طباعة هذه الصفحة

الصاروخ العابر للحدود حطم جهنمية خـط مـوريس بالجهة الغربية

صندوق خشبي يبطل مفعول الأسـلاك المكهربة بضغطها العالي

تلمسان: محمد ب

بعد اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر 1954، وتوسعها إلى كافة مناطق الوطن  خصوصا ما ترجمه الهجوم على الشمال القسنطيني من قبل  الشهيد زيغود يوسف في الـ20 من شهر أوت من سنة 1955،  وما تبعها من معارك طاحنة تكبّد فيها العدو خسائر فادحة  وما لحقها من تنظيم  للثورة من خلال انعقاد مؤتمر الصومام   في 20 من شهر أوت سنة 1956، قامت السلطات الفرنسية  بمحاولة محاصرة الثورة الجزائرية وعزلها عن دول الجوار (تونس والمغرب ) عن طريق استعمال الأسلاك المكهربة  والألغام المضادة للأفراد حيث استغلت المساجين في مدّ الأسلاك الشائكة على مسافة 750 كلم من مرسى بن مهيدي  شمالا  و260 كلم شرقا بغية وأد الثورة الجزائرية  وقطع المؤن عليها بما يسمى بخطي  شال وموريس المتوازيين  على طول الحدود الأمر الذي جعل قيادة جيش التحرير تبحث عن سبل لاختراق الحدود وفك الحصار الذي تم عزله لمدة 06 أشهر من مارس إلى سبتمبر من سنة 1956، وفعلا تمكّنت عناصر قيادة جيش التحرير من اختراع  أول وسيلة لعبور الحدود خلال شهر سبتمبر من سنة 1956 بالشريط الحدودي الغربي ، هذه الوسيلة التي سميت آنذاك بالصاروخ العابر للحدود «الشعب»  اختارت الاتصال بمهندس هذا الصاروخ  المجاهد بن شراط المختار الذي شغل عريف أول  بالناحية الخامسة خلال الثورة التحريرية وعضو المكتب الوطني لكبار معطوبي الحرب  والذي استقبلنا ببيته بوسط مدينة عين تموشنت  ومكّننا من الوقوف على طريقة اختراعه وظروف العمل به ومن أول من عبر عبره .

