مواصلة لدعمها في الحفاظ على المنتوج الوطني الذي تزخر به بلادنا، يشد منتجو الصناعة والحرف التقليدية الجزائريون، انتباه الزوار في الطبعة التاسعة عشرة للصالون الدولي للصناعة التقليدية، الذي تحتضن الجزائر فعالياته بقصر المعارض إلى غاية 12 نوفمبر الجاري، تزامنا مع ستينية الثورة المباركة.
يأتي دور هذا الصالون لتعزيز تواجد الحرفيين على الساحة، باعتبارهم جزءاً فعالا في جعل الجزائر بلدا حديثا ومنفتحا، وقصد معرفة انشغالات الحرفيين وطموحاتهم من خلال المشاركة في الصالون الدولي الذي يعد فرصة لتسويق المنتجات.
تجولت «الشعب» وتحدثت مع بعض المشاركين والمختصين في المجال للوقوف على واقع وآفاق الصناعة التقليدية الوطنية التي يمثلها في الصالون قرابة 500 مشارك من جميع أنحاء الوطن بعاداته وتقاليده، بالإضافة إلى مشاركة 15 دولة من عدة قارات.
وفي هذا السياق، قال عديد المشاركين لـ «الشعب»، إن الصالون يعد فرصة لخوض غمار المنافسة الوطنية والعالمية باعتبار الصالون مسابقة لاختيار أحسن منتوج وطني، ما يؤدي إلى العمل على تحسين جودة المنتوج الجزائري، بالإضافة إلى كونه عامل تحفيز للحرفيين على بذل المزيد من المجهودات للارتقاء بالصناعة التقليدية إلى مستوى التنافسية على الصعيد الدولي.
وفي هذا الصدد، تحدث هلاوي محمد، حرفي في صناعة الحلي من ولاية إليزي، عن مشكل عرض المنتجات على مستوى منطقته لغياب مقر رئيسي في واجهة الولاية التي تستقطب الكثير من السياح من داخل الجزائر وخارجها.
واعتبر هلاوي، الذي يشارك، لأول مرة، في الصالون الدولي، أن المعارض تبقى عاملا مؤقتا لتسويق المنتجات، داعيا إلى تخصيص فضاءات دائمة على مستوى المناطق الخاصة بكل حرفة لترويج المنتوج ودعم المستثمرين الصغار لمواصلة الإنتاج، الذي يشهد تراجعا، على حد تعبيره، بسبب صعوبة وتكاليف متطلبات الصناعة الحرفية.
التسويق والترويج عاملا تحدٍّ للحرفيين
كما يعتبر عامل تسويق المنتجات وترويجها أحد أهم العوائق التي تعرقل ترقية المنتوج الوطني، حيث غالبا ما يواجه الحرفيون هذه المشاكل رغم المخطط الذي تنتهجه وزارة السياحة والصناعة التقليدية من خلال إقامة المعارض الجهوية والوطنية وحتى الدولية قصد التعريف بالمنتوج الوطني في الخارج وإبراز دوره كموروث ثقافي جزائري، والمحافظة على دوامه باعتباره أحد العناصر الأساسية للهوية الوطنية، على غرار حرفة الزربية والخزف وغيرها.
يرى الكثير من الحرفيين في الصناعة التقليدية، أن المعارض المقامة هنا وهناك تبقى غير كافية لتسويق المنتجات، حيث طالبوا من خلال «الشعب» بتوسيع دائرة الاهتمام بهذا المجال من خلال دعم أسعار المنتجات التي يتكلف إنتاجها رغم رمزيتها الوطنية.
وفي هذا الصدد، تطرح السيدة «ن.خ»، مختصة في حرفة الخياطة والنسيج من ولاية النعامة، مشكلة تسويق المنتجات خارج المنطقة الأصلية للمنتوج، موضحة أن المنتوج المحلي يجب أن يسوق في مناطق أخرى غير التي ينتج بها بالدرجة الأولى.
واعتبرت الحرفية، أن المؤسسات الناشئة تواجه مشكلة الترويج لمنتوجها الجديدة، سيما أنها لا تملك مؤهلات كبيرة لولوج عالم الصالونات والمعارض، مصرحة أنها المرة الأولى التي تشارك بها في المعرض وتنتظر أن تلقى صناعتها طلبا من طرف الزوار.
حين تصبح الحرفة هواية ونموذجا للحفاظ على البيئة
من جهته يوضح محمد بلجوهر، أن الحرفة أو المنتوج التقليدي المتميز، يجذب اهتمام الزوار. وبالنسبة له، لا يعد التسويق مشكلة في حد ذاتها، بل المشكل يكمن في كيفية الترويج للمنتوج وإبراز مدى أهميته وقيمته الفنية، لأن الإبداع يجعلك تصنع من اللاشيء شيئا.
وأضاف الحرفي بلجوهر، الذي يعمل على إعادة رسكلة النفايات وتحويلها إلى تحف فنية رائعة، أن الهدف الأول من عمله هو المحافظة على البيئة بالدرجة الأولى، وهي فكرة استوحاها خلال تواجده في سويسرا، وتحصل من خلال عمله على الجائزة الأولى في مسابقة أحسن عمل، المنظمة الصائفة الفارطة من طرف وزارة البيئة وتهيئة الإقليم.
وطرح الحرفي عدة عوائق تحول دون مواصلة الكثير من الحرفيين أعمالهم، وهو أمر يرهق كاهلهم، لاسيما مقر العرض أو صناعة الحرفة، إلا أنها مشاكل طفيفة يجب على الحرفي تخطّيها قدر المستطاع لتحقيق هدفه. وأضاف، أن المعارض والصالونات تعد فضاء لتسويق المنتجات والترويج لها في آنٍ واحد.
ويناشد الحرفي بلجوهر الجهات الوصية لمنحه بطاقة الحرفي، كونه صيدليا متقاعدا لا يسمح له القانون بذلك. ودعا إلى منحه الفرصة لتقليص حجم النفايات والمحافظة على البيئة من خلال رسكلة النفايات وتحويلها إلى أشياء ثمينة. ويضيف، أن حرفته تلقى رواجا كبيرا في المعارض وحتى الصالونات الدولية. وأشار أنه شارك في أكثر من 60 معرضا وطنيا وله طموح كبير في تكوين الشباب مجانا والمساهمة في بناء الوطن.