طباعة هذه الصفحة

المخرج سمير آيت بلقاسم لـ “الشعب”:

الدّبلجة إلى اللّغة الأمازيغية عمل سينمائي محترف يحتاج إلى تطوير

حاورته: ضاوية تولايت

أكّد المخرج آيت بلقاسم، مسؤول أست ديو “دوبل فويس” الخاص بدبلجة الأفلام إلى الأمازيغية، خلال لقاء خصّ به “الشعب”، على ضرورة جعل الدبلجة مهنة سينمائية محترفة تحتاج إلى التشجيع، نتيجة غياب الإنتاج السينمائي الجزائري خاصة باللغة الامازيغية، مضيفا أنّ الأفلام المدبلجة باللغة الامازيغة عرفت رواجا كبيرا في المجتمع، خاصة انتاجاتها الخاصة بالأطفال التي تتبعها الصغير والكبير. وإن دل هذا على شيء فإنه يدل ـ حسبه ـ على تعطش الجمهور لأفلام ناطقة باللغة الامازيغية ذات نوعية، ومواضيع جد شيقة، على غرار ما قام بدبلجته  “كيكي 1” و “كيكي2 “، وكذا “بوشي..وغيرها التي أثارت شهرة كبيرة.  

❊ الشعب: ما رأيكم في ظاهرة دبلجة الأفلام، والتي أصبحت تستثمر فيها العديد من الدول العربية مؤخرا؟
❊❊ سمير آيت بلقاسم: الدبلجة بحر واسع يمكن لهواة السينما الإبحار فيه والاحتكاك بجميع الثقافات، فتجربتي في ترجمة مختلف الأفلام إلى اللغة الامازيغية ألهمتني وقدّمت لي رؤية جديدة عن السينما، ما جعلني أنقل المشاهدين في رحلة بلا حدود من خلال هذه الأفلام المدبلجة لاكتشافات مختلف الثقافات.
ولعل نقص الإنتاج السينمائي هو الذي جعل العديد من الدول حاليا، تهتم بفن الدبلجة، والذي يعتبر صعبا نتيجة وجوب استعمال العديد من التقنيات، خاصة المتعلقة بتوافق الكلمات المترجمة، مع حركات شفاه الممثل الحقيقي في الفيلم، وكذا الاستعانة بممثلين حقيقيين يمكنهم التعبير عن مشاعرهم بالكلمات.
فالعديد من الممثلين رغم خبرتهم في التمثيل إلا أن الدبلجة ليست بالسهلة عليهم، خاصة وأنهم سيعتمدون فقط على التعبير بالكلمات دون ملامح الوجه، ووضع نفسه في مكان الممثل وتتبع حركات شفاهه، وأنا شخصيا اخترت هذا المجال الخاص بالأطفال الصغار، كون هذه الشريحة مهمشة بمنطقة القبائل، ولا يوجد هناك أفلام تربوية وتثقيفية خاصة بها، وتجربتي الخاصة في فيلم “ليمشوشو” و«بوشي” أعطى لي دفعا للعطاء أكثر والاهتمام بهذه الشريحة لأنها هي التي تحمل المشعل من بعدنا.
 ❊ وماذا تقترحون لتطوير هذا المجال في الجزائر؟
❊❊ كما قلت في البداية لابد من جعل الدبلجة مهنة سينمائية محترفة من أجل ترقيتها، والعمل على تكوين ممثلين فكاهيين في المجال، وذلك بإرشادهم نحو معاهد مختصة، مثلما هو معمول به في الدول الأجنبية، على غرار كندا التي اكتسحت تقدما كبيرا في المجال، وأنا شخصيا انطلقت من دبلجة الرسوم المتحركة، لكن بعد النجاح الكبير انتقلت إلى الأفلام، على غرار كيكي واحد واثنان، وهي تجربة فريدة من نوعها، لحبذا لو اهتم الكثير من المنتجين بهذا الفن الراقي لترجمة العديد من الأفلام إلى اللغة الامازيغية، شريطة أن يكون ذلك باحترافية، فليس من هب ودب يمكنه أن يقوم بترجمة الأفلام.  
