجتمع الجزائري.
من جهته دعا رئيس الجمعية الوطنية للأخصائيين النفسانيين، إلى تفعيل النصوص التطبيقية لقانون مكافحة المخدرات لسنة 2004 كي تتاح الفرصة كاملة للأشخاص المدمنين للتوجه نحو المصحات المختصة للعلاج.