يجري وضع آخر اللمسات لضبط برنامج التنمية للخماسي المقبل قي ظلّ مؤشرات بعضها لا يزال يطلق الضوء الأخضر والبعض الآخر يشير باللون البرتقالي فيطلق تحذيرا مبكرا. يتعلق الأمر بالتراجع المسجل لأسعار المحروقات التي تراجعت إلى دون 90 دولارا للبرميل، مما يتطلب متابعة حثيثة لتقلبات أسواق المحروقات ووضع خارطة طريق تتضمن بدائل ممكنة عند الضرورة لما يحمله المستقبل بشكل يضمن الحفاظ على وتيرة التنمية. لقد تمّ وضع هدف استراتيجي للأداء الاقتصادي في الخمسية المقبلة يتمثل في إنجاز نسبة نمو بـ7 بالمائة في أفق 2019 / 2020 . في تلك المرحلة سيعرف الاقتصاد الوطني منعرجا حاسما ينبغي التحضير له من الآن، وهو ما يستوجب الإسراع في تنشيط الدورة الاقتصادية بحشد كافة الطاقات الوطنية المنتجة التي تملك الوسائل والقدرات وبالخصوص الإرادة في كسب معركة النمو.
إنها معركة مصيرية بالنظر للصعوبات التي تنتظر الاقتصاد الوطني وفي مقدمته المؤسسة في ضوء التوجه إلى تفكيك ما تبقى من أنظمة الحماية الجمركية في المدى المتوسط، الأمر الذي شرعت الحكومة في التحضير لمواجهته بإطلاق عملية إرساء العمل بنظام المقاييس، وهو مسار ينبغي الانتهاء منه بالتزام قواعد الجدية والمثابرة التي يبدو أن وزير الصناعة يحرص عليها. وبلا شك أن المسار الأمثل يكمن في العمل على عدة جبهات وبأسلوب متكامل بدءا من ضخ الموارد بعقلانية في شرايين المنظومة الاقتصادية مع تفعيل أدوات مكافحة الفساد باعتباره الخطر الأكبر الذي يهدّد المستقبل والرفع من وتيرة إعادة تنظيم الجهاز الاقتصادي الذي أقرته الحكومة بإعلان التوجه إلى أسلوب المجمعات من أجل تحرير أكثر للمبادرة.
ويتعزّز هذا التوجه باعتزام إطلاق إصلاحات تشريعية وتنظيمية بعنوان تكريس منع تجريم التصرفات المتعلقة بالتسيير. لقد كان ‘’تجريم أفعال التسيير’’ لسنوات عائقا في وجه ‘’المسيّرين النزهاء’’ الذين بقوا مكتوفي الأيدي خوفا من تبعات قرارات قد تتخذ وتكون لها كلفة مالية، كما ساهم انتشار الفساد في دوائر أخرى لها صلة بالمحيط الاقتصادي والمالي. ومن شأن الترتيبات القانونية ذات الصلة والمرتقب تدقيقها بمتابعة حثيثة من وزير العدل حافظ الأختام المدرك للرهانات والتحديات الاقتصادية التي يجب مواجهتها بإزالة كل عراقيل وإنهاء للبيروقراطية، أن تحرّر المبادرة وتدفع بالاستثمار خاصة مع الشركاء من القطاع الخاص والمتعاملين الأجانب إلى مستوى أفضل ضمن الحفاظ على المصلحة الوطنية وحماية المال العام. وينتظر أن يلعب القطاع الوطني الخاص الدور الملقى على عاتقه كشريك مسؤول أيضا عن كسب معركة النمو الاقتصادي وذلك بالإنخراط كلية في الديناميكية الحالية وفقا لمعادلة شراكة وطنية عمومية وخاصة كما دعت إليه الثلاثية الأخيرة.