طباعة هذه الصفحة

تحظى بمساندة دولية كبيرة

الجزائـر حاضنـة مساري التسويـة السلمية في ليبيا ومالي

حمزة محصول

 تستعد الجزائر لاستقبال وفود الأطراف السياسية والعسكرية الليبية التي تؤمن بالحوار والحلول السلمية خلال الأيام المقبلة القادمة، مشرفة بذلك على وساطتين في آن واحد، بعد نجاحها في جمع الفرقاء الماليين على طاولة الحوار مطلع سبتمبر المنصرم وسيدخلون ويتأهبون لدخول المرحلة الثالثة من المفاوضات.
نجحت الوساطة الجزائرية بعد جهود دامت أزيد من شهرين في إقناع الحركات المسلحة لشمال مالي بالقدوم إلى الجزائر وتوقيع «إعلان الجزائر» و»أرضية الاتفاق الأولية» بتاريخ 9 و14 جوان على التوالي.
تكمن أهمية المذكرتين، في موافقة الحركات المتمردة على احترام الوحدة الترابية وسيادة مالي وطابعها الجمهوري، ورغم ما كان يعرفه الوضع هناك من احتقان وتأهب مسلح بين الأطراف إلا أن اتفاق وقف أعمال العنف وخارطة طريق المفاوضات الموقعة بتاريخ 25 جويلية، أدت إلى تهدئة حقيقية ولم ينشب أي صدام مسلح منذ تلك الفترة، حيث عكفت الحركات وممثلو المجتمع المدني والحكومة المالية على التباحث وتقديم الآراء والمقترحات للخروج وبشكل نهائي من الأزمة.
ورغم صعوبة المهمة إلا أن الوساطة الجزائرية حققت تقدما تلو الآخر في الملف بمساندة دولية في مقدمتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي ومجموعة الإيكواس، وسيصل الطرفان إلى جوهر مفاوضاتهم والتي تتعلق بمسألة نزع السلاح وبناء الجيش ومراقبة الحدود والمشاركة في المجالس المنتخبة والسلطة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
 والمحصلة أن الجزائر استطاعت أن تضع الماليين على سكة الخروج من الأزمة ومكنتهم من الحوار والحديث وجها لوجه بعيدا عن لغة العنف والمعارك، والأمر ذاته تهدف الجزائر لإحداثه في ليبيا كدولة جارة، واستطاعت الفوز بالمعركة الدبلوماسية بإبعادها للتدخل العسكري الذي نادت به فرنسا واقتنعت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومنظمة الأمم المتحدة بالمقاربة الجزائرية الداعية إلى الحل، وأكد «بان كي مون» في آخر تصريح له، أمس، أن التدخل العسكري في ليبيا مستبعد، معززا بذلك حظوظ المبادرة الجزائرية التي وصلت إلى المرحلة الإجرائية التقنية الأخيرة المتمثلة في إرسال الدعوات للأطراف الليبية، وحسب تفاصيل الخطوط العريضة لما تولى الخبراء صياغته لإخراج البلاد من محنتها شمل مسألة منع التسليح وتشكيل الميليشيات وإصلاح المؤسسات الأمنية ودمج عناصر التشكيلات المسلحة داخلها مع عزل الفصائل المتطرفة وتحرص الأمم المتحدة على تنفيذ هذه البنود.
تبدو الفرصة مواتية لنجاح الوساطة الجزائرية في ليبيا كما في مالي، خاصة وأن قبولها بالمهمة جاء بطلب الدولتين وحظي بدعم دولي، ويمكن أن يجد الليبيون سبيل الحل في الجزائر خاصة وأن التركيز الإعلامي كله منصب على ما يجري في الشرق الأوسط وهجوم دول التحالف على التنظيم الإرهابي المعروف باسم «داعش»، ما يقي المبادرة من التشويش والتأثير السلبي عليها قدر المستطاع.
وترى الجزائر أن مصلحتها الإستراتيجية ومصلحة البلدين المجاورة احتواء المخاطر الكامنة في برميل المتفجرات على الحدود الشرقية والجنوبية.