  كشف السيد بن شراط  مختار  أن أول صاروخ الذي هو عبارة عن صندوق خشبي طوله 10م وعرضه 50 سنتم وعلوه 40 سنتم  صنع خلال شهر سبتمبر من سنة 1956 بمنز  محمد الواسني  المعروف باسم :»محند القايد» الموجود بقرية اولاد قدور الواقعة  على الشريط الحدودي  من قبل الضابط حمايدية الطاهر المعروف باسم  سي الزبير بالاسم الثوري المنحدر من مدينة تيارت  هذا الصندوق الذي أول من عبر فيه هو القيادي الثوري شريف بلقاسم المعروف باسم سي جمال رحمه الله ، وعن كيفية اختراع هذا الصندوق ومعداته كشف المختار بن شراط أن القيادي سي زبير كلفه رفقة كل من الشهيد طانطانو رحمه الله وأكد المدعو دفافي حمادة بالانتقال على الحدود للوقوف على حقيقة الخط المكهرب الذي  أنشأته فرنسا وكانت تروّج بأنه يقتل من يقترب منه على مسافة 10م  لكن بالوصول تبيـّن أن هذا الخط  علوه 03 أمتار ويحوي 07 أسلاك منها واحد غير مكهرب ، وبنقل المعلومات إلى القائد السي زبير  ومن خلال تخطيطه  اتصل بالنجار المدعو مكسي ميلود الذي قام بصناعة هذا الصندوق الذي سمي بالصاروخ الخارق للحدود  والذي تم صناعته بالخشب عن طريق أستعمال الخشب المؤنت والمدكر لتفادي استعمال المسمار الحديدي الناقل للكهرباء وتلوينه باللون الأخضر لتفادي ظهور اللون الأبيض ليلا  كما صنع مخاطيف من الخشب من أجل خفظ الأسلاك وتركيب الصندوق ما بين السلكين السفليين المكهربين  وما قبله زيادة على مقص لقطع الأسلاك الشائكة، في الليلة الموالية كلف كل من  مختار بن شراط و دفافني  حمادة وميلود ولد قادة المعروف باسم «الربي « من أجل التنقل إلى الحدود وبرفقته القيادي الشريف بلقاسم  المعروف باسم سي»جمال»  بغية تمريره نحو المغرب  وكان ذلك اليوم به ضباب كثيف جدا، حيث لم يتمكّن الفوج من العبور حيث أن قطرات الندى كانت تنقل الكهرباء وتشكّل أشعة ماصعب من عمل الفوج الذي عاد أدراجه  ونقل الواقعة للقائد سي الزبير الذي وجد حلا للمشكلة من خلال تغطية حواف الصندوق بمطاط عجلات الدراجات وكذا مخاطيف السلك بنفس المادة حيث كلف المجاهد محمد القايد بالتوجه إلى مغنية وشراء عجلات الدراجات لاستعمالها في الصندوق ومحاربة التكهرب.
 في اليوم الموالي  يشير السي المختار بن شراط  طلب منه السي الزبير التوجه رفقة  الفوج المتكون من شريف بلقاسم، دفافني حمادة، ميلود ولد قادة إلى الحدود لتمرير الشريف بلقاسم والعودة وهو ما لم يتقبله باقي الأعضاء بحكم أن السي مختار هو الوحيد من يتمكن من التعامل مع الكهرباء فما كان من السي الزبير إلا أن قبل ذهابي معهم على مضض، توجّهنا نحو الحدود وتمكّنا رفقة الفوج من العبور بصعوبة حيث قام الفوج بقطع الاسلاك الشائكة ونزع 03 ألغام مضادة للأشخاص ووصلنا إلى السياج المكهرب حيث قاموا بخفض السلك الأسفل بأحد المخاطيف الخشبية  ورفع السلك الثاني  بالمخطاف الثاني ووضع الصندوق لكن التردد منع الشريف بلقاسم من المرور لعدة دقائق قبل اقتناعه في آخر المطاف وتم عبور الجميع وأخذوا الصندوق معهم أين تم استقبالهم من قبل القاعدة الخلفية  للثورة بمركز بن مهيدي وهناك استقبلهم هواري بومدين حيث تلقى شروحات حول طريقة التعامل مع السلك المكهرب  وكذا دور الخشب والمطاط  والمخاطيف ، وبعد تعرف قادة الثورة على العملية  منحوا الفوج عطلة 08 أيام ومنحة بـ 40 درهما وتم صناعة العشرات من الصواريخ العابرة للحدود  والتي تحوّلت إلى قناة رئيسة لعبور قادة الثورة والسلاح والإطارات والمجاهدين من القاعدة الخلفية للثورة إلى الميادين ونقل التوجيهات إلى غاية سنة 1961 أين تم اكتشاف هذا الصندوق من قبل القوات الفرنسية بمنطقة بوكانون بعدما تخلى عليه المجاهدون على خلفية اصطدامهم بدورية للجيش الفرنسي، الأمر الذي  جعل  فرنسا تلجأ إلى مضادات جديدة  مثل الشباك وكذا الألغام الجماعية المثبتة في السلك السفلي لتفجير المجموعة  بمجرّد ملامستها للسلك الكهربائي ، لكن رغم ذلك وجد المجاهدون حلولا لها من خلال استعمال محول الكهرباء المغلف الذي ضاعف من معاناة فرنسا  في التصدي لقيادة الثورة التحريرية .

من هو المجاهد مختار بن شراط ؟:

ولد  المختار  بن شراط بمنطقة بني سنوس الجبلية 40 كلم جنوب غرب ولاية تلمسان  في 08/ 06 /1938 ، ترعرع وتربى بهذه المنطقة الجبلية الصعبة التي علمته التعامل مع صعوبة الحياة في ظل حكم استعماري  جائر ، التحق بالثورة التحريرية في بدايتها أين شغل منصب عريف أول بالناحية الخامسة حيث عمل رفقة القائد حمايدية الطاهر المعروف بالسي زوبير  كما تحصل على شارة عقيد خلال الثورة التحريرية اعترافا  لما حقّقه من تضحيات  في المعارك الكبرى التي شهدتها المنطقة الغربية على غرار معركة جرف النحل ،وادي الحمام ، بني ششقرا ، الغوالم ، تنوشفي ، فلاوسن ...... أصيب على مستوى الرجل بفعل لغم مضاد للأفراد خلال الثورة التحريرية لكن الله كتب له الحياة لينقل لنا حقائق عن الثورة التحريرية .