يعتبر إحياء الذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة ثاني أهم حدث وطني تعيشه الجزائر بعد الاحتفاء بخمسينية الاستقلال والذي سطرت له الحكومة وفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، برنامجا ثريا بالمناسبة تسهر على تطبيقه ميدانيا وزارة المجاهدين بالتنسيق مع العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية والخاصة وكذا المجتمع المدني.
ويشتمل البرنامج الاحتفال الذي اختير له شعار “نوفمبر الحرية” و الذي ستمس تظاهراته على مدار سنة كاملة كل القطر الوطني لتتوسع إلى الجالية الجزائرية والتمثيليات الدبلوماسية في الخارج ، نشاطات تاريخية تخليدية، ثقافية وفنية، وأخرى رياضية وشبانية إلى جانب مسابقات وتكريمات ومعارض متنوعة الموضوعات.
ويستهل البرنامج بحفل الافتتاحي الرسمي ، الذي يقام ليلة أول نوفمبر ب«ملحمة الجزائر الكبرى” أي العرض التوثيقي الذي يتضمن استعراضا فنيا لتاريخ الجزائر على مدى 24 قرنا من الزمن، مرورا بكل الحضارات التي تعاقبت على أرض الجزائر.
العمل الفني مقتبس من مآثر الشاعر والأديب الجزائري الراحل، عمر البرناوي، وهو من إنتاج الديوان الوطني للثقافة والإعلام، ويشارك فيه 300 فنان ويحتضنه المركب الرياضي “ محمد بوضياف”.
وفي الشطر الثاني من انطلاق الاحتفالات الرسمية لأول نوفمبر ستشهد كبريات المدن الجزائرية وعلى رأسها الجزائر العاصمة تنظيم استعراضات شعبية تكون بمثابة لوحات فنية وكوريغرافية تعبر عن الاعتزاز بالذاكرة الوطنية وبرموزها كما ستساهم في إبراز الموروث الثقافي الوطني والإنجازات الكبرى للجزائر المستقلة.
ويحضى الشطر المخصص لحماية الذاكرة والتراث بنصيب كبير في برنامج الإحتفائية، إذ قرر القطاع العديد من العمليات التي تهدف إلى حماية المواقع والأماكن المرتبطة بالذاكرة الوطنية وصيانتها على أن تشمل العملية ترميم وتهيئة 49 مقبرة للشهداء.
هذا بالإضافة إلى مشروع إنجاز وترميم 32 معلما تذكاريا قصد تثمين الرصيد التاريخي والثقافي ، إلى جانب ترقية وصيانة 25 معلما تاريخيا يرمز حسب وزارة المجاهدين إلى البطولة والاستبسال من جهة و بشاعة الاستعمار من جهة أخرى.
ومن بين النقاط المهمة التي يركز عليها برنامج ستينية أول نوفمبر1954 تسمية وإعادة تسمية الأماكن والمباني العمومية بأسماء “ أولئك الذين نالوا شرف الفوز بالشهادة وأبلوا البلاء الحسن من بنات وأبناء الجزائر البررة’.
وفي سياق آخر أولى البرنامج المسطر أهمية كبرى للجانب البيداغوجي، حيت برمجت العديد من المنتديات والملتقيات والمحاضرات الدولية والوطنية، التي ستنظم بالعديد من المدن والولايات الجزائرية وحتى بالخارج والمراد منها بعث جسور تواصل بين جيل ثورة نوفمبر وأجيال ما بعد الاستقلال.
ولتخليد بطولات من صنعوا أمجاد الجزائر تولّت وزارة المجاهدين مشروع إنجاز أعمال سمعية بصرية جديدة من أفلام مطوّلة، خاصة بمسيرة كريم بلقاسم، العقيد لطفي، والعربي بن مهيدي.
وتبقى عملية جمع الشهادات الحية على مستوى ملحقات المتاحف، والمديريات الولائية بالتنسيق مع الإذاعات الجهوية من بين النقاط التي تحرص عليها وزارة المجاهدين بهدف لمّ أكبر كم ممكن من المعلومات وحفظها لتشكل مادة خاما لمواصلة كتابة تاريخ الثورة والحفاظ على الذاكرة الوطنية للأجيال الصاعدة.
ودائما لفائدة أجيال ما قبل الاستقلال و كذا لحثّهم على التعرف على تاريخ ثورة نوفمبر المجيدة وتضحيات الشعب الجزائري وبطولاته، تم فتح معرض الذاكرة الوطنية بحديقة التسلية ببن عكنون، مع مشروع إنجاز فضاءات مماثلة بكل من وهران وقسنطينة وورقلة ، إلى جانب تنظيم معارض للصور وأسابيع للذاكرة ومسابقات وطنية ومحلية مفتوحة للمواطنين والمواطنات بمختلف أعمارهم.