طباعة هذه الصفحة

متاعب قاسية لاقتناء الأدوية ليلا بالشلف وعين الدفلى

غياب المراقبة وتنشيط العمل النّقابي للصّيادلة وراء معضلة المناوبة

الشلف / عين الدفلى: و ــ ي ــ أعرايبي

تعرف مسألة المناوبة اللّيلية لدى الصّيدليات بولايتي الشلف وعين الدفلى تذبذبا في عملية التغطية بالأدوية بالمدن الكبرى والمناطق الرّيفية، التي تظل مشلولة ومنعدمة حسب تصريحات السّكان، خاصة في الحالات الإستعجالية أو بالنسبة للمصابين بالأمراض المزمنة المداومين على تناول الأدوية، في وقت ربط بعض الصّيادلة غياب المناوبة بالهاجس الأمني الذي يشكّله اللّصوص والمعتدين ليلا أثناء انقطاع الحركة بالشّوارع والأحياء.

وضعية المناوبة بالصيدليات لا تختلف كثيرا عن واقع العيادات المتعددة الخدمات التي تنعدم بها المناوبة الليلة، ممّا يجعل التّغطية الصّحية والمريض رهين المعاناة وتجرّع الآلام اللّيلية، وهذا في غياب المراقبة من طرف المصالح الصحية والمنتخبين المحليّين والمصالح الأمنية بكل تشكيلاتها، مادام حياة وأمن المواطن من مهام هذه الجهات.
صورة وواقع الصّيدليات التي مازال توزيعها عبر المدن والأحياء والبلديات والمناطق الريفية غير مضبوط ومدروس ومنظّم لتمكين المريض من اقتناء الأدوية في أي وقت مادام النوبات والحالات المرضية والصدمات غير معروفة التوقيت والمكان. وبحسب الظّروف الحالية التي جمعناها من خلال حديثنا مع السكان والمرضى في عدة مواقع ومع مهنيين وأصحاب صيدليات، فإنّ الاتّهامات متبادلة وكل طرف يقدّم تبريراته لما آل إليه قطاع الصيدلة بالولايتين. فوجود المناوبة في المدن الكبرى كما الشأن بعين الدفلى، مليانة، خميس مليانة والعطاف وغيرها، فيما تنعدم بالبلديات الريفية بالحسانية، بطحية، بلعاص، زدين، بربوش، تاشتة تبركانين، بن علال، واد الجمعة والجمعة أولاد الشيخ ومناطق أخرى، يستسلم فيها المرضى لأوجاع الآلام إلى غاية الثامنة صباحا موعد فتح هذه الصيدليات أبوابها، وكأنّ النّشاط عند هؤلاء عبارة عن وظيفة مربوطة بالحجم الساعي لساعات العمل اليومي، وهو ما يتنافى مع مهامها الإنسانية.
الوضعية لا تختلف عن واقع الصّيدليات بولاية الشلف التي مازالت بها المناوبة منعدمة، في وقت تزداد متاعب المرضى في البحث عن الدواء ابتداء من الساعة التاسعة ليلا، حيث تغلق هذه الصيدليات عفوا المحلات التجارية المبنية على الربح وبكل الطرق، فيما يظل المرضى ينتظرون بزوغ النهار لاقتناء الأدوية، ناهيك عن المصابين بالأمراض المزمنة. هذه الأخطار الصحية التي قد تفقدهم الحياة لا تلق من طرف الصيادلة عناية، فهم يعلّلون للقيام بالمناوبة الليلية قصد توفير الخدمة للمواطن، فمنهم من يربطها بالناحية الأمنية ومنهم من يسكن للراحة في غياب العمل بالفرق لضمان التغطية في توفير الأدوية.
  انعدام أطباء المناوبة مع غياب الصّيادلة  
مأساة المرضى في الحالات الاستعجالية تزداد تفاقما في ظل غياب المراقبة والمتابعة الردعية، حدث هذا مع أحد المواطنين الذين تقدم هذا الأسبوع في حالة استعجالية خطيرة قادته إلى مستشفى أولاد محمد، حيث استقبله طبيب المناوبة الليلية، وخضع  الشاب صاحب 22 سنة إلى عملية الكشف الطبي التي انتهت بمنحه وصفة طبية لشراء الأدوية في حدود الساعة الثانية صباحا، غير أنّ عملية البحث عن الصّيدليات المفتوحة ببلدية الشلف انتهت بالفشل كون أن الصّيدليات قد أغلقت أبوابها مع الساعة 9 ليلا، الأمر الذي جعل هذا المريض يعود خائبا إلى بيته بعدما علم من أحد أعوان الأمن أن الصيدليات مغلوقة، لكن مضاعفات المرض ازدادت لعدم تناوله الدواء، الأمر الذي جعله ينتقل خلال الليلة الماطرة الى المستشفى ثانية حيث تمكّنت الطبيبة المناوبة “أمارمداح” من إنقاذه من الوضعية الخطيرة التي كادت أن تعصف بحياة ذات المريض، مستعملة الإمكانيات الطبية المتوفرة بمصلحة الاستعجالات بمستشفى أولاد محمد.
هذه المتاعب تكشف حالة غياب المراقبة والمتابعة من طرف المصالح المعنية حفاظا على حياة المرضى، فإذا كانت عملية تكثيف تواجد الصيادليات بالتجمعات السكانية الكبرى والمدن والبلديات الريفية على قاعدة صيدلية واحدة لكل 5 آلاف نسمة، حسب تعليمة وزارة الصحة الصادرة بتاريخ 5 نوفمبر 2005، فإنّ هذا الكمّ الهائل من الصيدليات التي تمّ اعتمادها لم يعد كافيا لتوفير التغطية بالأدوية ليلا وبانتظام، فما جدوى منح الإعتمادات لهؤلاء الذين تحوّلت نظرتهم الى الممارسة التجارية في الأدوية بعيدا عن الروح الإنسانية، التي من المفروض أن يتحلّى بها الصيدلي الذي بات يتحجّج بوجود إعتداءات ليلية كالسرقة ومهاجمتهم بعدما تخلو الشوارع من المارة وتتوقف حركة المرور حسب تصريحاتهم، فإن كان هذا الهاجس الأمني مقبولا وسبق أن شهدت منطقة حي بن سونة لمثل هذه الحادثة التي ضبطتها العناصر الأمنية، فإن وجوده لا يطرح دائما كذريعة لعدم العمل ليلا.
ومن جانب آخر، فجهود نقابة الصيادلة التي سبق لها وأن احتجّت خلال الإضراب الذي نظّمه الصّيادلة في السنوات المنصرمة حول قضية تزايد أعداد الصيدليات بشكل فسرته النقابة بالظاهرة العشوئية، ينبغي أن يطال عملية التدخل لدفع هؤلاء للتغطية الليلية لفائدة المرضى، خاصة الذين يقطنون بالمناطق المنعزلة ويتعذر عليهم التنقل بأسباب اجتماعية أو أمنية. فدور هذا التنظيم النقابي صار مهما في الوقت الراهن يقول السكان، الذين تحدّثوا إلينا حول الظّاهرة المناوبة لدى الصّيادلة.