 ❊ اجتاحت الأسواق مؤخرا العديد من الأفلام السينمائية المدبلجة للغة الامازيغية، ما رأيكم في ذلك؟
❊❊ بالفعل شهدت الساحة الفنية مؤخرا ظهور عدة أفلام مدبلجة إلى الامازيغية، وهذا أمر يحفّز على تحسين الإنتاج، لأن عامل المنافسة مهم في هذه المرحلة لبذل مجهودات أكبر لإرضاء الجمهور، ولا تعني المنافسة الإنتاج من أجل إنتاج أكبر عدد من الأفلام والحصول على أرباح أوفر، فهذا الأمر لا يخدم السينما بل يقضي عليها.
علينا أن نقدّم إنتاجات تنال إعجاب الجمهور مثلما هو الشأن بالنسبة للدراما التركية، التي تعرف أي إقبال إلا حين تم ترجمتها إلى اللغة العربية، أين عرفت نجاحا باهرا.
 ❊ هل سبق وأن طلبتم مساعدة من قبل التلفزيون الوطني أو القناة الرابعة للأمازيغية، للنهوض أكثر بمجال الدبلجة؟
❊❊ لم يسبق لي وأن طلبت من التلفزة الوطنية أو القناة الناطقة بالأمازيغية أي دعم مادي، ولكن في سنة 2009 أودعت ملفا من أجل إقامة اتفاقية عمل مشتركة معهما، حيث أردت أن أقوم بدبلجة الأفلام من كل اللغات، وبثها في التلفزة الوطنية بدل اللجوء إلى الدول العربية وشراء أفلام مدبلجة بملايير الدينارات، إلا أنني لم أتلق أي رد على هذا المشروع، ولكن رغم ذلك فكل الأفلام التي تم دبلجتها إلى حد الساعة لقيت رواجا في المجتمع القبائلي، وحتى في الدول الغربية، على غرار كندا، ففيلم “لموشوشو” أحدث ضجة كبيرة في منطقة كيبك المعروفة باستقبالها الكبير للمهاجرين الجزائريين.
  ❊ ماذا عن وسائل الإعلام في تطوير الدبلجة؟
❊❊ للأسف الوسائل الإعلامية مثل الإذاعة والتلفزيون لا تهتم بالأفلام المدبلجة إلى اللغة الامازيغية، بالرغم من أن نجاح هذه الأفلام متوقف على هذه الوسائل، فنادرا ما نشاهد فيلما مدبلجا إلى اللغة القبائلية على القنوات الوطنية، خاصة وأن هذه الأفلام تمكنت من إعادة اللمة العائلية.
فجميع أفراد العائلة يجتمعون على الشاشة لمشاهدة هذه الأفلام، وقد تمكنت من استعادة إحدى التقاليد المعروفة بمنطقة القبائل والمتمثلة في الاجتماع بعد العشاء من أجل رواية القصص.
وأدعو السلطات المسيّرة لقطاع الإعلام والاتصال أن تعطي مكانة لدبلجة الأفلام الامازيغية في برامجها التلفزيونية، إلى جانب دعمها ماديا ومعنويا.
 ❊ ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
❊❊ أنا بصدد التحضير لدبلجة فيلمين، الأول يتمثل في دبلجة الفيلم الهندي “فيزرا” إلى اللغة القبائلية وهي أول تجربة على المستوى الوطني، أين تترجم قصة عاطفية، كما حاولت دبلجة هذا الفيلم وفق الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع القبائلي، إلى جانب دبلجة فيلم “الأفيون والعصا” المقتبس عن رواية الأديب الراحل مولود معمري، لتمكين سكان المناطق التي تتحدث بالأمازيغية مشاهدته، خاصة المسنين منهم، فحلمي أن أقوم بدبلجته خدمة للتاريخ والثقافة الامازيغية. وفي إطار آخر، فنحن بصدد التحضير لإنتاج فيلم للرسوم المتحركة باللهجة القبائلية إرضاءً للبراعم الصغار.